بدا موقف الرياض في مؤتمر الأمن والسلام في العراق الذي انعقد أمس في العاصمة الفرنسية باريس، واضحا تجاه ضرورة استمرار التحالف الدولي الخاص بمكافحة "داعش" لمدة 10 سنوات قادمة، وذلك وفقا لما جاء على لسان وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل، إذ أكد أن ذلك سيكون ضمانا للقضاء على ظاهرة الإرهاب "البغيضة". وشدد الفيصل في كلمته أمام مؤتمر باريس بالقول: "كما أن الإرهاب لم يتوقف بالقضاء على "بن لادن" ودحر القاعدة، فإن نهايته لن تكون محسومة بالقضاء على "داعش"، وهو ما دعاه لطرح فكرة استمرار شكل التحالف لمدة 10 سنوات. وزير الخارجية السعودي، ركز على أهمية ألا يستثنى وجود تنظيم "داعش" على الأراضي السورية من أي تحرك عسكري لضربه في الجارة العراقية، مشيرا إلى أن التهديد الذي يمثله هذا التنظيم تجاوز في جغرافيته العراق والشام، وبات يشكل خطرا يهدد الجميع ويستدعي محاربته والتصدي له بروح جماعية تقي الدول مخاطره ونتائجه. أكدت المملكة العربية السعودية أن التهديد الذي يمثله تنظيم "داعش" قد تجاوز في جغرافيته العراق والشام، وبات يشكل خطرا يهدد الجميع، ويستدعي محاربته والتصدي له بروح جماعية، تقي الدول مخاطره ونتائجه، وإذ إن هذا التنظيم قد وجد في أرض سورية بحكم طبيعة نظام الأسد أرضا خصبة للتدريب وتلقي العتاد والتحرك بحرية دونما عرقلة أو ضوابط، فلا بد لأي استراتيجية لضرب "داعش" من أن تشمل أماكن وجوده على الأرض السورية. جاء ذلك في مداخلة لوزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، خلال مؤتمر الأمن والسلام في العراق، الذي بدأ في وقت سابق أمس بالعاصمة الفرنسية باريس. وأضاف الفيصل: إننا نرى أهمية توفير كل أشكال الدعم الضروري للمعارضة السورية المعتدلة المتمثلة في الائتلاف الوطني؛ لتمكينها من التصدي المزدوج لتنظيم "داعش"، ولنظام يعمل على تغذية هذا التنظيم والاستفادة منه لضرب المعارضة السورية المشروعة، واستغلاله كذراع إضافية لإيقاع مزيد من المعاناة والعذاب على الشعب السوري المنكوب. وفي سياق الإجراءات أو الترتيبات التي يمكن أن يوصي بها المؤتمر للتخفيف من المعاناة الإنسانية التي تسبب فيها "داعش" في المناطق التي تعرضت لفظائع وتجاوزات هذا التنظيم الإرهابي، التي طالت السكان الأبرياء في تلك المناطق، وهنا يمكن الإشارة إلى ما سبق لحكومة خادم الحرمين الشريفين من تخصيص مبلغ "500 مليون" دولار أميركي لتغطية الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي، وستستمر حكومة بلادي بمؤازرة العراق الشقيق إلى أن يستعيد عافيته. تود حكومة المملكة العربية السعودية أن توضح في سياق أعمال مؤتمرنا هذا أن محاربة الإرهاب مسألة لن تنتهي بمعركة واحدة أو خلال فترة قصيرة، بل كل الدلائل تشير إلى أن هذه المواجهة سيطول أمدها، ولن تكون خاتمتها بالانتصار على "داعش" مع حتمية هذا الأمر، فكما أن الارهاب لم يتوقف بالقضاء على "بن لادن" ودحر القاعدة، فإن نهايته لن تكون محسومة بالقضاء على "داعش"، ومن هذا المنطلق فإننا نرى ضرورة أن يستمر هيكل التنظيم المزمع إقامته لمحاربة "داعش" على الأقل 10 سنوات؛ حتى نضمن زوال هذه الظاهرة البغيضة. وقال وزير الخارجية: "يأتي الاجتماع بعد تطورات سياسية وأمنية عاصفة شهدتها الساحة العراقية، التي تضع هذا البلد أمام مفترق طرق بين ماضٍٍ شهد حالة من الاضطراب السياسي والعنف الطائفي وأشكال التدخل الخارجي المصحوبة بتحديات هددت سيادته ووحدته الوطنية، ويمثل حاضره فرصة لخروجه من هذا المأزق مع قيام حكومة جديدة نأمل أن يتوافر فيها التوازن السياسي الذي افتقدته الحكومة السابقة، ورئيس للدولة يوفر ضمانة للدستور، راعيا لأمن واستقرار الوطن كما في كلمة الرئيس فؤاد معصوم". وأضاف الفيصل: إن من حق العراق علينا أن نؤازره في مواجهة ما يهدد سلمه الأهلي، موفرين للحكومة ورئيس الدولة الجديد ما يساعدهما على المضي قدما في تطبيق أوجه الإصلاح السياسي المطلوب، والعمل على تحقيق متطلبات الحكم الرشيد وتكريس العدالة وتحقيق المساواة بين مكونات الشعب العراقي، في إطار من الضمانات المؤسسية كما ورد في كلمة وزير الخارجية إبراهيم الجعفري. وقال وزير الخارجية: الشيء الثاني الذي يمكن الإشارة إليه أن تحدي "داعش" الذي تواجهه الحكومة العراقية لا يعدو أن يكون شكلا من أشكال الإرهاب العابر للحدود والقارات، الذي فرضته جملة من المعطيات الفكرية والسياسية والأمنية، التي تجتاح منطقتنا، ووفرت لهذا التنظيم أرضية خصبة استغلها لتحقيق مآربه ومآرب من يستفيدون منه تحت غطاء الدين الإسلامي، الذي هو براء منهم ومن أفكارهم وأفعالهم. وأعرب الفيصل عن شكره للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وللحكومة الفرنسية على الجهود في الإعداد لهذا المؤتمر المهم، الذي يتوقف على نتائجه الشيء الكثير بالنسبة لحاضر ومستقبل العراق في ظل التحديات التي يواجهها. كما أعرب عن الترحيب بالرئيس العراقي الدكتور فؤاد معصوم، متمنيا للعراق الشقيق الوحدة والأمن والاستقرار والرخاء. وبدأت أمس في باريس أعمال المؤتمر الدولي حول الأمن في العراق بمشاركة 30 دولة عربية وغربية. ورأس وفد المملكة إلى المؤتمر وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل. ..و"ائتلاف علاوي": المؤتمر أحدث تغييرا في السياسة الخارجية بغداد: علاء حسن أكد "ائتلاف الوطنية" الذي يتزعمه نائب الرئيس العراقي إياد علاوي، أمس، أن مؤتمر باريس المنعقد بمشاركة العراق ممثلا برئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري، أحدث تغييرا ملحوظا في سياسية العراق الخارجية. وقالت المتحدثة باسم الائتلاف، النائبة ميسون الدملوجي، إن "العراق كان وحيدا طيلة السنوات الثماني الماضية، يحارب الإرهاب والمجاميع المسلحة، وسط غياب دولي، بسبب السياسات التي انتهجتها الحكومة السابقة"، مبينة أنه "في ظل السياسة الحالية للحكومة والبرلمان الجديدين، فضلا عن الخطر الذي لحق بالعراق والمنطقة، جعل العالم يتبع وجهة جديدة للسياسة الخارجية تجاه العراق، ولا سيما من الدول العربية الشقيقة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي أبدت دعمها للعراق وشعبه في محاربة الإرهاب"، مشيرة إلى أن "مؤتمر باريس الذي يشارك فيه العراق بنخبة سياسية عالية المستوى، تعطي انطباعا إيجابيا نحو تغيير السياسة الخارجية تجاه العراق من خلال الرغبة في دعمه عسكريا واقتصاديا، فضلا عن تعميق العلاقات بشكل كبير وإيجابي، خاصة أن بعض الدول التي أعلنت أكثر من مرة قطيعتها للعراق في وقت سابق". وفيما رحبت قوى سياسية بعقد مؤتمر باريس، أعربت عن أملها في أن يخرج بتوصيات لها وقعها الحقيقي على الأرض، ومن بينها اقتلاع "داعش" من جذوره، وتنظيم الدعم العسكري والاستخباراتي للعراق.
المجموعة الدولية تدعم بغداد ب"كل الوسائل" للقضاء على الإرهاب باريس: أ ف ب وعدت المجموعة الدولية خلال مؤتمر عقد أمس في باريس حول أمن العراق بدعم بغداد "بكل الوسائل الضرورية" وبينها العسكرية في حملة التصدي لتنظيم "الدولة الإسلامية" وأكد "ضرورة" طرد مسلحيه من شمال البلاد. وأكدت 30 دولة ومنظمة حضرت الاجتماع أن المشاركين في "مؤتمر باريس يؤكدون أن داعش تشكل تهديدا للعراق ولمجموع الأسرة الدولية". وأفاد البيان الختامي أن "المشاركين شددوا على ضرورة القضاء على التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها في العراق". وتعهدوا لهذه الغاية "دعم الحكومة العراقية الجديدة بكل الوسائل الضرورية وضمنها تقديم مساعدات عسكرية مناسبة". وسيتم تقديم هذا الدعم "مع احترام القانون الدولي وأمن السكان المدنيين" كما جاء في الوثيقة الختامية. وامتنع المشاركون في الاجتماع عن إعطاء أي إشارة حول الوضع في سورية فيما تعتزم الولاياتالمتحدة توسيع ضرباتها الجوية ضد مواقع الدولة الإسلامية في هذا البلد. من جهته، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس على هامش مؤتمر باريس، أن بلاده ستقدم "مساهمة" في الجهود العسكرية الدولية ضد التنظيم المتطرف. وأضاف أن هذه "المساهمة" ستخصص لدعم الحكومة العراقية "كي نتأكد أنها قادرة على محاربة الإرهابيين لضمان أمن الدولة". من جهته، صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن "الاجتماع يبعث على الأمل رغم خطورة الوضع"، مشيدا بمشاركة "30 دولة هي بين الأقوى في العالم ومتباينة جغرافيا وأيديولوجيا لكنها كلها تقول (قررنا أن نكافح داعش)". وأضاف "كثيرون شددوا هذا الصباح (أمس) على ضرورة وقف تمويل هذه المجموعة الإرهابية، وسيعقد مؤتمر قريبا بمبادرة من أصدقائنا في البحرين حول هذا الأمر". وكان الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند والعراق فؤاد معصوم وجها عند افتتاح المؤتمر نداء عاجلا من أجل التزام دولي ضد المتطرفين الإسلاميين. وقال هولاند "إن معركة العراقيين ضد الإرهاب هي معركتنا أيضا. علينا الالتزام بوضوح وصدق وقوة إلى جانب الحكومة العراقية". وأضاف "لا وقت نضيعه"، مشددا على "التهديد الإرهابي الكبير" الذي يمثله التنظيم إزاء "العراق والمنطقة والعالم". وضم مؤتمر باريس ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي و10 دول عربية وأوروبية. وذكر هولاند بأن تنظيم الدولة الإسلامية يتعرض أيضا "للضعفاء والنساء والأطفال والأقليات الدينية". وقال إنه يطرح "تهديدا عالميا يتطلب ردا عالميا". من جهته، أعلن معصوم أن تنظيم الدولة الإسلامية "مارس جرائم إبادة جماعية وتطهيرا عرقيا ودينيا ضد الآلاف من المواطنين، وكان معصوم دعا في مقابلة قبيل افتتاح المؤتمر إلى تدخل جوي عاجل في العراق". والهدف الأساسي من مؤتمر باريس كان تحديد الأدوار العسكرية والمالية والاستخباراتية لكل دولة من الائتلاف. وذكر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن أهداف المؤتمر سياسية (دعم الحكومة العراقية) وأمنية وإنسانية، مشيرا إلى أن الأزمة أدت إلى نزوح 1,8 مليون شخص. وأعلنت فرنسا أنها ستنفذ الطلعات الاسكتشافية الأولى في العراق اعتبارا من أمس. وأكد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في قاعدة الظفرة في الإمارات "اعتبارا من صباح أمس، سنقوم بأولى الطلعات الاستكشافية بموافقة السلطات العراقية والسلطات الإماراتية". وأعربت الولاياتالمتحدة أمس عن معارضتها للتعاون العسكري مع إيران في العراق، إلا أنها أعلنت أنها منفتحة على إجراء مزيد من المحادثات بعد ساعات من إعلان طهران رفضها مبادرات أميركية للمساعدة في القتال ضد الإسلاميين المتطرفين. وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي للصحفيين بعد فترة قصيرة من انتهاء مؤتمر كبير في باريس حول هذه المسألة لم تدع إليه طهران "نحن لا ننسق ولن ننسق عسكريا (مع طهران)، وربما تتاح فرصة أخرى، في المستقبل لمناقشة مسألة العراق". وكان أوباما أعلن الأربعاء الماضي توسيع نطاق الضربات الجوية الأميركية أبعد من العراق، حيث سيتم نشر 1600 عسكري أميركي لدعم القوات العراقية لجهة العتاد والتدريب والاستخبارات، إلا أن فرنسا وبريطانيا أبدتا ترددا إذ تخشيان تعزيز موقف الرئيس السوري بشار الأسد. وشدد هولاند على أن "الفوضى تصب في صالح الإرهابيين. ينبغي بالتالي دعم الجهات القادرة على التفاوض والقيام بالتسويات الضرورية حفاظا على مستقبل سورية". وقال إن هذه القوى "هي بنظر فرنسا قوى المعارضة الديموقراطية" داعيا إلى "دعمها بكل السبل". من جانب آخر، قال وزير الخارجية النرويجي إنه يفكر في مساهمة عسكرية لمحاربة المتطرفين في تنظيم الدولة الإسلامية، فيما يبدو أنه تبدل في موقف بلاده.