اقامت الجمعية العمانية للفنون التشكيلية خلال الفترة الاخيرة معرضين الاول للشباب وهو السادس في سلسلة هذا المعرض الذي يهتم بالمواهب ورعايتهم اما المعرض الاهم والاقدم فهو المعرض السنوي الذي يقام في دورته العاشرة مع مرور عشرة اعوام على اشهار الجمعية العمانية للفنون التشكيلية ومتزامنا مع احتفالات السلطنة بعيدها الثاني والثلاثين. المعرض يخضع لعملية تحكيم اعتيد اختيار اعضائها من خارج (سلطنة عمان) وتمثلت هذه الدورة في الفنان العراقي شوكت الربيعي والفنان الاردني محمد العامري والفنان السعودي د. حمزة باجودة والثلاثة لهم اسهامات نقدية على المستوى الصحفي او التاليف فالربيعي هو مؤسس جماعة الجنوب للفنون التشكيلية وحاصل على جوائز من بينها جائز النقد الفني وجائزة رئيس الجمهورية اما العامري فهو رئيس رابطة الفنانين التشكليين الاردنيين وله كتاب فن الجرافيك في الاردن وغيره اما باجودة فله ابحاث منشورة في مجال التربية الفنية والفن لكنها غير مطبوعة. اعمال المعرض المقدمة للخمسين اسما تراوحت بين محاولات بدت مبتدئة او اولية وبين تجريبات مختلفة وبين اتجاهات معروفة وهذا المعرض حسب ما يظهر مجال لمشاركة فناني السلطنة بكافة فئاتهم وجوائزه تمنح في الرسم او التصوير والخط العربي والنحت والتركيبات والحفر وجائزة كبرى غير محددة. بعض الاسماء المعروفة في حركة التشكيل العمانية شكلوا حضورا في المعرض مثل انور خميس سونيا وهو من اوائل الفنانين واقدمهم ايوب ملنج وحسين عبيد ورشيد عبدالرحمن ومحمد الصايغ ومحمد فاضل وموسى عمر لكن آخرين غابوا مع اهمية بعضهم وحصول البعض الآخر على جوائز في دورات سابقة مثل عبدالله الحنيني وسعود الحنيني وخميس الحنيني والثلاثة اخوة كما غابت نادرة بنت محمود ورابحة بنت محمود وهما اختان وغابت ايضا منى البيتي وسهير فودة والفنان موسى بن صديق المسافر. تجتذب الكتابة والحروف العربية بعض الفنانين وممارسي الرسم العمانيين فكانت مختلفة في الاعمال المتجهة اليها بين توظيف الحرف او الكتابة ضمن صياغة تاليفية في اللوحة او بين مباشرة اقرب الى اعمال الخط العربي ضمن قواعده وانماطه المعروفة، وتمثلت تلك في مشاركة جهاد العمري وسامي الغاوي الذي يتقن خط الثلث ويكتب حروفه كدارس الخط او المتدرب على كتابته مضيفا لجوانب او فراغات ما بين كلماته او مقاطعه زخارف نباتية ملونة، كما تمثل استلهام الكتابة العربية في مشاركة صالح الشكيري، اما عبدالناصر الصائغ فيحاول تأليف كتابته القاعدية ببعض الزخارف الاسلامية، وباضافات لونية يحاول من خلالها منح قطعته الخطية جمالية فنية تبعد عمله عن اطار التقليدية في تناول العبارة المكتوبة، مبارك المعشري كتب (لا) مكررة على انزياحات لونية مختارة ومشغولة بعناية، اما محمد مهدي فلوحته الكتابية لسورة من القرآن الكريم تظهر مدى براعته في تاليف او تصميم كتابته التي تذكرنا ببعض الفنانين العرب، محمد قاسم الصائغ يقترب من عبد الناصر الصائغ في تناول الآية القرآنية مع اختلاف في نوع الخط او العبارة فالتصميم متقارب بين الاخوين وان اضاف محمد قاسم الصائغ زخارف او تشكيلات من التصاميم الشعبية ذات الاصل الزخرفي الاسلامي، ينضم ناجي عوض الى متناولي الحرف والكتابة العربية فيكون لحته من عبارة خلفيتها حروف ثلثية او فارسية وعلى تأليف هندسي، اما اقبال الميمني فحروفه تكوينات يضيف لها خطوط متعامدة ومعينات على نحو تصميمي بسيط. واتجهت بعض الاعمال الى استيحاء الطبيعة او الاماكن لكنها اختلفت بين معالجة مبتدئة متواضعة وحرص على تعبيرية اللون وتأثيره، او اللقطة ذاتها، احمد المشيخي في عمله رمزية كما في لوحة ادريس الهوني الذي يتناول حدثا آنيا، كما تتجه لهذا التناول عائشة المزاحمي وعبدالله العريمي ومحمد حسن ويظهر العريمي ومحمد حسن موضوعا شعبيا وبتلوينات مائية حاولا ان يظهرا من خلاله قدراتهما على التعامل مع الالوان المائية وفق مشهد بحري. وتتناول عالية الفارسي مشهد لمنازل ونخيل بتلوين تعبيري ازدادت لديها علاقة الفاتح بالغامق والاضواء بالظلال وابدى عملها تلقائية محببة في تناول مثل هذه المشاهد المحلية، ويمنح عبدالله الريامي لوحته رمزيتها مع بساطة اختياراته للعناصر، هذه الرمزية تتحول الى شكل من الدرامية عند عبدالمجيد كاروه وهو يتناول وجها لامراة، وتتناول نائلة المعمري موضوعها على نحو رمزي بين المباشرة وبين التجريد فالصورة المرسومة لقلعة قديمة اقرب الى عملية الكولاج في علاقتها بجوانب اللوحة وعناصرها الاخرى اما نعيمة الميمني فعلى غرار التقاط عالية الفارسي مع اختلاف بين في تلويناتها او مقدار بساطة عالية وحرص نعيمة على التفاصيل. اجتذبت التأليفات والتركيبات عددا من الفنانين العمانيين الذين تابعوا مثل هذه الصيغ والمحاولات الاكثر خبرة خلال زيارات بعضهم للبيناليات المقامة على سبيل المثال في القاهرة او في الشارقة او بالمشاركة فيها وقد لاحظنا ان جائزة خصصت لهذا المجال الفني الاحدث في هذا المعرض يظهر الفنان العماني قدرا من الجرأة في التعامل مع بعض الخامات المحلية او المستخدمة مما هو حديث.. يتضح هذا الاتجاه في اعمال غصن الريامي الذي يجمع خامات صناعية غير محدودة في عمل او مساحة واحدة او عند محمد فاضل الذي يوظف جذوع الاشجار او الاخشاب والمعاجين او محمد الصائغ الذي ينشىء مجسمه وفق فكرة وخامة شعبية. اما محمد الناصر فان فكرته مستوحاة من (البطولة) او شكل البرقع الذي تلبسه بعض النساء في بعض مناطق الخليج العربي.. رشيد عبدالرحمن هو الآخر يشكل علاقات مساحته وفق تعبير انساني يستلهم معه شكل هذا الغطاء (البرقع) الشعبي، بينما سالم المرهون يتجه الى رمزية يبنيها من خلال خاماته البسيطة، اما موسى عمر فخاماته ايضا محلية وينشىء لوحته على علاقات مساحية يعالج جزئياتها باهتمام في اظهار تأثير الخامات خاصة المعاجين. ومع الاعداد الاخرى من المشاركين والمشاركات اهتمت نادية البلوشي بتعبيرية اللون وفق علاقات مساحية مجردة، ومنير صادق برسمه الخيل وعلى تأثير حركة التلوين والعناصر المجردة لدى عدنان الرئيسي وتشكيلات عبدالمجيد البلوشي، واستفادة صالح الهديفي من التكعيبية او سيف العامري من علاقات الابيض بالاسود على خلفية موضوع معماري وسليم سخي في بساطته ورمزيته وحسين عبيد في خامته لعمل انساني تجريدي تتبسط فيه المعالجة وتختزل الفكرة والتلوين او تشكيلات وعلاقات جمعة الحارثي المساحية او دوامة ثريا درويش. كما تختزل بدور الريامي عناصرها من فكرة انسانية ويختزل ايوب ملنج عناصره بما يحقق هيئة فكرته النصبية وبساطتها وحداثتها ايضا، ويوظف انور سونيا خامات ومعاجين وينشىء لوحته على نحو تجريبي ومبسط نجدها اكثر بدائية وتعبيرية عند ايمان الزدجالي. من المشاركين في هذا المعرض آسيا الحسني وافتخار السبابي وانعام احمد وثريا درويش وسميرة اليعقوبي وشادية المغيري وعلي المرشودي وماهر الزدجالي ومنى العامري وضحى الغريبي ويونس الرئيسى. اما المعرض السادس للشباب فيرسم صورة البدايات للمشاركين من ناحية اختيار المواضيع او المعالجات الفنية علما ان مرسما في الجمعية العمانية للفنون التشكيلية اهتم مبكرا بالهواة والموهوبين من الجنسين، رسم البعض المناظر الملتقطة من البيئة او الطبيعة المحلية بينما رسم آخرون مظاهر او شخصيات عمانية مثل احمد الريامي. المشهد المحلي تناولته تركية الهادي وحفصة التميمي وعدنان البلوشي وعلي المعمري وفاروق البلوشي وكفاح الرواحي واتجه بدر العنقودي وراشد الشكيلي وصالح النوفلي وفيصل البلوشي وعبدالباسط المعمري الى الكتابة او الزخرفة واجاد الاخير في كتابته خط الديواني احدى المأثورات الاسلامية، محاولات مبشرة لدى فخر أتاج الاسماعيلي وفاروق البلوشي، واسماء الكليب وجميلة الزدجالي وشريفة اليافعي وفهد الزدجالي ومنى الذهب وقد تضمن المعرض مواضيع مختلفة كرسم الطبيعة الصامتة، او المواضيع المحلية، او الرسم عن فلسطين او التأثر بالاتجاهات الفنية الحديثة كما لم تخل بعض الاعمال من الرسم عن صور ضوئية. المعرضان من المعارض الجماعية العمانية يطرحان آخر ابداعات الفنان العماني، ومن كل الفئات في محاولة دعم الفنان والهاوي وتشجيعه، وتحرص الجمعية العمانية للفنون التشكيلية برئيسها طه الشكري انه تمنح اعضاءها فرص حضور المعارض العربية والدولية وعرض اعمالهم خارج السلطنة وقد حققت الجمعية والفنان التشيكلي العماني تطورا وتناميا واضحا في تجربته الفنية التي وصلت الى عدد من عواصم الدول العربية والاجنبية بعروض مشتركة او جماعية. لوحة عالية الفارسي كتابة لسامي الغاوي