يبدو أن تحديد موعد لعقد مؤتمر «جنيف 2» سيكون بعيداً خاصة بعد سقوط القصير، فبالتزامن مع سقوط المدينة أو بعضٍ منها، فشل المجتمعون في جنيف في الاتفاق حول عدة قضايا محل خلاف بينهم، وخاصة حضور إيران فيه. ويرى مراقبون للوضع السوري أن «جنيف 2» أصبح مهلة جديدة للأسد ليس لتحسين موقعه التفاوضي وحسب، بل وللقضاء على الثورة بشكل نهائي، خاصة مع استمرار الحصار على قوى الثورة ومنع تزوديها بالسلاح، بينما تقدم موسكو وطهران السلاح بكل أنواعه للنظام، بالإضافة إلى مشاركة حزب الله اللبناني بشكل مباشر في الصراع. ومع سقوط القصير أصبح واضحاً أن المعركة بدأت تتحول لصالح النظام الذي أُنهكت قواته وبدت عاجزة عن مواجهة قوى المعارضة وخسرت معظم الأراضي السورية، وذلك بسبب التدخل الخارجي لصالح النظام وهو ما أصبح علنياً بتدخل حزب الله في القصير. الحل السياسي المزعوم الذي تؤكد القوى الكبرى على أنه الخيار الوحيد لحل الأزمة السورية، لم تعد له أي ركائز أو مقدمات موضوعية، وجميع الدلائل تشير إلى أن المجتمع الدولي والقوى الكبرى تسير بالصراع في سوريا باتجاه التوسع وإغراق المنطقة كلها في الحرب الطائفية، فهي في الوقت الذي تدعي فيه أن الخيار السلمي هو الطريق الوحيد للصراع، نجد أنها وعلى مدى أكثر من عامين تُسيَّر الأزمة باتجاه تعميق الصراع العسكري بل وتوسيعه، حتى تتورط بعض القوى الإقليمية وتصبح طرفاً رئيساً فيه. بعد أكثر من عامين على الصراع، لا يزال المجتمع الدولي والقوى الكبرى يغضان الطرف عمَّا يجري، ويصرون على ضرورة البحث عن حل سياسي لتجنيب سوريا والمنطقة ويلات الحرب التي قضت على أكثر من مائة ألف سوري، وربما سيتضاعف هذا الرقم إلى عدة أضعاف طالما استمر تجاهل الدول الكبرى -وبشكل خاص أمريكا- حقيقة الصراع وعدم اتخاذ موقف حازم تجاه الأطراف الإقليمية التي حوَّلت المواجهة بين الشعب السوري ونظامه إلى حرب طائفية دينية. ويمكن القول إن التأسيس للحل السياسي لم يبدأ بعد، وأن كل ما يدور من كلام عن حل سياسي ومؤتمرات في جنيف أو غيرها ليست إلا مناورات بانتظار متغيرات على الأرض، وهي تتغير فعلاً، لكن لا أحد يعرف في أي اتجاه.