ضمن جهود ومساعي المملكة العربية السعودية في تعزيز وتطوير العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، ومن أجل توسيع دوائر الاتصال الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي، يبدأ خادم الحرمين الشريفين جولة آسيوية تشمل خمس دول؛ ثلاث دول إسلامية مهمة مثل مملكة ماليزيا وجمهورية إندونيسيا وجمهورية المالديف، ودولتين آسيويتين محوريتين ذواتي تأثير على مجمل القضايا الدولية والاقتصادية وهما الصين واليابان. خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يبدأ اليوم الأحد زيارته لمملكة اتحاد ماليزيا، وهذه الزيارة التي ستكون مستهل جولة خادم الحرمين الشريفين الآسيوية زيارة مهمة تؤكدها نوعية الوفد الوزاري والاقتصادي الذي يرافق الملك سلمان بن عبدالعزيز، فالدولتان لهما ثقلهما الاقتصادي الدولي المعزز بمركزهما السياسي وتأثيرهما في محيطهما الإقليمي والفضاء الدولي، ولماليزيا تجربة ثرية في تطوير اقتصادها وتنمية قدراتها من خلال جملة مبادرات جعلت الكثير من المحللين والكتاب يطلقون عليها لقب «نمر آسيا الاقتصادي». وفعلاً ماليزيا دولة اقتصادية تجعل العمل معها في مجالات التعاون التجاري والاستثماري والصناعي، وشراكة معها في هذه المجالات خاصة وأنها تتناغم مع المملكة العربية السعودية وتتشارك معها في العقيدة والتوجه السياسي وحتى الأمني والعسكري، إذ تشارك مملكة ماليزيا في التحالف العسكري الإسلامي المناهض للإرهاب، ويرتبط البلدان باتفاقية تعاون أمني واستخباراتي لمكافحة الإرهاب وقعت عام 2011، وقد شاركت المملكة في عمليات «عاصفة الحزم» ضمن قوات التحالف لإعادة الشرعية، كما أنها شاركت مع عشرين دولة عربية وإسلامية في مناورات رعد الشمال التي أجريت في نفس هذه الأيام من عام 2016 في أوائل شهر مارس. ويشهد البلدان العديد من الزيارات لكبار المسؤولين، وقد زار المملكة رئيس الوزراء الماليزي في شهر يونيو من عام 2015، كما زارها في مطلع عام 2016، أما قادة المملكة فقد استهل أولى زيارات قادة المملكة الملك فيصل بن عبدالعزيز صيف عام 1970، كما زارها الملك عبدالله بن عبدالعزيز في يناير من عام 2006. وتتميز مملكة ماليزيا بجودة التعليم وبرامج تطوير الموارد البشرية، ولهذا فإن المملكة العربية السعودية ابتعثت لها ألف وخمسمائة طالب سعودي يتلقون تعليمهم العالي في جامعات ماليزيا المرموقة، إضافة إلى عدد من الطلبة السعوديين الذين يدرسون على حسابهم. أما في المجال الاقتصادي فقد بدأت أولى خطوات التعاون والمشاركة الاقتصادية بين السعودية وماليزيا في عام 1395 هجرية الذي شهد توقيع اتفاق تعاون اقتصادي، وساهم إنشاء مجلس الأعمال المشترك في تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ويسعى البلدان إلى رفع مستوى الميزان التجاري إذ لا يزال دون طموحات قادتهما، إذ بلغت صادرات المملكة العربية السعودية إلى مملكة ماليزيا 8243 مليون ريال، فيما بلغت واردات المملكة من ماليزيا في معدل الأعوام الماضية والتي أخذ عام 2013 كمقياس متوسط 4834 مليون ريال، وطبعاً هذه المبالغ لا تتناسب مع قدرة البلدين، ولهذا فإن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وحسب مستوى الوفد الوزاري والاقتصادي ورجال الأعمال فإن المنتظر أن تشهد الزيارة توقيع العديد من مذكرات التفاهم في مجالات التعاون التجاري والاستثماري والاقتصادي، وأن تبرم مذكرات تعاون في مجالات العمل والموارد البشرية، ولعل أولى تباشير تطوير التعاون الاستثماري عزم شركة أرامكو إقامة محطة تكرير للنفط في ماليزيا لخدمة البلد والمنطقة المحيطة بها.