منذ 10 سنوات نما حب التراث لدى خالد محمد الحمل، حتى حوله إلى إنسان آخر، همه الأول والأخير ان يحافظ على التراث، يخاف بشدة من نسيان الماضي، تحول منزله إلى متحف، يجمع فيه كل شيء. بدأ هوايته من خلال 4 قطع أثرية حصل عليها من جدته ووالدته، هي عبارة عن صندوقين يحفظان مستلزمات الزينة لدى النساء سابقاً، ومكحلتين، وأصبح اليوم يمتلك نفائس تبهر زائري متحفه، يستقطع جزءا كبيرا من راتبه ليخصصه لهذه الهواية المكلفة بدرجة كبيرة، أنفق خلال السنوات الماضية عشرات آلالاف على هذه الهواية. حين تدخل إلى متحفه الصغير الذي يحتل نصف منزله تقريباً، ستفاجأ بأشياء جميلة وغريبة في آن، فهناك ركن لبائع (الكاز)، وصاحب (الكاري)، وغرفة معيشة مصممة على النمط القديم وكل محتوياتها قديمة مثل السرير وأدوات الزينة. بالإضافة إلى عدد من المخطوطات، التي يقول ان البحث عنها متعب ومكلف، حتى ان البعض يعتبرها تجارة مربحة، تدر الملايين، وبصراحة أنا لا أركز على المخطوطات، فما لدي منها قليل. عشق مكلف يقول: لم أتوقع قبل ان أبدأ ممارسة هذه الهواية ان يصل بي عشقي للتراث إلى ما وصلت إليه، أصبح كل همي ان أتقصى عن التراث وأقتني ما يمكن ان اقتنيه، اختصرت كثيرا من مصروفاتي ومصروف أسرتي لكي أجمع تراث الآباء والأجداد، حتى ضاق منزلي بما اقتنيته. لم تعد الهواية مكلفة لدى خالد الحمل فقط، بل أصبحت هماً على قلبه، يقول: تأخذ هذه الهواية الكثير من وقتي، سواءً في الترتيب أو التنظيم أو التصنيف، فلا يمكن لمقتني التراث ان يقتني فقط، بل عليه ان يجمعها ثم يصنفها بشكل يليق بقيمتها التاريخية، ويسهل على من يراها ان يقرأ معالمها بشكل جيد. لكل طريقته وإذا كان جمع التراث لدى البعض أمرا كلاسيكيا جامدا، فإنه لدى الحمل مختلف، لابد فيه من التطوير والابتكار، يقول: في الأحساء عدد كبير من مقتني التراث والأثريات، ولكنك حين تزور متاحفهم ستجدها مختلفة، فلكل واحد منهم طريقته في الجمع والتصنيف وطرق الحفظ، وهذا ما يميز أحدهم عن الآخر. يضيف: استقطعت مكاناً في منزلي ليكون متحفاً، وكان ذلك على حساب الضيوف، فأغلب مقتنياتي احتفظ بها في المجلس، وبإمكان من يزورني ان يشاهد مقتنياتي ويستمتع بما في المكان من تراث وآثار نادرة. رحلات سفر جمع التراث لم يقتصر على الأحساء، بل دفع الحمل إلى السفر إلى أماكن أخرى، مثل البحرين والكويت وقطر، يقول: الحمد لله، كما ترى أمتلك الكثير وأحاول اقتناء الكثير. حاولنا ان نعرف المقتنى المفضل لدى الحمل، فرد: صدقني لا فرق لدي بين قطعة وأخرى، فالقيمة هي في الشيء نفسه، والأمر أشبه ما يكون بالأب، الذي لا يستطيع ان يفضل ولدا على آخر، رغم ان هناك بعض المقتنيات تتجاوز قيمتها 15 ألف ريال، مثل الخُمرة (دلة القهوة الكبيرة)، وهناك ما هو أغلى منها، والتي تتجاوز قيمتها 20 ألفاً وحتى 30 ألف ريال. المشاركة في المهرجانات سألناه: ماذا تتمنى؟ فقال: الأماني كثيرة، ولكن أهمها المشاركة في المهرجانات، سواءً التي تعقد داخل أو خارج المملكة، التي تشارك بها جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، كما أتمنى من الزملاء مقتني التراث والآثار في الأحساء، ان ننسق مع بعضنا. ناد للتراثيين الحلم الأكبر لدى الحمل هو: إنشاء ناد لمحبي هذا المجال، لكي يساهم في تنميته في المجتمع، فالمجتمع المتقدم هو الذي يحافظ على تاريخه وتراثه. وهناك مبتدئون يجب ان يؤخذ بأيديهم. كما ان هذا النادي الذي سيضم معرضاً ستتاح من خلاله الفرصة للطلاب سواء كانوا في المدارس أو الجامعات، ومن الجنسين، لمعرفة تاريخهم، ويمكن ان يتبنى القطاع الخاص ممثلاً في الغرفة التجارية الفكرة، بحيث تؤخذ رسوم رمزية من كل زائر (ريالين مثلاً)، والعوائد يصرف منها على المتحف، وإذا كانت العوائد كبيرة فيعطى شيء منها لأصحاب المعروضات، الذين يحتفظون بملكية القطع. نصائح وينصح الحمل كل من يسعى لجمع التراث بالصبر والمثابرة دون النظر إلى التكلفة.. يقول: كنت أحسب المبالغ التي أنفقها، فوجدت المبلغ يتضخم يوماً بعد يوم، فتوقفت عن الحساب، ووجدت ان من العيب ان يحسب المرء كم ينفق على ما يحب. ممسكاً باحدى المخطوطات في متحفه كاري بائع الكاز