الرياض – يوسف الكهفي أزمة «البطالة» تفوق إمكانات وزارت العمل.. والإطار السياسي يهمين علينا نحن العرب انتقد المدير العام لمنظمة العمل العربية أحمد لقمان برامج مؤسسات التعليم العربية، ورأى أنها فشلت في تخريج أجيال من الشباب، تحتاج إليها أسواق العمل، مما رسخ أزمة البطالة في العالم العربي، داعياً هذه المؤسسات إلى الاعتراف بأنها أخطأت بحق خريجيها، وأنها كانت «تطبل في وادٍ، بعيداً عن متطلبات سوق العمل». وتطرق لقمان إلى تراجع نسبة اعتماد دول الخليج على العمالة العربية، وكشف عن تفوق جنسيات أخرى في المهارات والتدريب والتأهيل على العمالة العربية. وأيد لقمان المملكة العربية السعودية في حملتها لتصحيح أوضاع العمالة فيها. وقال: «من حق أي دولة أن تصحح أوضاع العمالة التي تعمل فوق أراضيها، مع مراعاة الاعتبارات الإنسانية والحاجة والحقوق». وخصص لقمان جزءاً من حواره معنا للحديث عن إنجازات منظمة العمل في التعاطي مع أزمة البطالة في الدول العربية، ودور هذه الدول في توظيف أبنائها، مع تسليط الضوء على أداء دول الخليج في توظيف عدد كبير من العمالة العربية وغير العربية، مؤكداً أن أزمة البطالة يجب أن تتجاوز حدود صلاحيات وزارات العمل وإمكاناتها، وهنا نص الحوار.. * بداية دعني أسألك بشكل مباشر .. ماذا استفاد الشباب العربي من القمم والمؤتمرات التي تعقدونها ؟ .. وماهي النتائج التي وصلتم إليها؟ - قبل قمة الرياض التي عقدت في العام 2007 م، لم يكن هناك تناول مباشر لقضية البطالة والتشغيل، كل القمم والمؤتمرات العربية كان المسيطر عليها الوضع المتعلق بالقضايا والخلافات السياسية، لم يكن التعاطي بالاسم لمسألة الفقر والبطالة، حتى قمة الرياض التي أجازت حينها عقد القمم الاقتصادية، وعُقدت بعدها قمم ومؤتمرات ومنتديات في الدوحةوالكويت. مع الأسف نحن اعتدنا في المنطقة العربية على أن التعاون العربي يتم في إطار سياسي فقط، ولذلك تلاحظ من خلال القرارات الصادرة حول قضية البطالة والتوظيف والتعاون العربي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، أنها لم تأخذ الديناميكية الكبيرة التي تستحقها، حيث تعودنا على أن تتحدث مؤسسة القمة فقط حول القضايا والعلاقات السياسية بين الدول، لذلك أردنا نحن في منظمة العمل العربية أن نساعد في بلورة سياسات يتفق عليها. * ولكن تركيزكم كان منصباً على وزارات العمل والغرف التجارية .. لماذا حصرتم مشكلة «البطالة»، وهي كبيرة، في هذا الإطار الضيّق؟ - اعترف لك أننا أخطأنا في السابق بأننا لم نشرك المفاتيح الرئيسة في صياغة الاتجاهات والخطط الحكومية، ولم ننتبه لهذه المسألة إلا أخيراً، وأعتقد أن الخطوة الأولى انطلقت من خلال قمة الدوحة كبداية، وتفعّلت من خلال قمة الكويت، حينها وجدنا أن هذه المسألة الكبيرة «البطالة والتشغيل»، كانت تنحصر في الغرف التجارية أو وزارة العمل، ولذلك سعينا إلى شراكة وزراء التخطيط والاقتصاد والمال والتربية والتعليم ووزارة العمل والأطراف التي لها صلة بسوق العمل ومخرجاته والبرامج والخطط الحكومية، فعندما نشرك هؤلاء، يصبح للأمر جانب منطقي ومعنى يتفق عليه هؤلاء، ويكون أقرب إلى الواقع، فاليوم لم يعد هناك ملف يعنى به وزير العمل وحده في أي دولة كانت، موضوع البطالة والتشغيل انتقل من موضوع الاهتمام الأصغر إلى الاهتمام الأكبر، وتجده اليوم يتصدر اهتمامات جميع الدول، بما فيها الدول التي حصلت فيها تطورات وأحداث سياسية. * التعليم عنصر مهم في القضاء على البطالة .. ما هي المتغيرات التي لمستموها في الأداء أو من خلال برامج وخطط مستقبلية؟ - مع الأسف، مؤسسات التعليم في الوطن العربي «تطبل في واد مختلف»، كانت تسير في اتجاه، وسوق العمل يسير باتجاه آخر، كان المفروض منها وهي تلاحظ أن عددا كبيرا من الخريجين عاطلون عن العمل، أن تسأل نفسها إلى أي مدى هي تسير في الاتجاه الصحيح؟، لذلك نحن الآن ومن خلال المنتدى القادم، الذي سيعقد في الرياض في شهر فبراير المقبل سنعمل على نوع من التمازج وان هناك برامج يجب أن تتغير، فليس من المنطق أن يكافأ خريجو الجامعات ببقائهم دون وظيفة. * دول مجلس التعاون في طليعة الدول العربية المستقبلة للعمالة العربية .. ألا ترى أنه على الدول العربية الأخرى أن تتحمل جزءاً من هذا العبء؟ - دول مجلس التعاون تشهد حركة تطور، وتحتاج إلى عمالة من نوع معين، وهي تعمل في اتجاهين، أولا تشغيل عمالتها وتشغيل العمالة العربية، ليس من المعقول أن تغلق أبوابها على العالم، ولكن الأفضلية تبقى للعمالة الوطنية، وهذا هو الأساس. ونظراً لأهمية موضوع البطالة في المنطقة العربية، لابد أن يكون هناك تعاون عربي، بحيث تكون هناك أفضلية للعمالة الوطنية في كل بلد، وهذا ما نريده، نحن نريد الاتفاق على تلك السياسات في هذا الإطار. * كيف تنظرون إلى خطوة السعودية في تنظيم سوق العمل السعودي من خلال حملة التصحيح التي تقوم بها في هذه الأيام؟ لا أريد أن أدخل في هذا المربع حتى أتبيّن من الإجراءات، نحن نريد أن يكون هناك قدر من العدالة والاهتمام بحقوق العمالة، نحن مع التصحيح القانوني لأوضاع العمالة، وأي دولة من حقها أنها تصحح قانونية العمالة التي تعيش على أراضيها، ولكن أيضا يجب أن يكون هناك تفهم في المقابل لحقوق تلك العمالة، وألا يكون هناك استهداف لعمالة من جنسية معينة، نحن نريد أن يكون هناك قدر من التوسع خلال عملية التصحيح، يراعي الاعتبارات الإنسانية واعتبارات الحاجة واعتبارات الحقوق. * وما الذي يقلقك .. وماذا تريد أن تقول؟ - يقلقني الاستمرار بهذا النزيف بالنسبة للشباب، عدد كبير منهم يتخرج في الجامعات، ويبقى عاطلاً عن العمل، فهذا يحدث خللا في المجتمعات، ويساهم بشكل كبير في إيجاد كثير من المشكلات الاقتصادية والأمنية، وتكون عواقبه مع الوقت ذاته خطرة على المجتمعات وعلى الدول، ومن ناحية أخرى وما أود قوله أيضاً إن الدولة لم تعد الموظِف الوحيد، يجب أن يبادر القطاع الخاص بالاشتراك في توظيف الشباب، بحيث يكون مساهما في التنمية. اعتماد دول الخليج على العمالة العربية قل بنسبة 57% في 40 عاماً - 75 % من العمالة في سوق العمل الخليجي عام 1973م هي عمالة عربية، وبمرور الوقت تراجعت هذه النسبة حتى أصبحت اليوم لا تتجاوز ال 18%، والسبب أن هناك أسواقا أخرى استطاعت أن توفر متطلبات دول مجلس التعاون الخليجي، بينما لم تتمكن مؤسسات التعليم العربية من توفر احتياجات السوق، حيث بقيت على برامجها القديمة، ولم تتنبه أن سوق العمل تغير، وأنها يجب أن تتغير معه، مع الأسف بقيت «تدق بالطبلة والمزمار» في اتجاه مختلف، لذا يجب أن نعترف بوجود خطأ ما. وإذا سألتني لماذا ألقي باللوم على مؤسسات التعليم، أجيبك بأننا قصدنا من ذلك التنبيه بأننا نسير باتجاه غير صحيح، شبابنا عندما يكونون عاطلين عن العمل، فهم يفكرون في أشياء كثيرة ضارة، ويشير هذا إلى أن لدينا حالة اجتماعية وقضية، ليست سهلة، ويجب أن ننتبه لها. نجحنا في تحويل أزمة «البطالة والفقر» إلى قضية عربية رئيسة منظمة العمل العربي استطاعت أن تعمل بشكل كبير من أجل تحويل مواضيع الفقر والبطالة والتشغيل من مواضيع ثانوية، إلى مواضيع رئيسة، وعلى رأس جدول الأعمال في كل قمة، فبعدما توليت إدارة المنظمة، أكدت أن موضوع البطالة والتشغيل، يجب ألا ينحصر في وزارة العمل، فهو أكبر منها، هناك مفاتيح أهم بكثير من وزارة العمل، ويجب أن تدخل إلى الميدان لتساعد في سوق العمل، والحمد لله خلال الفترة القليلة الماضية، استطعنا أن ننقل مسألة البطالة والتوظيف من إطار حديث بين وزراء العمل والغرف التجارية إلى مؤسسة القمة، واعتقد أن في ذلك تطورا يحسب للمنظمة، فعندما نأتي بوزارات التربية والتعليم والتجارة والمالية والاقتصاد والتخطيط وغيرها من الجهات ذات العلاقة بسوق العمل للمشاركة في بحث سبل تساهم في تحقيق فرص عمل للشباب العربي من خلال المنتدى القادم، فهنا نكون تقدمنا خطوة إلى الأمام، وحققنا جزءاً من الفائدة من خلال الأفكار والرؤى والأطروحات التي من شأنها أن تدفع عجلة القضاء على البطالة، وهذا بحد ذاته عنصر مهم.