الآن أكثر من أيّ وقت آخر، يكمن التحدّي الذي يواجهه كلّ مسوِّق في جذب انتباه مستهلك مشبَع أصلاً بالرسائل الإعلانية. لكنّ تقنيّات التسويق التقليدي لم تعد مرضية لأنّها تندرج في إطار"التسويق بالمقاطعة". في سبيل بيع منتج أو خدمة، نقاطع العميل المحتمل من خلال صفحة الإعلانات الرائجة أو الرسائل البريدية أو الرسائل التي تملأ علب البريد الإلكتروني. بحسب"سيث غودين"، التسويق الذي يجب أن يسود في العقد المقبل هو"التسويق بالإذن": نطلب من العميل المحتمل الإذن لنعرض عليه شيئاً مثيراً للاهتمام. يجب أن يمنح المستهلك الذي يصبح معنيّاً جداً بالعملية، موافقته الكاملة عليها مرحلة تلو الأخرى: من تقديم كتلوغ إلى فوترة سلعة ما. هكذا يسمح التفاعل الذي يؤمّنه الإنترنت بقلب قواعد التسويق المعمَّم. فيتمكّن البائع من بناء علاقات شخصية مع عميله وتالياً اكتساب ولائه. هذا ضروري جداً لا سيّما وأنّه يصبح من الأصعب الحفاظ على المستهلكين الذين يواجهون عروضاً أكثر تعدّداً وجاذبيّة. تسويق مبتكر الإعلان في كلّ مكان لكن ما من كائن بشري يستطيع أن ينتبه لنحو ثلاثة آلاف رسالة ترويجية يصادفها كلّ يوم. لذلك تجد الشركات صعوبة أكبر في التواصل مع مستهلكين مشبعين بالعروض التجارية. طوال تسعين عاماً، نجح"التسويق بالمقاطعة"الذي يقاطع المستهلكين لامتداح فضائل هذا المنتج أو ذاك، في لفت انتباههم. لكنّ الوضع تغيّر الآن. فقد مرّ الزمن على أساليب التسويق التقليدية، وحلّ عصر"التسويق بالإذن". يتلقّى المستهلك حملة التسويق بصورة أفضل عندما تطلب منه الإذن لعرضها عليه. في الواقع، تعاني غالبيّتنا من المشكلة عينها: ضيق الوقت ما يُترجَم في مجال التسويق بالنقص في الاهتمام. لكن في حين أنّ التسويق بالمقاطعة يهدر وقت العميل المحتمل، يطلب منه التسويق بالإذن أولاً بأن يعيره انتباهه إذا كان لديه وقت. ثم يبعث هذا التسويق، عبر التوجّه إلى المتطوّعين فقط، رسالة تصيب الهدف. وتكون هذه الرسالة منتَظرة من المستهلك وشخصية وذات صلة لأنّها تتوجّه إلى عملاء محتملين يريدون سماعها ويشعرون أنّهم معنيّون ومهتمّون بها. التسويق في خمس مراحل 1. تقدّم أولاً إلى العميل المحتمل شيئاً مجانياً ومثيراً للاهتمام يحفّزه على التطوّع لسماع بقيّة الرسالة: مثلاً كتلوغ أو استشارات أو حسومات أو لوتو... لا شكّ في أنّه ينبغي عليك في هذه المرحلة الأولى أن تحاول استقطاب العميل المحتمل، إذن أن تقاطعه، لكنّها المرّة الوحيدة التي تُضطَرّ فيها إلى العمل بهذه الطريقة. على سبيل المثال، تقدّم شركة الاتصالات"بيل أتلانتيك"حسماً بقيمة خمسة دولارات على كلّ فاتورة للعائلات التي توافق على تلقّي عروض تجارية تتناسب مع اهتماماتها. يكفي أن تملأ العائلة استمارة موجزة وترسلها في المغلّف المزوَّد مسبقاً بطابع بريدي والذي تؤمّنه لها الشركة. 2. في مرحلة ثانية، تقدّم له المنتج. ويمكنك أن تحدّد معه جدول مواعيد للتناقش من جديد حول هذا المنتج. 3. يجب أن تحفّز العميل المحتمل أكثر فأكثر للاستمرار في كسب انتباهه. فتتحاور معه من خلال الرسائل البريدية أو الهاتف أو الرسائل الإلكترونية... 4. يجب أن ترفع مستوى الأذونات: يجب أن تصل إلى مستوى حيث يوافق العميل المحتمل على تزويدك بالمزيد من المعطيات الشخصية الأذواق، العادات، الهوايات... وعلى تجربة عيّنة من منتجك أو أيضاً سماعك تقدّم له منتجات أخرى. لهذا يجب أن تقدّم له عناصر تحفيز جديدة. 5. أخيراً، مع مرور الوقت ومن خلال المفعول التراكمي، تسمح لك الأذونات التي يمنحك إياها العميل المحتمل بأن تغيّر عاداته وتبيعه منتجاتك بانتظام. من شخص مجهول إلى عميل لمدى الحياة يقترح"التسويق بالإذن"تحويل مجهول إلى صديق ثم مستهلك وأخيراً مستهلك وفيّ. من يشتري يشعر بالثقة. وتُكتَسب هذه الثقة من خلال علاقة مميّزة بين البائع والعميل، وهذا يفترض أن يعي العميل المحتمل أنّك موجود وأنّك تمرّر له رسالة. ويحصل هذا الإدراك من خلال تكرار التواصل وتواتره. مستويات الأذونات إن أحد أهداف"التسويق بالإذن"هو رفع مستوى الأذونات الذي يمنحك إياه كلّ عميل محتمل. هناك خمسة مستويات للأذونات: 1. المستوى الأعلى المعروف ب"الضِموريدي": تكون ثقة العميل بك كبيرة جداً. تأخذ قرارات الشراء مكانه ويدفع لك عندما تقدّم له الفاتورة."نادي كتاب الشهر"خير مثال على ذلك. فهو يرسل بانتظام إلى المنتسبين إليه كتاباً تختاره لجنة التحكيم لديه. تقبل الغالبية الكتاب الذي يتمّ اختياره وتدفع مقابل الحصول عليه. 2. تحت هذا المستوى، هناك مستوى يعتمد على نظام النقاط: المنتج X: نقطة واحدة مئة نقطة = هديّة أو حسم تستعمل غالبيّة شركات الطيران هذه الطريقة. وكانت"أميريكان أيرلاينز"من الروّاد مع برنامج"أدفانتدج"الذي هدف إلى تعزيز ولاء العملاء وثقتهم بفضل نظام"الأميال". كلما سافر العملاء أكثر، حصلوا على مكافآت أكبر أميال مجانية، عروض مغرية، امتيازات... وأصبحوا أكثر استعداداً لتزويد الشركة بمعلومات شخصية. 3. مستوى الأذونات المتوسّط هو مستوى العلاقات الشخصية التي تقيمها مع المستهلك طوال سنوات بهدف اكتساب ثقته. هكذا تسير الأعمال مثلاً في"وول ستريت". يمنح العميل مستشاره في الاستثمار أو وسيطه المالي السلطة كي يشتري أو يبيع باسمه. 4. نصل إلى مستوى أكثر تدنّياً هو مستوى الثقة التي يمنحها العميل للماركة. إذا عرضت ماركته المفضَّلة منتجاً جديداً، يميل إلى تجربته. هذا هو المستوى الذي تعمل"مارلبورو"على أساسه. 5. المستوى الأكثر تدنّياً هو مستوى الأذونات الذي يقدّمه وضع قصير الأمد. يجب أن ينتهز البائع الفرصة عندما يتّصل عميل بالرقم الأخضر أو يكون في صدد شراء منتج. على سبيل المثال، يسألون في"مكدونالدز":"أتريدون بطاطس مقليّة مع الهمبرغر؟". عند شراء همبرغر، يمنح العميل البائع لبضع ثوانٍ الإذن كي يقترح عليه منتجاً مكمِّلاً. القواعد التي يجب التقيّد بها يتقيّد الإذن الذي تحصل عليه من العميل المحتمل بأربع قواعد صارمة: 1. هذا الإذن غير قابل للتحويل: لا يمكنك أن تعطي أو تبيع إلى مسوِّق آخر الإذن أي الثقة التي يمنحك إياها العميل. لا يخبّئ"التسويق بالإذن"أبداً مفاجآت سيّئة لعملائه. 2. هذا الإذن أناني: العميل المحتمل هو سيّد برنامجك التسويقي. لا يبالي بمنتجاتك أو سجلّك المهني أو مشكلاتك... فالسؤال الوحيد الذي يطرحه هو:"ما الشيء المثير للاهتمام الذي تعرضه عليّ؟"لا تنسَه وكافئه في كلّ مرحلة. 3. يندرج الإذن في عمليّة طويلة الأمد. يسمح التسويق بالإذن بالشروع في حوار مع العميل: إذا استمرّ الحوار، يزدهر التسويق وإلا يتوقّف. 4. يمكن العميل أن يستردّ الإذن في أيّ وقت. الإنترنت: الأداة الفضلى للتسويق بالإذن انسَ كلّ ما تظنّ أنّك تعرفه حول التسويق عبر الإنترنت. فخلافاً للأفكار المتناقلة، ليس الإنترنت وسيلة إعلامية"للنشر"مثل التلفزيون، بل هو أكبر وسيلة إعلامية"للتسويق المباشر". فبفضل البريد الإلكتروني على سبيل المثال، تتخلّص من تكاليف الطوابع البريدية والطباعة، ويصبح تواتر التواصل مجانياً وتُضاعَف سرعة الاختبارات التسويقية مئة مرّة ومعدّلات الإجابة 15 مرّة. يجب أن يهدف الموقع الإلكتروني في شكل خاص إلى الحصول على أذونات. وليس ضرورياً أن يكون منمّقاً أو مكلِفاً بل ينبغي عليه فقط أن يستقطب عملاء مستقبليين. لتحديد المنفعة التي تجنيها من الاستثمار في موقع إلكتروني، يكفي أن تقوم بالعملية الحسابية الآتية: اقسم كلفة حملة الأشرطة الإعلانية بعدد الأشخاص الذين يزورون موقعك الإلكتروني، فتحصل على كلفة الزائر الذي يزور موقعك مرّة واحدة. اقسم الحاصل بالنسبة المئوية للزوّار المهتمّين بعرضك والذين يوافقون على تزويدك بعنوانهم الإلكتروني. فتحصل على كلفة عميل محتمل إضافي أي كلفة إذن. قارن هذا الرقم بالقيمة التي تولّدها مدّة حياة أحد هذه الأذونات فتحصل على فكرة محدَّدة عن المنفعة التي تحقّقها من الاستثمار في موقع إلكتروني. "إنفوبيت"هو موقع إلكتروني لنشر الأخبار: استعراض للصحف والمجلاّت، أبراج، برامج تلفزيونية، نتائج رياضية، أرصاد جوّية، إلخ... ما هي كلفة الخدمة المقدَّمة إلى العميل المنتسب إلى الموقع؟ لا كلفة على الإطلاق. ينبغي عليه فقط أن يوافق على تلقّي إعلانات مصحوبة بالرسائل الموجَّهة إليه وتتناسب مع اهتماماته. عند انتسابه إلى الموقع، يقدّم العميل عدداً كبيراً من المعلومات الشخصية. وهكذا تكون الرسائل التي يتلقّاها مركَّزة ومشخصنة. وقد استطاعت"إنفوبيت"بفضل هذه الطريقة في العمل، بناء قاعدة بيانات من أكثر من ثلاثة ملايين مشترك... إنها فرصة رائعة لكلّ معلِنيها! على الإنترنت عليك أن تختبر عرضك وتحسّنه باستمرار بفضل البريد الإلكتروني. لكن إياك أن تسعى إلى نصب فخ لروّاد الإنترنت: قل لهم بوضوح ما الذي تنتظره منهم. اضطُرَّت ماركة كبيرة في مجال المثلّجات إلى اللجوء إلى"التسويق بالإذن"للحفاظ على حصّتها في السوق. فقد قرّرت تغيير استراتيجيّتها إذ إنّ الحملات الإعلانية المكلفة على التلفزيون لم تكن تطال سوى مستهلك كبير واحد من أصل مئة مستهلك عرَضي. وبنت قاعدة بيانات عن العملاء الواعدين وذلك عبر جمع الأسماء التي تمّ الحصول عليها من خلال الحملات الترويجية والرسائل الإلكترونية. ثم اقترحت عليهم الانتساب إلى نادٍ للمستهلكين. وافق 24 $ منهم على ذلك فدوّنوا عاداتهم والمثلّجات المفضَّلة لديهم وعدد الأولاد إلخ... كلّ ذلك مقابل الوعد بالحصول بانتظام على وصفات ومعلومات حول المنتجات الجديدة وحسومات وإمكان التحاور بين أعضاء النادي. الإنترنت هو وسيلة إعلامية بامتياز للمستهلكين الجدد، من المستهلك الناضج والمتنبِّه إلى المستهلك المنتمي إلى جماعة محدَّدة. فرأسمال الشركة الجديد ليس رقم المبيعات أو عدد العملاء بل ثنائي"تواتر/ثقة التواصلات التجارية". قبل بيع ماركة أو منتج، يجب أن يُطلِق الإعلان علاقة تبادل تقود إلى عمليّة طويلة أحياناً، وإلى"ثقة"ممنوحة بحرّية. إذن يتمّ البيع ويُبنى الولاء تلقائياً. من خلال الكلفة شبه المعدومة للتواصل الهامشي والإدارة الآليّة لعدد ضخم من المعلومات المشخصنة، الإنترنت هو الوسيلة الإعلامية الخاصّة بهذه الثورة الكوبرنيكية في العلاقة بين التاجر والمستهلك. "أمازون دوت كوم"، أكبر مكتبة إلكترونية في العالم، هي في صدد بناء قاعدة ضخمة من البيانات. وتعتمد في ذلك على استراتيجيا مناسبة حيث تعمل على الحصول على أذونات من عملائها لتبعث إليهم رسائل تطلعهم فيها على آخر منشورات مؤلّفيهم المفضَّلين. وتطوّر"أمازون"أيضاً مجموعات مصالح على الإنترنت. ستسمح هذه الاستراتيجيا ل"أمازون"بالاعتماد على قاعدتها الضخمة عندما تقرّر نشر كتبها الخاصّة. لنتخيّل أنّها بعثت رسالة إلى مليون مستهلك اشتروا كتاب مؤلّف معيّن تسألهم فيها إن كانوا يرغبون في الحصول على الكتاب التالي للمؤلّف نفسه. إذا أجاب ثلث العملاء المحتملين بأنّهم يرغبون في الحصول عليه، لا يبقى على"أمازون"إلا أن تطلب الكتاب من المؤلّف فتَعِده بطبعة من 330 ألف نسخة على الأقلّ: الإيرادات المتوقَّعة للمؤلّف مليون دولار ول"أمازون"ىأكثر من أربعة ملايين دولار! ويمكن أن يتكرّر هذا السيناريو عشرات لا بل مئات المرّات كلّ سنة. استراتيجيا"أمازون دوت كوم"Amazon.com عشرة أسئلة لتقويم برنامج التسويق في شركتك ما هي العبارة الأساسية التي من شأنها لفت انتباه العميل المحتمل؟ هل هي واضحة أو مثيرة للاهتمام بما يكفي؟ ما كلفة الحصول على إذن إضافي؟ ما هي القيمة النوعيّة للأذونات الممنوحة؟ ما كلفة توجيه رسالة إضافية إلى العميل؟ ما هي نسبة العملاء الذين تتأثّر تصرّفاتهم مباشرةً برسائلي؟ ما هي الآلية الواجب اتّباعها عندما يتضاءل اهتمام العميل؟ هل تنظر الشركة فعلاً إلى الإذن باعتباره ميزة؟ كيف يتمّ التعامل مع الإذن الممنوح؟ كيف يُزاد مستوى الأذونات؟ كم من الوقت يدوم مفعول الإذن؟ وجهة نظر: مقابلة مع جوليان ليفي { إختصاصي في التسويق المشخصن وأستاذ في كلية العلوم الإدراية في باريس HEC وفي المعهد العالي للأعمال في بيروتESA . شارك في تأليف كتاب يُعتبَر مرجعاً في التسويق ويحمل عنوان"ميركاتور: نظرية وممارسة التسويق". يعلن مؤلّف الكتاب ظهور التسويق الفردي أو ما يسمّيه التسويق بالإذن الذي اعتمدته شركات كبرى عالمية مثل"بروكتر أند غامبل"و"ماكدونالدز"و"أميريكان إكسبرس". فهل تنذر هذه الوقائع بزوال التسويق الجماعي التقليدي ؟ التسويق في تطوّر مستمرّ وتأتي الإبتكارات لتضاف إلى الممارسات والتقنيات الأكثر قدماً، إلاّ أنّها لا تحلّ مكانها. الأمر عينه ينطبق على وسائل الإعلام حيث الراديو لم يقضِ على الصحافة، والتلفزيون لم يقضِ على الراديو، والإنترنت لم يقضِ على التلفزيون. فكلّ وسيلة إعلام جديدة تلبّي احتياجات جديدة. في يومنا هذا، ما زال مسؤولو التسويق يستعملون آليات التسويق الجماعي التقليدي. ولكنهم باتوا مضطرين أكثر فأكثر إلى اللجوء إلى التسويق المُجزّأ الذي تُضاف إليه آليةٌ كبرى ثالثة هي التسويق المُشخصن الذي يُسمّى أيضاً التسويق الفردي أو التسويق بالإذن. كلّ واحدة من هذه الآليات لها حسناتها وسيئاتها ولكن لا بدّ من استخدامها جميعاً بطريقة تجعلها تكمّل بعضها بعضاً. ما هي التغيّرات السلوكية والديموغرافية التي أدّت إلى هذا التطور في مفهوم التسويق؟ وهل يمكن التحدّث عن مستهلكين جدد ؟ - يحبّ المستشارون والخبراء استعمال كلمة"جديد"، ولكنّ أستاذاً مثلي يبقى مشكّكاً بعض الشيء. صحيحٌ أنّ السلوكيات تتغيّر ولكنّها لم تنفك تتغيّر منذ عقود. ولهذا السبب تحديداً ليس التسويق علماً جامداً يستخدم الموارد عينها باستمرار بل على العكس، إنه مجالٌ يتطوّر ويتجدّد. وبما أنّه من الصعب على الشركات اليوم أن تتميّز بمنتجاتها، فإنّها تعطي الأولوية لعالم غير ملموس هو عالم الماركة التجارية، وتفضّل تطوير الخدمات المرتبطة بالعرض، كالشخصنة أو الحوار. وهذا ما يستجيب للتوقّعات الجديدة للعملاء. ولكن، بهدف شخصنة العرض وإقامة علاقة مع العملاء، يتعيّن على الشركات الحصول على معلومات شخصية. وما يريد"سيث غودين"أن يبرهن عنه هو أنّ هذا الأمر ينطوي على قواعد جديدة في العلاقة بين الشركة والعميل. أيّ تغيير يحدث هذا الأمر بالنسبة إلى وكالات الإعلان ؟ - تسيطر على الوكالات تقنية تواصل واحدة هي الإعلانات، ونوعٌ واحدٌ من وسائل الإعلام وهو وسائل الإعلام الجماعية. إلا أنّ ثلثي الإنفاق في مجال الإعلان في العالم مخصًّص لعناصر"خارج وسائل الإعلام"كالتسويق المباشر وبرامج تعويد العملاء والعلاقات العامة وتنظيم الأحداث، وثلثٌ واحدٌ فقط للإعلانات في وسائل الإعلام الجماعية. ولكنّ تطوّر التسويق المشخصن سيعيد الأمور إلى نصابها. فحملات التسويق ستكون أقل فأقل مبنيّة على تقنية ووسيلة إعلام مهيمنتين، على غرار الإعلانات التلفزيزنية. بل ستأخذ في عين الإعتبار الجمهور المستهدف أكثر فأكثر. لهذه الغاية، سيتمّ اللجوء إلى مجموعة تقنيات مكمِّلة كالإعلانات والتسويق المباشر وتنظيم الأحداث، إلخ. وإلى مجموعة واسعة من وسائل الإعلام. وهذا النوع الجديد من"التسويق بالإدماج"حيث تندمج مختلف وسائل الإعلام والتقنيات من أجل جمهور مستهدف واحد هو نزعةٌ لها وزنها في مجال التواصل. ولكنّ وكالات الإعلان التقليدية تجد اليوم صعوبةً في تطبيقه لأنّ موظّفيها غالباً ما يكونون من الإختصاصيين في تقنية واحدة. وبالتالي، تحتاج هذه الوكالات إلى فريق عمل متعددّ التخصّصات يكون قادراً على دمج هذه التقنيات كافة. حسب"سيث غودين"، يتطلّب التسويق بالإذن إعادة تحديد لمفهوم الإعلان وإعادة تموضع للإنترنت على ساحة وسائل الإعلام، أي أنّ الإنترنت يجب أن يُستخدَم ك"وسيلة إعلام للتسويق المباشر"وليس ك"وسيلة إعلام للنشر". فما رأيكم ؟ - الإنترنت ليس وسيلة إعلام جماعية. بالتأكيد، يستطيع عددٌ كبيرٌ من المستهلكين استخدام الإنترنت، ولكنّهم عندما يستخدمون هذه الوسيلة، يكونون مشتّتين إذ يزورون مواقع إلكترونية متعدّدة، على عكس وسيلة كالتلفزيون حيث تستطيع شركةٌ ما في بضعة أيام وعبر بثّ إعلان واحد على محطة أو اثنتين، بلوغ معظم المستهلكين الذين تستهدفهم. ولكن في المقابل، الإنترنت وسيلةٌ استثنائية لبلوغ الجمهور المستهدَف وحتى المستهلك المستهدَف فردياً، ممّا يسمح بتحقيق رؤية واضحة عنهما. لذلك، يُعتَبر الإنترنت ملك التسويق المباشر والتسويق المشخصن عن جدارة. التسويق بالإذن يقلب قواعد العلاقة بين التاجر والمستهلك. هل تعتقدون باحتمال تطوّر الذهنيات باتجاه المزيد من الإعتبار والإحترام للمستهلك ؟ - لا يمكن أن ينبع احترام المستهلك من تقنية تسويق جديدة بل هو في نظري مرتبطٌ بعوامل ثلاثة: 1- التشريع: أي وضع أنظمة خاصة بشبكة الإنترنت من شأنها أن تؤمّن الإطار الضروري لإحلال المزيد من توازن القوى بين الشركات والمستهلكين. على سبيل المثال، فإنّ تساهل القانون الأميركي هو السبب الرئيسي لبعث رسائل ال"سبام"Spam وهي رسائل إلكترونية تجارية غير مرغوبة بأعداد هائلة إلى مستخدمي الإنترنت في أنحاء العالم كافة. 2- قدرة المستهلكين على ممارسة الضغط عبر جمعيات وحركات المستهلك على الإنترنت بدعم من وسائل الإعلام. في أوروبا كما في الولاياتالمتحدة، بدأ المستهلكون يُسمعون أصواتهم أكثر فأكثر وخير دليل على ذلك سياسات"التنمية المستدامة"التي تطبّقها الشركات ردّاً على مطالب عملائها. 3- أخلاقيات مسؤولي التسويق: التسويق مجرّد وسيلة وحسن أو سوء استخدامه رهنٌ فقط بمن يستخدمه. التسويق من أجل بيع السجائر هو ترويجٌ لسلعة تضرّ بالمستهلك. فما رأي مسؤولو التسويق في صناعة التبغ بذلك؟ من هنا، يجدر بنا ألا نتنصّل من مسؤولياتنا وحريّ بكلّ واحد منّا أن يتساءل كلّ مرة يستخدم فيها تقنية تسويق جديدة عن معنى ما يُقدم عليه وعن الإحترام الذي يدين به لعملائه. النقاط الأساسية يقاطع التسويق التقليدي المستهلك باستمرار ليقترح عليه منتجات قد لا تهمّه بالضرورة. في موازاة ما يسمّيه المؤلّف"التسويق بالمقاطعة"الذي تتضاءل فاعليّته أكثر فأكثر، يجب أن يفرض"التسويق بالإذن"نفسه بسهولة أكبر. ومبدأه: طلب الإذن من كلّ عميل محتمل لعرض منتج أو خدمة عليه، ثم توجيه الرسائل المناسبة والمشخصنة إليه. وهكذا ينشأ حوار بين المستهلك والبائع الذي ينبغي عليه أن يرفع شيئاً فشيئاً مستوى الإذن الممنوح له عبر تقديم مكافآت. يهدف"التسويق بالإذن"إلى تحويل شخص مجهول إلى صديق ثم إلى زبون وفي النهاية إلى زبون وفيّ. الإنترنت هو أداة التسويق بالإذن بامتياز لأنّه يمثّل أكبر وسيلة إعلامية للتسويق المباشر التي تُعتَبر وتُستعمل خطأً كوسيلة إعلامية للنشر. كتاب"سيث غودين"ابتكاري ورؤيوي على صعيد التطوّر الضروري للإعلان ودور الإنترنت في هذا التطوّر على حدّ سواء. المؤلّف سيث غودين هو نائب رئيس سابق للتسويق لدى الموقع الإلكتروني"ياهو". أسّس"يويوداين"، أوّل شركة للحملات الترويجية عبر الإنترنت والرائدة في تطبيق أساليب التسويق بالإذن. للتوسّع في القراءة "مستقبل الواحد مقابل واحد"- دون بيبرز The One to One Future - Don Peppers "إطلاق فيروس الأفكار"- سيث غودين Unleashing the Ideavirus - Seth Godin "حرّ، ممتاز والآن"- روب رودين Free, Perfect and Now, Rob Rodin "الإعلان على الإنترنت: كيفية الإفادة من الإعلان الإلكتروني - إف. إكس. هوسهر، ج. لندروري La publicitژ sur Internet: comment tirer parti de l"e-pub - FX. Hussherr, J. Lendrerie Business Book Review Seth Godin Simon & Shuster Permission Marketing