قال المهندس ماجد أبوزاهرة رئيس الجمعية الفلكية بجدة: إن القمر يصل مرحلة المحاق يوم الأربعاء 9 مارس 2016 قبل يوم واحد من وصوله نقطة الحضيض القمري – أقرب نقطة في مدار القمر إلى الأرض. وسيكون هذا القمر المحاق أول "قمر عملاق" في العام 2016، وعلى الرغم أنه لن يكون مرصودًا في قبة السماء، ولكن اجتماعه مع الشمس سوف يصنع تأثيرًا أعلى من المعدل على المحيطات على الأرض بالإضافة إلى ذلك فإن هذا "القمر العملاق" سوف يعبر مباشرة أمام الشمس، وينتج كسوفًا كليًا للشمس غير مشاهد بسماء السعودية أو المنطقة العربية. مسار الكسوف الكلي الضيق سوف يعبر بشكل رئيسي المحيط الهادي، حيث سيبدأ ذلك المسار مع شروق الشمس في المحيط الهندي إلى غرب اندونيسيا، ويتجه شرقًا عابرًا المحيط الهندي والهادي حتى ينتهي إلى شمال غرب أمريكا مع غروب الشمس. وبحسب توقيت مكةالمكرمة سوف تشهد أول نقطة على الأرض الكسوف الجزئي عند الساعة 2:19 بعد منتصف الليل فجر الأربعاء، ويبدأ بعد ذلك الكسوف الكلي الساعة 3:15 فجرًا ويصل ذروته العظمى الساعة 4:59 فجرًا، وسيشهد آخر موقع على سطح الأرض نهاية الكسوف الكلي الساعة 6:38 صباحًا، وينتهي الكسوف الجزئي الساعة 7:34 صباحًا. وسوف تكون مدة الكسوف الكلي على مستوى الأرض من البداية إلى النهاية ما يزيد على 3 ساعات وثلث، أما بالنسبة لأي نقطة على سطح الأرض سوف تتراوح مدة الكسوف الكلي من دقيقة ونصف إلى أقصى مدة 4 دقائق و9 ثوانٍ، حيث يغطي القمر قرص الشمس بشكل كلي، وتظهر هالة الشمس التي لا يمكن رؤيتها إلا في وقت الكسوف الكلي، وسوف تكون أفضل المواقع لرؤية الكسوف الكلي أجزاء مختلفة في اندونيسيا. من ناحية أخرى، سيشاهد الكسوف في شكله الجزئي بدرجات متفاوتة في المناطق الواقعة خارج المسار الضيق لظل القمر في هاواي وألاسكا ما بعد الظهر بالتوقيت المحلي، ويشاهد صباحًا في جنوب شرق آسيا، كوريا، اليابان، وشمال وغرب استراليا، وفي معظم الأجزاء من الهند والنيبال ستشرق الشمس مكسوفة جزئيًا. وسوف يحجب قرص الشمس اندونيسيا وماليزيا والفلبين وبابوا غينيا الجديدة بأكثر من 50 % خلف القمر. في حين أن كمبوديا وميانمار وفيتنام، وتايلاند سوف يحتجب 50 %، أما أستراليا والصين واليابان وألاسكا سوف تشاهد كسوفًا جزئيًا أقل من 50 %. وسيكون أهم ما سوف يشاهده الراصدون في مسار ظل القمر -وخلال دقيقة أو نحو ذلك- قبل بداية الكسوف الكلي أن الضوء يخفت بشكل دراماتيكي، وإذا كان الراصد يعتمد على مصدر دقيق للوقت، يمكن إزالة نظارات الحماية بحوالي 10 ثوانٍ قبل بداية كسوف الشمس الكلي، وعندما تصل الحافة الأمامية من القمر إلى الشمس يمكن رؤية "خرزات بيلي" وهي عبارة عن نقاط ضوئية مميزة ترى على حافة قرص القمر وسبب حدوثها هو أن سطح القمر ليس أملسًا بل جبلي لذلك فضوء الشمس يعبر خلال تلك التضاريس. وسوف يتشكل "خاتم الألماس" ويبدأ كسوف الشمس الكلي. خاتم الألماس نقطة واحد براقة من الضوء إضافة إلى حلقة براقة من الضوء تحيط بقرص القمر المظلم والذي يستمر لفترة قصيرة وهو يعبر خلال الأودية العميقة التي تواجه الأرض على حافة القمر. عين الرصد سريعًا سوف تتكيف مع مستوى الضوء المنخفض الجديد، ومع تكيف العين فإن هالة الشمس تصبح مرئية، هذه الهالة تتكون من غاز في غاية السخونة مشحون كهربائيًا -البلازما- تبلغ حرارتها 2 مليون درجة مئوية وتمتد ملايين الكيلومترات إلى الخارج نحو الفضاء. الهالة الشمسية سوف تظهر لتبرز وتكبر وهذا فقط نوع من "الخداع البصري" فالهالة الخارجية هي أخفت من الهالة الداخلية، ومع تكيف العين مع الظلمة فإنها تصبح أكثر حساسية ولذلك يصبح الراصد قادرًا على رؤية الأجزاء الخافتة من الهالة الخارجية، ولذلك يبدو أن حجمها يزداد، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا التأثير البصري في غاية الروعة، وسيلاحظ الراصدون في مسار كسوف الشمس الكلي انخفاضًا مفاجئًا لدرجات الحرارة ويحدث اختلاف للضغط. ومع نهاية مرحلة الكسوف الكلي للشمس سيظهر من جديد "خاتم الألماس الثاني" كتوهج في الجانب المعاكس من القمر لخاتم الألماس الأول، وهذا سيبدو أكثر بريق مما كان عليه الأول، وذلك بسبب أن عين الراصد قد تكيفت مع الظلام وظهور خاتم الألماس الثاني هو إشارة لوضع حماية للعين عند النظر للشمس من جديد، حيث يتم الآن استخدام الفلتر أو القيام بعملية لإسقاط صورة الشمس على ورقة بيضاء ولا يجب النظر المباشر لقرص الشمس بعد ذلك لما تبقى من الكسوف لأن القمر سوق يقضي ساعة أخرى في صورة كسوف جزئي وذلك قبل نهاية كامل الظاهرة. وخلال رحلته فإن ظل القمر يتحرك بسرعة حوالي 14.500 كيلومتر فوق سطح الأرض، ويغطي مساحة بطول 14.162 كيلومترًا، وبعرض ضيق يبلغ 156 كيلومترًا فوق سطح الأرض. وعلميًا يستفاد من ظاهرة كسوف الشمس في عدة مجالات، حيث إنها استخدمت في العام 1919 لإثبات صحة النظرية النسبية العامة لأينشتاين والتي تنبأت بحدوث حيود للضوء عندما يعبر بالقرب من الأجسام عالية الكتلة مثل الشمس، وتم تأكيد صحة النظرية، أما في السنوات الأخيرة أصبح كسوف الشمس الكلي يخضع لدراسة الهالة الشمسية التي تبلغ درجة حرارتها ملايين الدرجات المئوية على عكس سطح الشمس البالغ 5500 درجة مئوية فقط، ولا يوجد تفسير لذلك حتى الآن لذلك تستغل هذه الظاهرة للقيام بتخطيط للمجال المغناطيسي في محاولة لفهم هذه الظاهرة، ومحاولة معرفة السبب في قذف كميات ضخمة من البلازما إلى الفضاء عبر مقذوفات الكتل الاهليجية، والبحث في إمكانية التنبؤ بالتوهجات الشمسية والمسبب لها. وهذه الألغاز الرئيسية قد يمكن حلها من خلال معدات متطورة تستخدم في الكسوفات الشمسية المستقبلية، وتعتبر هذه فرصة نادرة لالتقاط صور لمراحل الكسوف المختلفة من خلال استخدام أجهزة تصوير تم تطويرها مؤخرًا. جدير بالذكر، أن أجزاء من السعودية والمنطقة العربية سوف تختبر ما ذكر سابقًا في كسوف الشمس الكلي بعد 11 سنة في أغسطس 2027.