هل تلحفت السحاب يوما من الأيام؟ هل فكرت أن تغسل وجهك بالضباب حين تستيقظ من نومك؟.. "السودة" تتيح لك ذلك، هي تمنحك ذلك حتى في الصيف الذي تشتكي فيه الأرض من الحرارة.. وتحظى السودة التي تتربع على قمة السروات في منطقة عسير، تعانق السحاب كل يوم، فتتخيلها جزيرة سماوية لا علاقة لها بالأرض. تحظى هذه المنطقة كل عام بأفواج من السياح، من مختلف دول الخليج العربي، التي غالبا ما تحط رحالها في "السودة" حيث تكتظ قراها البكر ومنازلها وشققها المفروشة بهم، فيما تشهد الطرقات والمتنزهات حياة جديدة وهم يجوبونها طوال فصل الصيف. وربما يثير الاستغراب أن تبدو منطقة ك"السودة" بتفردها السياحي، بلا خدمة هاتفية أرضية، فجميع الشقق والمنازل خالية تماما من الخدمة الهاتفية، والأمر نفسه بالنسبة للمطاعم وغيرها من المرافق الحيوية التي لها اتصال مباشر بالتنشيط السياحي وتقديم الخدمة للزوار. واجهة سياحية استطاعت السودة أن تعانق السماء وتتصل بالسحاب المتراكم مباشرة دونما تعثر أو حتى تعذر، ليولد هذا الاتصال زخات من البرد الأبيض الذي يستدير حوله ملايين السياح كل عام، ويلمسونه بأيديهم ليتأكدوا بأنهم بالفعل يعيشونه في فصل الصيف الحار. إلا أن هذا الاتصال لم يمنح السودة حق الاتصال الهاتفي الذي ما زال يراوح بين إسقاط متعثر وأثير متبعثر، فيما الحلم ما زال يراود سكانها بوصول خدمة الهاتف الأرضي، حيث تعيش متأرجحة بين وعود متعثرة وآمال متعلقة. فالمواطن المقيم هنا والسائح القادم من هناك يتفقون حول أهمية وجود خدمات هاتفية بتقنيات عالية، لخدمة السياحة المميزة فيها، وكذلك المنازل والشقق السكنية والمرافق الحكومية. الموقع وعدد السكان تقع السودة على بعد (16) كم من مدينة أبها، ويقطنها آلاف المواطنين، وتمتاز بالإضافة إلى موقعها السياحي، بكونها حلقة وصل لمدينة أبها المركز الإداري من جهتين، إضافة إلى ربطها بين محافظتي رجال ألمع ومحايل وباقي المحافظات الأخرى عن طريق عقبة الصماء. مطالب ملحة تقدم أهالي مركز السودة بمطالب كثيرة منذ سنوات طويلة بتقديم خدمة الهاتف الأرضي، ويقول أحدهم ويدعى عبدالله آل ماطر "طالبنا كثيرا وراجعنا إدارة الاتصالات في منطقة عسير لنجد تبريرات غير منطقية، ونجد وعودا غير محققة، مما أجبرنا على إرسال برقية لرئيس هيئة الاتصالات، ومع الأسف لم يتم الرد بالقبول أو الرفض"، ويضيف "السودة تم تجاهلها من الخدمة كليا رغم أهميتها من عدة جوانب، إضافة لكونها المصيف المقصود من الزوار داخل السعودية وخارجها، ولا بد من تدخل هيئة السياحة كورقة أخيرة، لحل معاناة الأهالي". ولم يقف الأهالي عند الاتصالات السعودية، بل تجاوزوا بمطالبهم لإتاحة المجال لشركات أخرى، مشيرين إلى أن الحاجة الماسة لوجود هاتف أرضي أصبحت ملحة، لاسيما مع خدمة الإنترنت والفاكس والاتصالات الأخرى. رغبة السياح السياح القادمون من الخارج يتعجبون من عدم وجود هاتف بمنطقة سياحية كالسودة رغم سمعتها الكبيرة ومكانتها السياحية المعروفة، ويعتمد الكثير على هاتفه الجوال الذي يجده في بعض الأحيان خارج الشبكة، وأغلب الزوار من المصطافين والسياح يفضلون السكن في الشقق المفروشة والمنازل داخل السودة، إلا أن عدم توفر الخدمة الهاتفية وانقطاع الاتصال على هواتفهم المحمولة يجعلهم يضطرون للسكن خارجها. هاتف الترضية بعد مطالب متوالية قدمت اتصالات عسير خدمة الإسقاط الذي لم ينل رضا الأهالي بسبب تداخل المكالمات والانقطاعات المتكررة ووصفه الأهالي بالسيئ، ليتم استبداله بخدمة "أثير" التي لا تتناسب مع منطقة جبلية نظرا لكثرة الأمطار والصواعق مما تسبب في استغناء الأهالي عنه، حيث انعدمت الخدمة من المنازل والشقق والمدارس والمجمعات الحكومية الأخرى. وعود الاتصالات وعدت شركة الاتصالات السعودية أهالي مركز السودة في منطقة عسير مرارا بإيصال الخدمة، إلا أن هذه الوعود تعثرت أيضاَ، كما يقول الأهالي. حيث ذكرت الاتصالات السعودية بعسير، في يناير 2001، أن هناك مشروعا معتمدا سلفا في السودة يشتمل على مقسم تم تركيبه ويحتوي على "1500" خط هاتفي جاهز للتشغيل، وسوف يكون العمل في المخطط خلال هذا العام ليشمل مركز السودة والسقا وغيرها، كما أوضح مدير إدارة التخطيط والمتابعة في اتصالات عسير، أنه سيتم تشغيل الخدمة الهاتفية لقرى السودة والسقاء قبل نهاية العام. وفي مطلع عام 2011 بينت إدارة الشؤون الإعلامية بالاتصالات السعودية بالمقر الرئيس في الرياض، حيال مطالب سكان مركز السودة في منطقة عسير، أن الشركة تسعى وبشكل دائم لخدمة جميع مناطق المملكة، مشيرة إلى أن الشركة يهمها في المقام الأول خدمة المواطنين والمقيمين أينما كانوا. أما فيما يتعلق بمطالب سكان مركز السودة، فإنها ستتم خدمتهم خلال العام الحالي 2011 وبأحدث التقنيات وأجودها. خدمة الإنترنت أصبح الاعتماد على خدمات التقنية الحديثة عنصرا هاما في الحياة اليومية، إلا إن المواطنين والمقيمين والسياح المصطافين في السودة يفتقرون لهذه الخدمة، البعض ينتقل بجهازه المحمول من موقع لآخر لاصطياد خدمة هاتفية وشبكة جيدة، مما يجعل البعض يعود إلى المدينة بحثا عن توفر الخدمات الهاتفية. أين الهيئة العليا للسياحة؟ ردد الزوار والمصطافون والأهالي السؤال ذاته عن دور الهيئة العليا للسياحة في تطوير المناطق السياحية وتجهيزها بكافة الخدمات، فالشريان الرئيس لسياحة متكاملة وجود وسائل اتصال بتقنيات عالية، يمكن من خلالها الاتصال واستخدام الإنترنت بكل يسر وسهولة، وغياب هذه الخدمة الحيوية عن دور الإيواء يبقى السؤال حائرا في انتظار إجابة منطقية. وعد جديد وجدد مدير عام الشؤون الإعلامية بمجموعة الاتصالات السعودية نواف الشعلاني وعد الشركة في إيصال الخدمة الهاتفية إلى مركز وقرى السودة بقوله "إن الشركة غيرت موعد إيصال الهاتف الثابت لمركز السودة وأدرج ضمن مشاريع 2013 – 2014 نظرا لإعادة تقييم خطة التوسعة بهدف خدمة المزيد من العملاء"، مضيفا "كما أن خدمة (أثير) في المركز تعتبر من الخدمات ذات الجودة العالية التي تؤدي الغرض المطلوب لحين اكتمال تنفيذ المشاريع". تجاوب سياحي تجاوبت الهيئة العليا للسياحة مع مطالب الخدمة الهاتفية، وقال رئيس الهيئة في منطقة عسير عبدالله مطاعن "من غير المعقول أن لا تكون هناك خدمات هاتفية في السودة، ولا أعتقد أن هناك موقعا في أبها أو السودة لا تشملها الخدمة الهاتفية وغير مغطاة بذلك، وعدم وجود خدمة بهذه المواقع يعتبر نقطة ضعف، يجب العمل على حلها" وأضاف "من المفترض على شركة الاتصالات أن تغطي كافة المواقع السياحية لما لذلك من أهمية وخاصة في منطقة عسير باعتبارها من المواقع السياحية المهمة والتي يعول عليها الكثير في تقديم الخدمات السياحية المتميزة". وأكد مطاعن أن غياب الاتصالات لا يخدم السياحة، وموضوع هام كهذا لن يغفل عن مجلس المنطقة برئاسة أمير المنطقة، وبين مطاعن بأن الهيئة تعتبر أحد أعضاء مجلس التنمية السياحية والمجلس معني فيها وسوف يتم طرح هذا الموضوع ومتابعته وإذا احتاج الأمر تدخلا ومساعدة من رئيس الهيئة العليا للسياحة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان فسوف يتم ذلك.