تختتم اليوم أعمال القمة الخليجية ال37 التي تستضيفها المنامة ، وسط أجواء دولية إقليمية متشابكة ومعقدة . وتثير قمة "النماء والارتقاء" كما يسميها المختصون تساؤلات عديدة حرص قادة مجلس التعاون على وضع إجابات محددة لها ، عبر ملفات متكاملة فى الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية والدفاعية والثقافية والاجتماعية . ومن أهم هذه الملفات إستكمال خطوات الانتقال نحو الاتحاد الخليجى، وتشكيل هيئة مشتركة لتفعيل وتعزيز برامج التكامل والتعاون المشترك ولا سيما في الملفات الشائكة . وكان من الطبيعى أن تتصدر التدخلات الإيرانية في شؤون دول مجلس التعاون قائمة الملفات السياسية بالإضافة إلى الأوضاع فى اليمن وأسباب استمرار المملكة في حربها ضد الحوثيين وإعادة الشرعية المغتصبة في البلد الشقيق . فضلاً عن ملفات أمنية وعسكرية تتعلق بالأمن القومي لدول المجلس . ومثلما كان الارتقاء بمسيرة التعاون " الخليجي" هدفا أساسياً لقمة البحرين ، لم يغب عن مناقشاتها ومحاورها الأساسية وسائل وأدوات مواجهة التحديات. وبات من الواضح إصرار قادة وزعماء دول المجلس والمشاركين فى القمة على توجيه رسالة قوية لأهل الشر ولكل أعداء المنطقة مفادها أن دول مجلس التعاون ستبقى بحكم روابط الدم واللغة والجوار والمصير المشترك عصية على أية محاولات لزعزعة أمن واستقرار ورفاهية شعوبها والتفافهم حول حكامهم وقادتهم . ولم يغب عن القمة أيضاً، التركيز على القضايا التنموية بدول المجلس ، وبذل كل ما من شأنه النهوض ببرامج التكنولوجيا والتنمية البشرية والبنية التحتية ، في إطار من التنسيق مع الدول الغربية المتقدمة ، وخاصة الدول الحليفة والصديقة ، بهدف جعل المواطن الخليجي في كل دول المجلس مستعداً وقادراً دائماً على التعامل مع التكنولوجيا التي أصبحت العمود الفقري لأي دولة تنشد التقدم . ولعل من حسن الطالع هنا أن تلتقي " تيريزا ماي" رئيسة وزراء بريطانيا قادة دول المجلس ، فى خطوة منها لفتح صفحة جديدة من التعاون فى كافة المجالات بين لندن والعواصم الخليجية وتقوية جسور الثقة والمصالح المشتركة بين الخليج وبريطانيا. ولا سيما في الجانب التجاري والصناعي، حيث تعمل الكثير من الشركات الإنجليزية فى مجال النفط والبتروكيماويات فى معظم الدول الخليجية .فضلاً عن التنسيق الدولي لمكافحة الارهاب ، ومنظمات وجماعات العنف المسلح . ولا تأتي الأهمية غير العادية التى توليها القوى الدولية لقمة المنامة لقمة المنامة من فراغ وإنما من التمثيل العالى للمشاركين فيها من قادة الخليج وفى مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، الذي يحظى بمكانة دولية مرموقة، واحترام كبير من كافة زعماء العالم ورؤساء الحكومات الغربية. ولذا فمن المنتظر لهذه القمة أن تكون بداية حقيقية وفاعلة لتقدم شعوب المنطقة ورفاهيتهم ، والعمل على تقوية التلاحم والتكامل بينهم فى كافة الميادين المهمة والمحورية بين الخليج وكافة الدول التى تدرك أن الخليج أصبح قوة ضاربة ومؤثرة فى القرارت الدولية ليس بما يمتلكه من ثروة نفطية وحسب. وإنما لما يتمتع به قادته من حكمة وروية ووعى شديد بكل خطوات وأهداف العدو قبل الصديقا وإصرارهم على مضاعفة الانجازومواجهة التحديات بالقول والفعل معا ، إضافة إلى إيمانهم الصادق بأنهم كتلة سياسية واقتصادية وعسكرية واحدة لا تتجزأ. وأن ما يمس أمن أى دولة منهم يمس جميع الدول، وهو ما يؤكد عليه دائما الملك سلمان وسمو ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان في الكثير من المناسبات التي تتناول قضايا المنطقة .