مصطفى رستم باريس – معن عاقل النظام وإيران وحزب الله وميليشيات عراقية يدفعون إلى الحرب الطائفية تتسارع التطورات السياسية حول الأزمة السورية خاصة تطورات الموقف الأمريكي بعد الاتفاق الذي جرى بين وزيري خارجية روسيا وأمريكا، في تجديد موقفهما على أهمية الحل السياسي وتأمين انتقال السلطة، فيما بدا أنه موقف روسي جديد، ربما يقبل بغياب الأسد عن المشهد السوري، وتراجع أمريكي عن موقفها تجاه استخدام السلاح الكيماوي وضرورة الرد على الأسد حفاظاً على مصداقية الرئيس أوباما عندما اعتبر أن استخدام الكيماوي تجاوزاً لخط أحمر وضعه أوباما، وبدا أن النظام اعتبر التفاهم الروسي الأمريكي على عقد مؤتمر دولي على أساس إعلان جنيف هو طوق النجاة، وفرصة جديدة للقضاء على الثورة حيث صعدت قواته العمليات العسكرية خلال الأيام الماضية في عدة مناطق من سوريا ، «الشرق» التقت المعارض السياسي المخضرم مصطفى رستم والسجين لمدة تزيد على 23 عاماً في عهد حافظ الأسد. * كيف تنظر إلى موقف الولاياتالمتحدة مما يجري في سوريا؟ - يعرف الرئيس أوباما تماماً ماذا يريد من سوريا ومنذ سبتمبر 2011 كان يؤكد على الحل السياسي وتأمين انتقال للسطلة، وعلى العكس مما يرى منتقدوه أنه متردد ولم يحسم أمره تجاه الوضع في سوريا، كما أن أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يدركان أيضاً أن هذا الحل بعيد المنال، وأنهما وكل من موقعه ومصالحه يعملان على إدامة الصراع في سوريا، خدمة لأجندات إقليمية، من جهة، وريثما يتضح البديل الذي سيحكم سوريا. * هل تعتقد أن ما يجري في سوريا تحول من ثورة إلى صراع إقليمي؟ - استطاع النظام وعبر حلفائه الذين دخلوا بقوة على ساحة الصراع السوري أن يحول مجرى الأحداث لتصبح ساحة صراع إقليمي، فانخراط إيران بشكل سافر في الصراع ودعمها اللامحدود للنظام بالإضافة إلى حزب الله الذي أعلن صراحة أنه يقاتل إلى جانب النظام كالمقاتلين من أبناء الطائفة الشيعية في العراق الذين انخرطوا في هذا الصراع إلى جانب الأسد، على أساس طائفي، بينما بدأت التعبئة في الجهة المقابلة أيضاً تتمظهر بشكل طائفي وخاصة مع بروز جبهة النصرة أو القاعدة ومن ورائها، بأهداف ومصالح وأجندات هي حتماً بعيدة عن مصلحة الشعب وثورته ويهدد المنطقة. * هل يمكن القول إن الصراع نحا باتجاه الطائفية؟ - إن الإعلان من قبل زعيم حزب الله أن قواته تدافع عن مقامات شيعية ك مقام «السيدة زينب» أو غيرها جاء ضمن نفس السياق الذي كان يحاول النظام أن يلعب عليه منذ بداية الثورة وتصوير الثورة على أنها عصابات سلفية مسلحة تريد إقامة إمارات إسلامية، وهو افتعال كريه لتأجيج صراع مذهبي في محاولة لحرف الثورة عن أهدافها، وهذا ما شجعته أمريكا في العراق، فلماذا تحاربه في سوريا؟ * هل يعني أن أمريكا لا تريد نظاماً ديمقراطياً في سوريا على أساس المواطنة؟ - من الواضح أن أمريكا في العراق لم تؤسس لنظام ديمقراطي تكون المواطنة والقانون هي الأساس في الحقوق والواجبات، وإنما كرسوا الانتماءات المذهبية والإثنية وأسسوا دولة كسيحة في العراق، كما هي الحالة في لبنان ويسعون الآن لتكرار هذه التجربة في سوريا، وهذا النمط من الدول يناسب المصالح العليا للولايات المتحدة المتمثلة في المنطقة بأمن إسرائيل، وموارد النفط (دول تمزقها الخلافات الطائفية والدينية والإثنية) وهي النظام الذي تحاول أمريكا تكريسه بديلاً لأنظمة الاستبداد الذي جثمت على صدورشعوبها لعقود. * هل ترى أن الحرب باتت طويلة في سوريا وبات السلم بعيد المنال؟ - أعتقد أن فرصة استنزاف إيران وجميع القوى المتصارعة باتت متاحة لأمريكا الآن ولن يدع أوباما هذه الفرصة تفلت من يديه، وأرجح أن يتدفق مزيد من السلاح إلى جميع الأطراف المتصارعة في سوريا، وهذا ما سيجعل إمكانية انتصار أحد الطرفين أمراً بعيد المنال وذلك لأجل غير منظور، وهذا سيكلف الشعب السوري مئات الآلاف من الضحايا ودماراً هائلاً للبلاد. * هل ترى إمكانية أو حلاً يجنب سوريا هذا المصير؟ - البديل الذي يمكن أن يتبادر إلى الذهن هو التفاوض المباشر بين السوريين ولا أظن هذا الأمر ممكناً إلا إذا اقتنعت السلطة باستحالة إعادة سوريا لما قبل مارس2011، وبالتالي اعترافها أن التغيير أصبح أمراً واقعاً لا يمكن تجنبه، كما أنه يتحتم على قوى المعارضة أن ترفض بحزم الانجرار إلى صراع مذهبي لأنه «قتل للثورة وتدمير للوطن» وعليها أن تعمل على عزل كل القوى والعناصر التي تحرض على ذلك باسم الثورة، كما يتحتم عليها اعتبار المؤيدين للسلطة جزءاً مهماً من الشعب، وبالتالي إشراكهم بعملية التغيير. * وهل من الممكن أن يصل كلا الطرفين إلى هذه النتيجة؟ - أعتقد أنه احتمال ضعيف الحدوث، ولكن لا يجوز استبعاد صحوة ضمير. * كيف قرأت الضربة الإسرائيلية للنظام؟ - كانت موجهة للوطن كله وللشعب كله سلطة ومعارضة، وأنه لأمر محزن وسخيف أن يستغلها أحد الطرفين لصالحه خصوصاً أنها رسالة موجهة لقوى إقليمية ودولية تمت بعلم الولاياتالمتحدة، وربما بأمر منها. مقاتل من الجيش الحر في ديرالزور (رويترز)
آثار انفجار قنبلة في حي القصاع ذي الأغلبية المسيحية بدمشق (رويترز)