تأتي الجولة الخارجية الهامة للملك سلمان بن عبدالعزيز، والتي تشمل سبع دول آسيوية بدأها – حفظه الله – بزيارة لدولة ماليزيا، أولى المحطات كدولة إسلامية آسيوية بالغة الأهمية من حيث الروابط والعلاقات المشتركة. هذه الزيارات الملكية بلا شك تعزز العلاقات الأخوية بين المملكة وبين هذه الدول، ولها أثر عميق سوف تنعكس آثاره على المدى البعيد لما تمثله المملكة من مكانة دينية في العالم الإسلامي. إن المملكة تولي أهمية قصوى لهذه الجولة، فالصينواليابانوماليزيا خصوصاً، وباقي الدول المعنية بالزيارة على وجه العموم، تقدر المملكة حق قدرها، فهي بلد الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي، ومهوى أفئدة المسلمين، لها تتجه قلوب الملايين من المسلمين مرتين في السنة للحج والعمرة. والحقيقة الجلية هي أن هؤلاء الشركاء الإستراتيجيين مع المملكة، يسعون بجهود حثيثة لرفع القدرة التنافسية والنمو الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري، فالصين مثلاً هي وجهة العالم وتحوله الاقتصادي، وفيها فرص العمل الضخمة عبر شركات الاستثمار المتنوعة. ولذلك فإن النمور الآسيوية تستقبل ضيفها الكبير – خادم الحرمين الشريفين – في زيارته التاريخية لها والتي هي الأولى من نوعها وضخامتها في عهده الميمون. إنها زيارة غير اعتيادية يجتمع فيها كل شيء جميل، فهناك الأخوة وقوة العلاقات والروابط الثنائية والتضامن الإسلامي، والاستثمار وتبادل وجهات النظر، وكذلك زيادة التبادل التجاري، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والتأكيد على أن الدين الإسلامي الحنيف دين محبة وسلام ووسطية وتسامح واعتدال. وكعادة مثل هذه الزيارات الدولية ذات الحجم الثقيل، والتي من المتوقع أن تزخر بالكثير من المعاني السامية، والتي تحمل في طياتها تباشير مفرحة لجميع الأطراف، فهناك الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية، وبالطبع سوف تكون شركة أرامكو السعودية العملاقة، جزءا هاما خصوصاً في الاتفاقيات الاقتصادية، والتي تقف جنباً إلى جنب مع الشركات النفطية الكبرى، مثل بتروناس الماليزية وبترو تشاينا الصينية وغيرهما. هذه الزيارة التي يقوم بها المليك استثنائية بكل ما تحمله من معنى، ولكن لها حكاية بالأرقام يجب أن تروى تجتمع فيها جوانب هامة منها الاحترام المتبادل بين المملكة وهذه الدول، وأيضا حجم التبادل التجاري بينها، فبلغ مع دولة ماليزيا خلال السنوات العشر الماضية (32) مليار ريال، ومع إندونيسيا (504) مليارات ريال خلال عام 2015. أما مع اليابان فقد وصل في عام 2014 إلى 69.1 مليار ريال، وأما الصين فبلغ الأعلى خلال 12 سنة ماضية ب1.73 تريليون دولار. أخيراً هذه مملكة تدفع بالحسنة قبل السيئة، وما جولة المليك - رعاه الله - وأهدافها السامية، إلا نموذج مشرف للعلاقات الدولية.. هي مملكة من مجموعة العشرين تقدم رؤيتها 2030 وتحولها الوطني القادم على يد ملكها وولي عهده وأميرها الشاب ولي ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان للعالم. وهنا دعوة إلى كل وسائل الإعلام الأجنبية إن أرادت أن تنظر إلى المملكة بمنظار واقعي وملموس، بعيدا عن القصص شديدة النقص، أو التي لم تكتمل أو غير الدقيقة في أحيان كثيرة، فعليها أن تنظر إلى كل هذه المعطيات، وأن تتنبأ بظهور نمر سعودي مستقبلا، يقف بين هذه النمور الآسيوية سوف يشار إليه بالبنان.