سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سقوط النظام السوري.. هل سيكون المسمار الأخير في أحلام المشروع الصفوي؟! مختصون ومحللون يقرأون السيناريوهات المحتملة لما بعد سقوط "الأسد".. و الرسالة تتساءل:
من المعروف أنّ هناك ارتباطا وثيقا في العلاقة ما بين النظام الإيراني والنظام السوري وذلك تحديدًا عند انتصار الثورة الخمينية عام 1979م، في فترة وكانت تأخذ هذه العلاقة طابع علاقات الشراكة الإستراتيجية حيث تعدّ سوريا البلد الوحيد العربي الذي وقف إلى جانب إيران في حربها مع العراق أيام صدام حسين، ترى هل هناك جذور تاريخية لهذه العلاقة بين الطرفين أم أنّها لا تتعدى مجرد علاقات سياسية بحتة؟، وهل مازالت القيادة الإيرانية تسعى للهيمنة على المنطقة من خلال تأسيس إمبراطورية فارسية قائمة في جوهرها على التعصب القومي، من خلال تقديم أموال طائلة لدعم بعض الأنظمة والحركات السياسية لتثبيت سياستها ونفوذها في المنطقة وزعزعة الأمن والاستقرار في العالم العربي، وماهي السيناريوهات المحتملة بعد سقوط النظام السوري وكيف ستتعامل إيران مع مثل هذا الأمر؟. لكن كثيرًا ما نسمع عن تصريحات من قبل إيرانيين وعراقيين يبشرون بأنّ فكرة إسقاط النظام السوري بالقوة قد انتهت عمليًا، وليس أمام الجميع سوى السعي لحل سياسي، ولذلك كيف ينظر الساسة والمفكرون والمراقبون إلى مثل هذه التطمينات؟ وهل الثورة السورية باتت غير قادرة فعلًا على مواجهة المثلث الصفوي المتمثل بإيران-نظام الأسد-حزب الله؟، وفي نفس الوقت كيف بالإمكان التخفيف والابتعاد عن الصراعات الطائفية على أرض الواقع وضمان نجاح ثورة شعب يريد الحرية والكرامة ويطمح لبناء دولة حديثة قائمة على المدنية والحرية بمرجعية إسلامية تجمع كل الطوائف هناك من دون جر البلاد إلى صراعات على الأرض بعد إسقاط النظام خصوصًا وأنّ كثيرًا من وسائل الإعلام تحاول إذكاء مثل هذا الجانب والضرب على وتر الطائفية؟، كل هذه التساؤلات وضعناها في جعبة التحقيق التالي على عدد من المفكرين والمراقبين والناشطين في المجال السياسي والحقوقي. صيام: ما يجمعها هو المصالح فقط في ظل تحالف عالمي متوازن يجمع دولا غربية وعربية الشهري: هناك مخاوف من أن يكون التغيير متجهًا إلى الأسوأ لأنّ هناك نفوذا إيرانيا سيفرض نفسه على الساحة الحبيل: يشعر النظام السوري أنّ الأرض تتحرك بقوة من تحته رغم كل الإسناد الروسي الهائل والترحيب الإسرائيلي العزاوي: هناك مصالح تمكنت عبر العقود الماضية من تطويع الأزمات وبالاستناد لإيران لتبرير الاحتكار للسلطة الصواط: الثورة السورية سيكون لها أثر كبير وبالغ في تقويض المشروع الصفوي وتفكيكك الهلال الشيعي حجازين: إيران مع المعسكر السوري والصفويون لا يهتمون بالعرب الشيعة ولكن بنشر فكرهم أبو ضهير: وقوف روسيا والصين إلى جانب النظام السوري جعل من الصعب زحزحة هذا النظام بالقوة العسكرية عثمان: إذا كانت الإرادة الدولية قادرة على إسقاط الأسد فلا يستبعد أن تفيء إلى براغماتيتها من جانبه يعتقد رئيس تحرير صحيفة "آخر خبر" الصادرة بالولاياتالمتحدةالأمريكية الأستاذ محمد صيام أنّ معاداة العراق كانت القاسم المشترك بين النظامين الإيراني والسوري في تلك المرحلة وتطورت العلاقة فيما بعد لما يسمى بدول الممانعة والرفض للمشروع الصهيوني في المنطقة، منوهًا إلى أنّ ما يقصده بالعراق في تلك الفترة هو حزب البعث العراقي، حيث حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من الهلال الشيعي عام 2006م، وما يجري الآن في المنطقة، والتي لن تقف إيران مكتوفة الأيدي حيال ما يجري، وأطماعها في الخليج بدأت في البحرين وستمتد من وجهة نظر صيام لمنطقة الخليج خلال السنوات القليلة القادمة، مشددًا على أنّه ليس مع مثل هذه التسميات التي تطلق في وسائل الإعلام ك "الصفوية"، حيث نتحدث هنا عن تحالفات سياسية في المنطقة لها علاقة باستمرارية النهج القائم بهذه الدول في ظل ما يجري في المنطقة بأكملها، وهناك الكثير من الاختلافات القائمة بين هذا المثلث، معتبرًا أنّ ما يجمعها هو المصالح فقط في ظل تحالف عالمي متوازن يجمع دولا غربية وعربية لوقف أي نشاط توسعي لهذا المثلث. وعن إمكانية التخفيف والابتعاد عن الصراعات الطائفية على أرض الواقع وضمان نجاح ثورة شعب يريد الحرية والكرامة ويطمح لبناء دولة حديثة قائمة على المدنية والحرية بمرجعية إسلامية، يرى صيام أنّ هذا الموضوع له علاقة بما يجري ببقية الدول العربية وأهمها مصر، فليس من مصلحة إسرائيل إعادة التجربة في سوريا وإفراز قيادة إسلامية جديدة في سوريا على حدود ممتدة وطويلة لم يطلق بها طلقة واحدة منذ عام 1973م، مؤكدًا أنّ الغرب وبعض الدول العربية يراهنون على دعم المعارضة السورية لإسقاط النظام وهو ما لن يحصل دون تدخل الناتو ومساندة بعض الدول المحاذية لإسقاط نظام بشار الدموي، فالمشكلة تكمن في البديل ومدى الديمقراطية التي سيحكم بها، والغرب ينظر للمنطقة كمنطقة متكاملة "ريجن" وليس ككيانات ودول مستقلة. السعي لاختراق أمن المنطقة من جانبه يؤكدّ مدير تحرير صحيفة البلاد أ.ناصر الشهري، بأنّه ليس هناك من شك بأنّ إيران لا تعمل بكل طاقاتها لفرض خطابها السياسي والديني وهي تعمل منذ بداية ثورتها إلى التمدد نحو دول الخليج أولًا وهي الدول النفطية التي تشعر إيران بأنّها أكثر أهمية من الناحية الاقتصادية وتحقيق حلم الخليج الفارسي، مشيرًا إلى أنّ عناصر الملالي سعت بكل قدراتها ودون كلل أو ملل على اختراق الخطاب العربي فيما يخص أمن المنطقة وتعاملت مع عناصر في منظمات إرهابية ومتطرفة لتبني الأجندة الإيرانية بداية من البحرين وفي بعض الأماكن، مضيفًا أنّ الحكومة الإيرانية تعمل على رفع شعار الغيرة على القضية العربية والدفاع عن فلسطين وهذا موقف فقط تهدف من خلاله إلى استقطاب منظمة حماس الفلسطينية والعمل من خلالها كورقة رابحة للنفوذ والمزايدة على القرار العربي بما في ذلك مشروع السلام ودرء المخاطر عن توتر جديد في منطقة الشرق الأوسط. ويرى الشهري أنّ المشهد في سوريا يرسم مخاوف متعددة عن صورة المستقبل رغم دكتاتورية الحكم إلاّ أنّ هناك مخاوف من أن يكون التغيير متجهًا إلى الأسوأ وذلك لأنّ هناك نفوذا إيرانيا سيفرض نفسه على الساحة سواء من خلال تغيير قادم والذي قد يؤدي إلى صعود جماعات دينية متطرفة إلى سدة الحكم يستمر في التعامل مع إيران أو يشعل الصراع الطائفي وينتج عن ذلك توسيع نطاق الحرب إلى دول أخرى مجاورة مثل: لبنان حيث لن تقبل منظمة حزب الله أنّ يتم إغلاق طريقها العسكري وإمداداتها ومقوماتها الإيرانية عبر الحدود مع سوريا، معبرًا عن خشيته من أن يمتد الاختراق الإيراني إلى بلدان الثورات العربية تحت عباءة الدين المغلف بأهداف سياسية وعسكرية للسيطرة على المنطقة،. إنّ تحجيم الدور الإيراني ومخاطره على المنطقة هو أن تختفي الصراعات والحروب المذهبية من خارطة المجتمع العربي وإحلال الديمقراطية في ممارسة الدولة المدنية التي تحترم كل المذاهب والأديان وذلك من منطلق الأرض لله والدين للجميع، معتبرًا أنّه من المهم جدًا أن يتم استيعاب المفهوم الحقيقي والمتكامل لمبادئ الديمقراطية وأدبيات ممارستها. المذابح مؤشر للهزيمة من جهته يعتبر الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ مهنا الحبيل أنّ المذابح مؤشر لهزيمة النظام وإيران أمام الثورة، وإنّ أول مدخل في هذا العرض يعتمد على سبر زاوية النظام في إقراره الأخير لبرنامج المذابح الشامل لفهم هدفه ودوافعه من زاوية الإرهابيين, معتبرًا أنّه وفي هذا السياق يرى أنّ النظام كثّف المذابح على المدنيين واستدعى عن عمد محاولات توريط شامل للطائفة النصيرية لاستخدامها في كل محافظة كطاقات جريمة منظمة تمارس مع الشبيحة المستقدمين من إيران وحلفائها أبشع صور القتل التي سمعت عنها البشرية في التاريخ القديم, منوهًا على ضرورة التفكر والفهم في الحالة التي تستدعي النظام وطهران لهذا الفعل, فلو طرحت الصورة المعاكسة بأنّ النظام يستقر سياسيًا ويحتوي الثورة بحسب ما يردده شبيحته في لبنان أو شبيحة الإعلام في المهجر فما هو الداعي للانتقال الآن للذبح الجماعي الشامل وتعزيز ورقة الطائفية؟! ويضيف الحبيل قائلًا: "من الناحية الإستراتيجية يشعر النظام السوري أنّ الأرض تتحرك بقوة من تحته رغم كل الإسناد الروسي الهائل والترحيب الإسرائيلي بموقف موسكو باعتبار أنّه يقمع الحالة الإسلامية كما تزعم تل أبيب والحقيقة أنّ الدافع تطويل حالة إقامة النظام الذي شكّل توازن حماية لحدودها استراتيجيًا لعقود عبر التلاعب بالتوازن الطائفي واختطاف الواجهة العربية لصالحه كنظام حسب خطوات توازن بقائه لمصلحة إسرائيل في مقابل عودة العمق العربي الشامل"، مشددًا على أنّ النظام لم يعد يطمئن مطلقًا على هذا الدعم وتَطوّر رعبه بعد التقدم الاستراتيجي الذي حققته المقاومة بقيادتها الشرعية المركزية وهي الجيش السوري الحر وعزز مخاوفه إعلان ضباط علويين انشقاقهم وانضمامهم أو تسليم أنفسهم للجيش السوري الحر, مؤكدًا أنّ هذا البعد جعله يتقدم لتفتيت هذا الجسر المتعاظم الذي تمّ عبر تواصل شخصيات من الطائفة مع الجيش الحر ووجدوا في تواصلهم معه أمانا فعليا ووعيا متقدما رغم كل الجرائم التي ارتكبها النظام باسمهم رغم أنّ الممارسة تظل مرهونة بأقلية من الطائفة في الميدان العسكري وإن استثمرت سياسيًا في غالبيتها. ويعتقد الحبيل أنّه وفي ظل هذا السياق المرتبط مع الثورة السورية فإنّه يجب فهم استراتيجية تهديد طهران وحزبها في لبنان ومن ذلك الرسالة الموجهة عن طريق مسؤول إيراني عبر صحيفة "الأخبار" اللبنانية بأنّ إيران ستستخدم أذرعتها في الخليج لنجدة النظام، مشيرًا إلى أنّ هذا التهديد الموجه لتركيا والخليج العربي هو علامة ضعف وارتباك لكن هو أيضًا مؤشر عن حيوية هذا التنسيق في تفعيل الأذرعة بتعبير المسؤول الإيراني وهو ما على دول الخليج العربي أن تدركه أنّ سلامة هذا النظام وخروجه قويًا هو سلامة لهذه الإستراتيجية التهديدية لأمنهم القومي، منوهًا في الوقت نفسه على أنّ أمامهم فرصة تاريخية لا تتطلب تدخلا عسكريا ولا تورطا بل فقط دعم المشروع العربي السوري الذي يتبناه الشعب بقيادته الثورية الديمقراطية التي تحمل مكنوزًا من التعاون والاندماج مع وجودها العربي والرافضة لكل وسائط التوجيه الأمني الذي مارسه النظام في شبكة علاقة يديرها مع طهران على الواقع العربي. ليس علاقة حديثة وعلى الصعيد نفسه يوضح المفكر الإسلامي الدكتور عبدالله أبو السمن، أنّ العلاقة بين الإيرانيين والسوريين ليست علاقة حديثة وهي تتراوح بين العلاقة القائمة على أساس سياسي في لعبة المحاور وعلى أساس طائفي وإن كانت العلاقات فاترة أيام الشاه وذلك لارتباط الشاه بالمنظومة الغربية وارتباط سوريا بالمنظومة الشرقية إلاّ أنّ هذه العلاقة ازدادت وتوسعت منذ قدوم الخميني وثورته في مواجهة الغرب على أساس تصدير الثورة بمفهومها السياسي والطائفي، كما أنّ التناقض المتأصل بين القومية العربية بوجهها العراقي ووجهها السوري دفع السوريين للوقوف مع الإيرانيين الذين يلتقون معهم بالمعتقدات في وجه العراق العربي. ويضيف أبو السمن قائلًا: "إيران تحتاج إلى رافعة لقبولها في المنطقة من قبل الشعوب العربية التي تعاني من حالة التردي بفعل بعض أنظمة الفساد التي تحكمها فوجدت بالعلاقة السورية التي كانت ومازالت مأوى لقوى المقاومة الفلسطينية خير سند لهذه الرافعة فخاطبت القوى المقاومة والمجاهدة وبدأت تدعمهم ماليًا وسياسيًا، وتشكل لهم حماية لدى حليفهم القوي السوري وفي نفس الوقت تستخدم عناصرهم بواسطة المال لتقديم المعلومات عن الحالة العربية ونقاط ضعفها وقوتها", مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنّ القوى الفلسطينية شكلت جسرًا للإيرانيين لقوى الفعل العربي من كل التنظيمات أو من الذين يشكلون حالة استقلالية قوية من المعارضة أو الطامحين بالعمل للقضية الفلسطينية أو مواجهة أنظمتهم. ويعتقد أبو السمن أنّ إيران نجحت في توسعة نفوذها في المنطقة بفعل عدة عوامل مؤثرة في هذا النجاح فإيران الآن تمتلك قيادة مجربة فاعلة بخبرة تتجاوز ال 50 عامًا في الثورة والحكم وكذلك بوضع اقتصادي قوي من خلال التطور العلمي والتكنولوجي وكذلك من خلال مبيعات النفط والخمس الدائم, كما ربطت إيران مجموعات الشيعة في الوطن العربي بالمركز الإيراني ودعمتهم بالمال والسلاح والتدريب العسكري والأمني وهيكلت بني الشيعة بشكل تنظيمي متسلسل مما جعلهم يظهرون منظمين فاعلين مترابطين مطواعين التواصل بينهم سهل وطاعة كبرائهم واجبة، معتبرًا في الوقت نفسه أنّ إيران نجحت في مد الخيوط إلى قوى المقاومة التي تعود إلى الأصل السني من خلال الخدمات المقدمة لهذه القوى والدعم المتواصل السياسي والعسكري والاقتصادي في غياب واضح للدور العربي، ولذا كان لإيران أن تبني أذرعًا قوية مثل: حزب الله في لبنان وحركة حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين واليسار العربي والفلسطيني وكذلك الحوثيين في اليمن وشيعة البحرين وفي كل المنطقة العربية والإسلامية إضافة إلى هياكل وبنيات سرية للأهداف الخاصة بقيادة المعروف عماد مغنية، مشددًا على أنّ إيران حاولت وأذرعها في بداية الثورة السورية اللعب على وتر العاطفة العربية من خلال أطروحة أن سوريا من قوى الممانعة وإنّها تقدم الدعم للقضية الفلسطينية وإنّها تواجه المشروع الأمريكي في المنطقة إضافة إلى الخطاب الذي يظهر أنّ الثورة الشعبية السورية المطالبة بالحرية في وجه الطاغية المستلب للحكم بشكل غير دستوري بشار الأسد بأنّها قوى تآمر وخيانة وأنّها تتعامل مع الغرب في محاولة لإسقاط الأسد وتقسيم سوريا ولأنّ إيران وسوريا تمتلكان الأوراق القيمة في المنطقة التي يمكنها من أن تباع في سوق النخاسة على موائد الدول الكبرى، لأنّها تستشعر القوى بفعل عوامل الجغرافية وامتدادها والقوة العسكرية والاقتصادية لحلفائها في المنطقة، حيث حاولت إيران وأذرعها بحسب أبو السمن التقليل من فاعلية الثورة الشعبية السورية وتطمين نفسها والمجتمع الدولي من أنّ الأسد باق ومن الصعب إسقاطه إلاّ أنّ طول الثورة السورية وقدرتها على تحمل الجراح ونهوضها من الرماد رغم تآمر البعض وتخلي الآخرين والتأجيل المستمر ومحاولة كسب الوقت من المنظومات العربية والدولية وانكشاف كل ذلك التآمر على هذه الثورة أعاد لها عذريتها ونقاءها ونصاعة منطلقاتها. لها أثر بالغ في التقويض وعلى الصعيد نفسه يؤكدّ الأكاديمي والباحث الشرعي الدكتور محمد الصواط، أنّ الثورة السورية سيكون لها أثر كبير وبالغ في تقويض المشروع الصفوي وتفكيكك الهلال الشيعي الذي يبدأ بإيران مرورًا بالعراق ثم سوريا وانتهاء بحزب الله، مشيرًا إلى أنّه لا نستطيع أن نقول أنّ هذا المشروع سينتهي بالمرة، فالمشاريع الكبرى لا تنتهي بين عشية وضحاها وإنّما تحتاج لزمن طويل وعمل أطول، مشددًا على أنّ هناك جذورًا تاريخية مع الفئة العلوية تحديدًا، فالنصيرية يعدون إحدى طوائف الشيعة الغلاة، فهناك الترابط المذهبي الذي يطبع هذه العلاقة ويضاف إليها تلاقي المصالح خاصة أنّه كان في الثمانينات نزاع حاد بين القطبين البعثيين في سوريا والعراق، مشددًا على أنّ النظام الإيراني قد أعد العدة للتعامل مع كل السيناريوهات، ولعله في الوقت الحالي ومن خلال روسيا يحاول تأمين مصالحه في سوريا بعد سقوط الأسد، مضيفًا أنّ إيران تدعم عدة مبادرات لتأخير سقوط النظام منها تسليم السلطة لنائبه فاروق الشرع، وحفظ النظام على تغيير جلده بالكامل عن طريق إجراء انتخابات، مؤكدًا أنّ سقوط نظام الأسد سيكون ضربة قاصمة لإيران وسيمتد أثرها لعقود. ويضيف الصواط قائلًا: "أنا أعتقد بعد كل التضحيات التي قدمها الشعب السوري بأنّه لن يقل سقف مطالبه عن إسقاط النظام، وهذه النقطة تحديدًا وهي إسقاط النظام محل إجماع بين مختلف القوى السياسية، ومالم يسقط النظام ويسلم السلطة للشعب ستستمر المظاهرات، وعلمنا التاريخ أن إرادة الشعوب أقوى من إرادة الأنظمة"، منوهًا على أنّه إذا أراد السياسيون الاقتناع والرضا بنصف ثورة تتمثل بالحل السياسي فالثوار على الأرض لن يرضوا بذلك وهم الذين بيدهم الحل والعقد في نهاية الأمر. وعن كيفية التخفيف والابتعاد عن الصراعات الطائفية على أرض الواقع وضمان نجاح الثورة السورية يتمنى الصواط بأن يكون السياسيون والجيش الحر على مستوى التحدي، ولابد من رسائل تطمين لكل الطوائف وعدم الانجرار خلف التي تدعو للانتقام وتصفية الحسابات، كما يجب تطمين المسيحيين وكذلك العلويين بأنّ الثورة ليست ضدهم وأنّ مستقبلهم مع الثورة سيكون أفضل من ماضيهم، وأنّ سوريا لكل السوريين لا فرق بين مسلم ومسيحي وعلوي ودرزي، مع وجود مرجعية إسلامية، مشيرًا إلى أنّ هذه الطوائف قد عاشت في ظل الحكم الإسلامي قرونًا، ولم يحصل لها أي أذى بل كانت تنال حقوقها كاملة غير منقوصة. خسارة سوريا خسارة لحزب الله من جانبه يؤكدّ الكاتب والمحلل السياسي الأستاذ حيدر حجازين، أنّ العلاقات مع إيران بحكم الجوار تأخذ طابعًا تجاريًا واقتصاديًا بحتًا، أما بالنسبة لوقوف سوريا مع إيران إبان الحرب العراقية الإيرانية فكانت ذات بعدين البعد الأول وهو الخلافات الحزبية للبعث والانشقاق بينهم بكيفية تنفيذ الآخر للأفكار البعثية، ولكن العلاقة الأقوى كانت هي الثورة الإيرانية، مشيرًا إلى أنّ إيران كانت رصيدا كبيرا وقويا لسوريا، ومنها تمّ إنشاء مليشيات حزب الله بدعم السلاح السوري وبدعم مالي إيراني، ومن الطبيعي أن تكون إيران الآن مع المعسكر السوري لأنّ خسارة سوريا تعني خسارة حزب الله في لبنان، منوهًا إلى أنّ الصفويين لا يهتمون بالعرب الشيعة بقدر نشر الفكر الصفوي الفارسي والسيطرة سيما وأنّ لهم أتباعا في كل من الكويت البحرين، معتبرًا أنّ علاقاتهم بإسرائيل مكشوفة من أيام الخميني وأيام الحرب العراقية الإيرانية حيث كانت تزود إيران بجميع أنواع الأسلحة بغرض إنهاك الجيشين بالنسبة لإسرائيل ولن يكون هنالك أي صراع مستقبلي من إسرائيل تجاه إيران. ويضيف حجازين قائلًا: "هنالك احتمالات كثيرة من قبل القوة الأمريكية والروسية والصينية والجميع له مصالح تجارية في منطقة الشرق الأوسط، وروسيا لها أهدافها من التاريخ تريد العلاقة الودية والتجارية مع إيران لموقعها الاستراتيجي لكل من باكستان والصين والهند وأفغانستان، كما أنّ للصين مصلحتها أن تسدد أموالها التي على سوريا"، ويعتبر حجازين أنّه من المستحيل أن يقوم التوافق المذهبي في سوريا أو الوطن العربي، مشددًا على أنّ هنالك صراعا مذهبيا معروفا، مؤكدًا أن من المستحيل إيجاد مصالحة مذهبية بين الطرفين في الوطن العربي خصوصًا من قبل تركيا والأردن فلن يقبلوا هذه المصالحة، مشددًا على احتمالية اندلاع حرب أهلية في سوريا يكون طرفها السنة وبين كل المذاهب الإسلامية الأخرى للسيطرة على المنطقة الحيوية في الشرق الأوسط وستكون السيطرة على سوريا هي مفتاح المصالحة بين إسرائيل والعرب وتصفية القضية الفلسطينية بقرار فتوى دينية يرضاها بسطاء الشعب العربي بعنوان الهدنة. المصالح والرؤى المشتركة من جهته يؤكدّ الإعلامي والمحلل السياسي الدكتور فريد أبو ضهير أنّ هناك في السياسة أبعادا للعلاقات بين الدول، أهمها المصالح المتبادلة. والتي تشمل توافق الأفكار والأيديولوجيا، وربما هذا الأمر توفر في العلاقة بين سوريا وإيران، مضيفًا أنّ التوافق حصل بين النظامين، الإيراني والسوري في هذا الصدد، فضلًا عن الرؤى المشتركة لقضايا المنطقة، فإيران وهي دولة لها طموح في إيجاد امتداد لها في المنطقة بدون أدنى شك، ووجدت في النظام السوري فرصة نادرة لكي تعتمد عليه في توسيع نفوذها، وخاصة أنّ السنّة ليس لهم دور في السيطرة السياسية على البلاد، أما النظام السوري، والذي تقف على رأسه فئة من العلويين، فقد وجد في إيران سندًا قويا لتعزيز قوته ونفوذه داخل سوريا وخارجها، خاصة أنّ هذا النظام لا يملك الأغلبية السكانية داخل سوريا، رافضًا تفسير الأمور في البعد الطائفي، لكن هذا البعد موجود، ولا نستطيع أن ننكره، بل نسعى لاحتوائه. ويضيف أبو ضهير قائلًا: "أنا أرى أن يتم التعامل مع الأمر من باب السياسة والمصالح المشتركة، وهو ذات الأمر الذي تعلنه إيران. وأعتقد أنّ سوريا بعد سقوط الأسد يجب أن تتعامل مع كل الدول، بما فيها إيران، وفق هذا المنظور"، معربًا عن أسفه من وقوف إيران مع النظام السوري في حربه على شعبه وهو الأمر الذي قد لا يترك خيارًا للشعب السوري سوى اتخاذ موقف سلبي من إيران، وهو أمر لا يعتقد أنّ السوريين يسعون له، لأنّ التحديات التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية كبيرة، وبخاصة في وجه إسرائيل والأطماع الغربية في المنطقة، منوهًا على أنّ وقوف روسيا والصين إلى جانب النظام السوري جعل من الصعب زحزحة هذا النظام بالقوة العسكرية، علمًا بأنّ هناك تقدمًا للثوار على الصعيد الميداني لكن ربما يكون دون سقوط النظام السوري، وعلى المستوى العسكري خسائر فادحة ودمار للبلاد والعباد، لذلك فإنّ المناداة بالحل السياسي أمر منطقي إذا تضمن تنحي الرئيس السوري، وتسليم مقاليد الأمور لقيادة وطنية مؤقتة، مؤكدًا في الوقت نفسه أنّ مستقبل سوريا غامض ومظلم. ويعتقد أبو ضهير أنّ التحدي الكبير أمام الثورات، ومنها الثورة السورية، هو تحقيق التوافق الوطني بين القوى السياسية العاملة في الساحة، وهو الأمر الذي يتعثر في كثير من الأحيان، ولا بديل عن إيجاد قواسم مشتركة ومبادئ عامة تجمع الجميع، وتضمن عدم التفرق بين الطوائف والفرق والأديان والأعراق، منوهًا على أنّ علينا أن نسعى جاهدين إلى تجنب الحديث عن أي طائفة أو أي عرق أو أي فئة، بل نتحدث عن المواطن الإنسان فقط، ولا نسمح لأي كان أن يفتح ثغرة في جسد الأمة لكي يقطع أوصالها ويفرق بين أبنائها بدعوى الطائفية، حيث إنّ الثورة السورية بدأت سلمية ووطنية وبعيدة كل البعد عن الطائفية ويجب أن تنتهي كذلك. عقائديًا لحد بعيد أما الباحث والمفكر الإسلامي محمد الأمين فإنّه يعتبر أنّ الارتباط بين سوريا وإيران كان عقائديًا لحد بعيد، لأنّ العلاقة مع الشاه لم تكن جيدة ولم تكن هناك علاقة تاريخية بإيران حتى أيام القطيعة مع العراق أثناء المواجهة مع حلف بغداد أيام الشيشكلي، كما نلاحظ أنّ القطيعة مع العراق كانت حادةً جدًا لدرجة أنّها أخرجت سوريا من التيار العربي القومي الذي كان يلبسه النظام البعثي، مؤكدًا أنّ سوريا وليبيا كانتا الدولتان العربيتان الوحيدتان اللواتي أيدتا إيران الفارسية على العراق العربية، وكانت سوريا أكثر حدة لذلك رفض حافظ حضور مؤتمر القمة العربي في بغداد بعد الحرب رغم كل وساطات القذافي، منوهًا أنّ النظام المعلن في كل من العراق وسوريا هو بعثي قومي مما يدل على أنّ الشعارات القومية كانت للدعاية فقط، مضيفًا أنّ هناك آثارًا في العلاقة الطائفية الآثمة بين سوريا وإيران، ففي لبنان كان أهم هدف للقوات السورية هو ضرب السنة ثم تقوية طائفة الشيعة المتمثل في حزب الله وحزب أمل. مشيرًا إلى أنّه ما من أحد يعلم كيف سيكون حال سوريا بعد سقوط النظام النصيري. لكن هناك عدة سيناريوهات محتملة عند المحللين السياسيين: تتمثل في تقسيم سوريا إلى دولة نصيرية ودولة سنية. والنظام حاليًا بات مقتنعًا بأنّه سيسقط في النهاية لذلك يحضر بنشاط لهذه الدولة الجديدة، وهو يمارس سياسة تطهير عرقي لأهل السنة وتهجير جماعي من مناطق معينة في سوريا أهمها حمص وبعض مناطق التماس، ليتم رسم حدود الدولة النصيرية الجديدة، مؤكدًا على أنّهم يريدون أن تكون صلة وصل بين العراق المحتل من الصفويين وفي نفس الوقت يتم شطر سوريا إلى دولتين من السنة دولة في الشمال ودولة في الجنوب. ويرى الأمين أنّ قضية تأخر سقوط النظام لها أسباب عديدة أهمها تفرق الثوار إلى جماعات صغيرة تقاتل بشكل بدائي غير منظم وبدون تنسيق بين بعضها البعض، وغياب أي إستراتيجية عملية لإسقاط النظام لأنّ المقاتلين معظمهم ميليشيات محلية في وضع دفاعي بحت ومعظم الكتائب ليس عندها خبرة قتالية من قبل، إضافة إلى أنّ النظام يتلقى دعمًا غير محدود من إيران ومستعمراتها ومن روسيا على جميع النواحي سواء العسكرية أو المالية أو الإستراتيجية أو السياسية، فالثوار لا يحاربون النظام السوري فقط، بل يشمل ذلك روسيا والمثلث الصفوي. علاقات ومصالح مزمنة وفي سياق متصل يؤكدّ رئيس مركز صقر للدراسات العسكرية والأمنية والإستراتيجية اللواء مهند العزاوي، أنّ هناك علاقات ومصالح مزمنة تجذرت وترتبط بعائلة الحكم العلوية وهي تشكل أقلية في سوريا وتمكنت عبر العقود الماضية من تطويع الأزمات وبالاستناد على لاعب إقليمي مشاغب وطامع كإيران لتبرير الاحتكار للسلطة ويلاحظ أنّ هناك منافع متبادلة تتعلق بالمال والمكانة والتحالف، موضحًا أنّه وبالرغم من منهجية حزب البعث الحاكم وقيادته عربية قومية إلا أنّ الأدبيات تختلف عن السلوكيات فكانت على الدوام مع الشيطان الطائفي الذي مزق العالم العربي بسلاح الطائفية المقيت ولعل المجازر التي ترتكب في العراق ولبنان وسوريا ذات طابع طائفي تقف خلفها إيران وحرسها الإجرامي، مستبعدًا أنّ تكون إيران المنهارة ستصمد وبالتالي فإنّ مصالحها هي الأولوية لأنّ سوريا تمثل لها نفوذا عبر المتوسط والرئة اللوجستية لمليشيا حزب الله اللبنانية ومن هذا المنطلق تمارس سطوتها الدموية على سوريا، مشيرًا إلى أنّ إيران تعدّ لاعبًا متفقًا عليه بين الدول المتمركزة فأمريكا تعقد صفقة وكالة إقليمية معها وروسيا تجدها الذراع بعد أن غدرت بالعراق والصين باحثة عن نفط إيران المغذي لنهضتها وتساند التمدد الإيراني والتي تقوم بدوها بمهام فرض الاضطراب وعدم الاستقرار وتمزيق المجتمعات الإسلامية والعربية ويمكن التأكد من ذلك بإحصاء وسائل الاتصال الطائفية التي تدعمها إيران والتي بلغت 250 وسيلة تبث السموم الطائفية وتزرع الفتن والاضطراب السياسي والذي يعد سلاحًا فتاكًا بحد ذاته. ويضيف العزاوي قائلًا: "إيران تسعى لملء الفراغ العربي بذراع التشيع المسلح والمليشيات وعسكرة الإسلام, وتعتمد إيران عسكريًا في فرض نفوذها على مليشيات حزب الله الطائفية وعلى الدعم اللوجستي الذي تقدمه له سوريا واعتقد أنّ النظام فقد توازنه وفي هيستريا كبيرة ويمكن معرفة ذلك من خلال تصاعد عدد الضحايا المدنيين والقصف واستخدام الجيش ضد المدن، مشيرًا إلى أنّ سوريا دخلت في حرب استنزاف بين النظام وغالبية الشعب وعواقبها كارثية بالتأكيد, حيث إنّ رحيل النظام بات مسألة وقت، مؤكدًا أنّه وفي ظل استعصاء حل سياسي وتدخل مليشياوي إيراني فإنّ هذا سيدخل سوريا في حرب أهلية تدار عن بعد من القوى الدولية والإقليمية, مستبعدًا استخدام القوة من الناتو أو القوى الدولية لإسقاط النظام، مشددًا على أنّ كل طرف يستخدم أوراقه لتحقيق غاياته وبالتأكيد فإنّ الإعلام أحد هذه الوسائل وعند تطويع المعطيات والوقائع، نرى أنّ سوريا في أزمة سيالة متدحرجة سببها سوء إدارة الأزمة من قبل السلطة وقبولها التدخل الإيراني الروسي، مشيرًا إلى أننا نشهد نقل سيناريو الإبادة الطائفية من العراق إلى سوريا والذي يعمل على وصف مكون أساسي وفاعل بالعصابات الإرهابية تمامًا كما جرى في العراق ولا يزال, وكذلك ممارسة الترويع بالمليشيات لإخضاع الشعب وقمعه وتلك الأساليب صناعة الحرس الإجرامي الإيراني والذي أباد نصف المكون العراقي العربي في الوسط والشمال العراقي من خلال مليشياته وأدواته. يرى العزاوي أنّ وسائل الإعلام أدوات ساعية لصناعة الخبر وتحقيق الإثارة على حساب القيم الإنسانية وفي سوريا مشكلة حقيقية تعاني منها الأطراف المتنازعة وأبرزها التعددية السياسية والمسلحة، مضيفًا أنّ هناك الجيش الحر ويجد نفسه القوة المسلحة التي تجابه السلطة وأيضًا المجلس الوطني السوري بالخارج وكذلك تنسيقيات الثورة في الداخل وذوي الضحايا وعدد كبير من المعارضين السوريين وبالتالي وحدة الهدف والقرار مفقودة ناهيك عن انتهاج الأطراف فلسفة الصدارة في الأحداث وبذلك هذا التشتت يوحي بالتفرقة والتشرذم خصوصًا بعد طوئفة الأزمة من قبل إيران وتدخلاتها السافرة في الشؤون الداخلية السوري مشيرًا إلى أنّ أزمة الطائفية هو فيروس ينتشر في العالم العربي ومصدره هو إيران التي تستخدم سلاح الطائفية لتمزيق المجتمعات وتهديم الإسلام بالأساطير الطائفية الوهمية. طهران تعرقل التغيير وعلى الصعيد نفسه يعتقد الباحث والكاتب السياسي الدكتور أسامة عثمان، أنّه كان من المفترض أن يكون تحالف نظام البعث الاستراتيجي، بل ارتباطه العضوي بالعالم العربي نظرًا لأيدلوجية حزب البعث التي تقوم على القومية العربية، بعيدًا عن الروابط التي تُفرِّق، من مثل العشائرية والإقليمية والطائفية، لكن تاريخ حزب البعث، منذ وصوله إلى الحكم 1963م، مشيرًا إلى أنّ قيادتُه التي أصبحت غالبيتُها من العلويين عملت على الاستئثار بأهم المراكز العسكرية في الجيش، وكانت قوة العلويين بدأت منذ انخراط كثير منهم في القوات التي شكلتها فرنسا إبان الاستعمار الفرنسي 1920- 1946م والتي عُرفت ب"القوات الخاصة للشرق الأدنى" واعتمدت فيها على الأقليات، ومنها العلويون، ثم تطورت هذه القوات فيما بعد؛ لتصبح القوات المسلحة السورية واللبنانية، منوهًا إلى أنّ القرائن التاريخية لحزب البعث والعلويين فيه، كما الجرائم البشعة التي ارتكبها الأسد الأب في حماة 1982م وفي طول سوريا وعرضها على يد الأسد الابن، هذه الأيام، تكشف عن عداء عميق، وحقد مبيت، وإلا فما نوع العلاقة التي تربط سوريا العربية بحزبها البعثي القومي العلماني بنظام ولاية الفقيه في طهران؟!. ويضيف عثمان قائلًا: "سيتوقف مقدار الضرر، على ما سيفضي إليه الحل السياسي في سوريا ما بعد الأسد، بين زوال النظام بالكامل دون أن يكون لإيران قدرة على استدراك الموقف، والمشاركة في ترتيبات التغيير، أو الخروج بحل وسط يشبه الحل اليمني، ويحفظ بعض النفوذ لبقايا النظام القابلين بالتركيبة السياسية، لكن في الحالتين لن تحافظ إيران على سابق وضعها، في سوريا، ولن تبقى تحركاتُها وعبورها إلى لبنان، وإلى حزب الله، تحديدًا، كما في السابق، لذلك تستميت طهران في عرقلة أي تغيير في سوريا"، مشددًا على أنّه إذا قدرت أن الإرادة الدولية قادرة وعازمة على إسقاط الأسد فلا يستبعد أن تفيء إلى براغماتيتها، ولكن على كره منها، هذه المرة وتتعاون مع أمريكا والدول الراغبة في التغيير بما يحفظ لها أكبر نفوذ ممكن، وتليين خطابها السياسي الإقليمي، بما يسمح لها بالبقاء والتوسع إذا أمكن إقليميا وعربيا، بالاعتماد على ورقة المقاومة والممانعة. ويؤكدّ عثمان أنّه وبعد خمسة عشر شهرا على الثورة السورية، وبعد استخدام أبشع الأساليب الوحشية في قمعها، وأشدها، وارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.. لا يزال نظام الأسد عاجزًا عن إخماد الثورة، بل إنها تتوسع، لتصل دمشق العاصمة، وحلب العاصمة الاقتصادية والصناعية، منوهًا على أنّ الانشقاق لا يزال في صفوف الجيش مستمرًا، ولا تزال الثورة مستمرة برغم الفجوة الكبيرة بما لا يقارن في الإمكانات ووسائل المواجهة، منوهًا على أنّ الولاياتالمتحدة وعلى رأسها إدارة أوباما الحذرة وغير الراغبة في مغامرات أو مجازفات جديدة لم تجد بدًا من الإعلان عن ضرورة تنحي الأسد، والسير نحو هذا الهدف، حتى تنضج الظروف الأمريكية المحلية، وتُجرى انتخابات الرئاسة، وحتى يَنْضَج موقفٌ دولي مؤازر. وعن كيفية التخفيف والابتعاد عن الصراعات الطائفية على أرض الواقع وضمان نجاح الثورة السورية يعتبر عثمان أنّه يجب تبني خطاب يعزل النظام وطائفيته المضمرة، والمعلنة، أحيانًا، عما يسمى بالأقليات، وبالذات عن الطائفة العلوية وطمأنتها بأنّ مصيرهم ومستقبلهم غير مرتبط بمصير النظام، وأنّ أي إنسان في سوريا سيخضع لقانون واحد، بغض النظر عن طائفته، وله حقوقُه الكاملة وواجباتُه، وهو الخطاب الذي تقول به الثورة السورية، معتبرًا أنّ بقاء هذا النظام سيرافقه القلق والاضطراب والقتل الذي يمارسه، أو يتسبب به؛ فهو نظام لم يعد يصلح لسوريا، ما دامت أغلبية لا يُستهان بها تبذل أرواحها ودماءها، وأموالها، وهي تعمل لتغييره، وعلى أثر ذلك لابد من البحث عن صيغة مشتركة، وإلا فالخسارة على الجميع.