شيخ علكم إلى رحمة الله    موقف سالم الدوسري من لقاء الخليج    الميدالية الفخرية لأم القرى    المملكة تدين قصف قوات الاحتلال لمستشفى المعمداني في غزة    استشهاد أربعة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    افتتاح الجناح السعودي بإكسبو أوساكا    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية    ريال مدريد يتغلب على آلافيس ويواصل مطاردة برشلونة في الصدارة    وزير الاقتصاد والتخطيط: رأس المال البشري يقود الثروات وينميها    السعودية تحصد الجائزة الكبرى و124 ميدالية في معرض جنيف الدولي    700 قاضٍ يكملون الفصل الأول من الدبلوم العالي للقانون الجنائي    وزير الشؤون الإسلامية يوجه خطباء الجوامع بالحديث عن ظاهرة الإسراف والتبذير في الولائم    الرياض تختتم أعمال الطاولة الوزارية لتنمية القدرات البشرية بمشاركة 20 وزيرًا عالميًا    عبدالله بن فهد : ختام مميز لجولة الرياض يعكس عراقة الجياد العربية    أمانة الشرقية وجمعية بناء يناقشان سبل تقديم الدعم لرعاية الأيتام    مجمع الدمام ينقذ مريضة من نزيف يهدد حياتها    أمير الرياض يستقبل محافظ الخرج    تمديد أعمال المسح للمنشآت الصناعية بالسعودية إلى 4 مايو 2025    الصحة القابضة توقّع اتفاقية شراكة مع جامعة IESE لتطوير برامج القيادة التنفيذية    التعامل مع الثعلبة البقعيّة: فهمها، تشخيصها، وعلاجها    شيخ شمل قبائل علكم عسير في ذمة الله    رياح نشطة وأتربة مثارة على الرياض والشرقية    السعودية تدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر وأسفرت عن عدد من القتلى و الجرحى    فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بجازان يطلق اليوم ندوة حوارية    اليوم العالمي للرحلة البشرية إلى الفضاء يسجّل سعي المملكة الحثيث للريادة    السعودية تكشف 5 إجراءات قبل موسم الحج 2025 حفاظا على سلامة الحجاج    إيقاف البرامج وإلغاء الترخيص عند المخالفة.."التعليم الإلكتروني": الشهادات الإلكترونية تعادل شهادات التعليم الحضوري    896 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية في أسبوع    ممتاز الطائرة : الهلال يكسب ضمك .. والخليج يتغلب على الاتحاد    وزير الطاقة ونظيره الأمريكي يبحثان فرص التعاون    موسم الدرعية يودع زواره بعد تجارب في الفنون والتراث    الخلاف الإكسي من منفوحة إلى روكسي!    إيران وأمريكا تختتمان جولة محادثات على طاولة النووي    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    حقق لقبه الدولي السادس خلال 2025.. آل نصفان يتوج بلقب البطولة العربية للاسكواش    مهلة تصحيحية 90 يوماً لمخالفات توزيع الغاز للمساكن    الصحة تعزز الوعي المجتمعي بأكبر فعالية للمشي    ديوانية القلم الذهبي تناقش مكانة الأدب وتأثيره    دور استثنائي    الاقتصاد الصيني بين انفجار فقاعة سوق العقارات.. ورسوم الواردات الأميركية    توطين 25 كائنًا فطريًا مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    تراثية المذنب    "دور العيسى".. منارات تراثية تُضاء من جديد    في محبة خالد الفيصل الصالات تشرح مجالس الرجال    Meta متهمة باستغلال المراهقين    موسم الهلال مع جيسوس في خطر    مبادرات إنسانية تصنع الفرح وتسعد القلوب    فريق النهضة للكاراتيه تحت 12 عامًا يتأهل للدوري الممتاز    أدوية القلق تغير سلوكيات السلمون    قرنية أمريكي تعيد النظر لسعودي وسورية    نغيث حتى الفكر    الزواج الآمن    إمام المسجد النبوي: تذكُّر الآخرة يُثبّت المرء على الطاعة    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    "الحياة الفطرية" تؤكد: جراء الذئاب الرهيبة المعلن عن ولادتها مجرد ذئاب رمادية معدلة وراثيًا    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    الحسد    









الدوائر المتداخلة بين التعليم والتسويق (2)
نشر في الوطن يوم 21 - 12 - 2019

استكمالا للمقال المنشور في الأسبوع الماضي، أعود هنا للحديث عن مساحات التشابه بين التعليم العالي والتسويق. وأدرك أن نموذجنا التعليمي مختلف، لكني أظن أن تسليط الضوء على هذه الزاوية مهم جدا في الوقت الحاضر، تزامنا مع سعة الاحتمالات والطموحات في نظام الجامعات الجديد.
التعليم والتسويق علمان قائمان على القصص، إذ تشكل القصص جزءا مهما في علم التسويق، ولذلك تخلق الشركات قصصا مشتركة مع الزبائن، وتحرص على أن تشكل جزءا من ذكرياتهم وواقعهم. هذا الاستثمار طويل الأجل يؤتي ثماره ويضمن بقاء المنتج أو الخدمة في السوق، لأنها من الناس وإليهم، من منا مثلا ينكر ارتباط شهر رمضان في أذهاننا بمنتجات وأطباق محددة قد لا نتذكرها ولا نتناولها إلا في هذا الشهر الكريم، مع أنها موجودة في السوق على مدار العام؟ ولعل ما حدث أخيرا من إهداء إحدى الشركات العالمية سيارة عائلية لطفل نشر ذووه صورته وهو يقبل السيارة في إحدى صالات العرض، يبرهن على حرص الشركات على التسويق من خلال المواقف والقصص العفوية، لأن البشر قد ينسون كل شيء إلا المشاعر المرتبطة بالقصص. بالمثل يمكن بل يجب على الأستاذ أو المؤسسة التعليمية خلق القصص مع طلابهم باستمرار، تحديدا قصص الإلهام التي يشعر الطالب أنه جزء منها ويمكنه صناعة ومشاركة قصة مثلها. وفي التعليم، للقصص قدرة رهيبة على نقل المعارف بشرط ألا تصبح القصة أهم من المحتوى المعرفي.
ومع أن التسويق يذكرنا تلقائيا بالتنافسية والسعي إلى استدامة الربحية، إلا أن التسويق الناجح يحمي أخلاقيات العمل والمصالح المتعلقة بجميع أطرافه، خصوصا ما يتعلق منها بالقوى البشرية، لهذا تستثمر الشركات والمؤسسات الذكية في التدريب والتطوير والترفيه وخلق الولاءات بين الإدارة والقوى البشرية، وكذلك في استقطاب العناصر الأفضل ومنحهم أسبابا ليبقوا، وحرية كافية ليقوموا بمهامهم وأعمالهم على أكمل وجه، ولهذا أيضا تغلق الشركات الأنانية أبوابها وتخسر تصاريحها المهنية وزبائنها في الأسواق المفتوحة. ولعل انهيار شركة قطارات بريطانية شهيرة أخيرا لفشلها في تحسين عقود موظفيها في سن التقاعد يبرهن على أن التسويق لا يخدم المؤسسات الأنانية، وأن السقوط الفعلي أو المعنوي المدوي هو المصير الحتمي لأي منتج أو خدمة تهمل العناصر البشرية من موظفين أو مستهلكين.
باختصار، المشروع الناجح يهتم بالعنصر البشري قبل التسويق وأثناءه وبعده، ويكيّف كل العناصر الأخرى لخدمة البشر المرتبطين بالمشروع، كما يرتقي بالخدمة أو السلعة لتطلعات المستهلك، ولا يطلب من المستهلك الخضوع لإمكانات الخدمة أو السلعة. وهذا يمثل ما نرجوه ونحلم به في التعليم، نريد تعليما يعلي سقوف التحدي والطموح، ويسمح بالإبداع، ويحقق قيم التعليم الفعال المحفز وعدالة الفرص وتحكيم الكفاءة، مع منح الموظفين المتميزين في التعليم ما يستحقونه من تقدير واهتمام، نريد تعليما يستقطب ويستبقي المميزين فقط، حماية لجناب التعليم، وتحقيقا لمقاصد الربح فيه، باعتباره سوقا استثمارية حقيقية للمستقبل.
أخيرا، لعلنا نتفق أن أهم مهارات التسويق الناجح هي مهارة احترام ثقافة المجتمع وظروفه وبيئته، فمن البدهيات مثلا ألا يطرح المسوق الناجح علاجا للتخمة في بلد يعاني سكانه سوء التغذية. هذه الحساسية العالية التي تميز شركات التسويق الناجحة تضمن الولاء والثقة والربحية معا، فالشركات الناجحة تدرك تماما أن العلاقات الجيدة يستغرق بناؤها عمرا وقد تزول في لحظات معدودة. وهذا ينطبق على المؤسسة التعليمية التي تسعى إلى شراكة دائمة مع محيطها العلمي والإنساني والبيئي، فالمؤسسة التعليمية ليست حدثا طارئا في محيطها، بل هي مكون أساسي من مكوناته، ويجب أن تدرك وتقوم بدورها كما يجب من أنشطة وبرامج وفعاليات تهدف إلى تنمية العلم أولا وصناعة وظائف دائمة أو مؤقتة مرتبطة بهذه الأنشطة والمبادرات، وهذا مورد مستدام للمؤسسات التعليمية تقوده الجودة النوعية لا الربحية فقط.
التسويق والتعليم متشابهان كثيرا في العمق، مع اختلاف الأدوات، ولذلك يجدر بالمعلم الجيد أن يكتسب مهارات المسوق الجيد ما دام مستمرا في دخول الفصول والقاعات، هذا مع التذكير والتحذير من خطورة وقوع التعليم في فخ التلميع أو نسيان أهدافه الأساسية. وإذا أردنا صياغة ثقافة تعليمية جديدة تنقلنا من مرحلة الاستهلاك إلى الاستدامة والإنتاجية، علينا أن نستفيد من ذكاء الشركات الناجحة من مرحلة اختيار الكوادر إلى التسويق.
ختاما، أقول يمكن للقائمين على التعليم أن يستفيدوا من نظريات التسويق بشرط أن يستعينوا دائما بحقائق وأرقام وتقييم مستمر للمخرجات، ومرونة الوصول إلى المعلومة وسرعة الاستجابة لها مع عدم إغفال السياق أو البيئة. عليهم كذلك أن يشركوا العناصر البشرية المحلية معهم في كل مرحلة من مراحل الإصلاح مع عدم استعجال النتائج. فقطاع التعليم مثل قطاع التسويق، يتفوق فيه الأكثر صبرا والأعلى مرونة والأقدر على التعلم من الأخطاء، وليس الأسرع تنقلا بين المدارس الفلسفية أو النماذج التشغيلية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.