يمثل الطلاق «وصمة عار» لدى بعض الآباء، حيث يعتقدون أنه يحط من قدرهم في المجتمع، ويمرغ أنوفهم في التراب، رافضين وقوعه ولو كانت النتيجة معاناة بناتهم مع أزواج منحلين أخلاقيا، ومتردين سلوكيا، أو إبقائهن معلقات، فلا هنّ متزوجات ولا مطلقات، مايعرضهن لمشاكل نفسية قد تصل بهن إلى الانتحار. إجبارعلى الزواج تقول هاشمية علي» تزوجت قبل سبع سنوات، من ابن عمي ولم أمكث معه سوى بضعة أشهر، حتى رماني عند أهلي، دون ذنب مني، وأخبرني أن والده أجبره على الزواج مني، وبأنه سطلقني لعدم تقبله لي، إلا أن والدي اتفق معه على تركي معلقة، كي لا يعيّره الناس بأن ابنته مطلقة، فتزوج زوجي من أخرى واستقر في حياته، فشعرت بالظلم وأردت الطلاق، لكنني واجهت رفضا من قبل والدي، حيث خيرني بالبقاء في منزله معلقة، أو الطلاق الذي سيقابله طردي من المنزل، وبرغم تدخل الجيران والأقارب لإقناعه، إلا أنه رفض تغيير رأيه، وتمسك به، ولم أحصل على طلاقي إلا بعد وفاته رحمه الله». حجز الصغر وأوضحت فاطمة حسن أنها وأخواتها قد حُجزن لأبناء عمهن منذ الصغر، وأضافت»على الرغم من سوء سلوكيات أقاربنا إلا أن أبي عقد قراننا بهم، وقام بتأخير حفلة الزفاف حتى توبتهم، ما جعلهم يمثلون الصلاح الذي لم يتثبت منه شيئا، واكتشفت أختي إدمان زوجها على المخدرات بعد ارتباطها به، بينما اكتشفت أنا علاقات زوجي المحرمة، التي كان يحاول جرّي إليها، مقابل مبلغ من المال يصرفه على مسكراته، وكلما ذهب منزل أهلي أعادني والدي، بحجة أنه قد زوجني وانتهت مسؤوليته عني، فعانيت كثيرا للحفاظ على عرضي، وحاولت الانتحار، وحين أصبت بانهيار عصبي شديد رضي برجوعي، شريطة بقائي معلقة، كما قام زوج أختي بطردها من المنزل بعد أن ضربها أمام الجيران الذين خلصوها منه، ورغم أن أبي ذو مؤهل علمي مرتفع، ويعمل في المحاماة، ويقوم على القضايا التي تشبه قضايانا ويترافع لها، إلا أنه رفض طلاقنا». رمى بأغراضها ورمى زوج شيماء أغراضها عند باب منزل أهلها بعد أسبوعين من زواجها منه، ووضحت» ذهبت لزيارة أهلي، فتركني زوجي عندهم إلى اليوم الثاني، وحضر بعدها بجميع أغراضي ورماها أمام المنزل، وأخبر أبي أنه لم يعد يريدني، دون أن يبدي أي سبب، وحاول أبي الاستفسار مني ولم أجد ما أقول، وبعد أسابيع اتصل به والدي وطلب منه أن يحضر لأخذي، بيد أنه رفض وقال أنه يعتزم طلاقي، فحاول والدي معرفة السبب دون جدوى، واتفق معه أن يدفع له مبلغا من المال، ليمسك عن طلاقي ويتركني معلقة، ورضخت في بداية الأمر إلا أنني ثرت لاحقا، ولم أترك لا شيخا ولا صديقا إلا وطلبت منه أن يتوسط لأبي ليقبل بطلاقي، وبعد محاولات استمرت سنتين رضي، إلا أن زوجي ماطل، ولم أحصل على الطلاق إلا بعد ثلاث سنوات لقاء زواج لم يستمر لأسبوعين». وتضيف» بعد طلاقي بسنة تقدم رجال لخطبتي، إلا أن أبي رفض زواجي مرة أخرى ولم يقبل بأي منهم رغم صفاتهم الممتازة، ومجادلة الشيوخ له». يعارض الشريعة وأوضح مأذون الأنكحة والداعية الإسلامي الدكتور خالد أبو القاسم ل»الشرق» أن حكم تعليق الزوجة حرام وإثم كبير يعارض قواعد الشريعة وينافي الفِطَر السليمة، سواءً كان من قبل الزوج أو الأب، فهو ظلم عظيم وباطل مردود لا يقره دين ولا يرضى عنه ضمير، له من الآثار السيئة والنتائج الوخيمة والسلبيات العديدة الكثير، ومن حيث إنه يعارض قواعد الشريعة الغراء، فإنه يعد ضرراً بالزوجة، فلا ضرر ولا ضرار في الإسلام، ولا حرج في الدين ولا عَنَت ولا مشقة ولا قهر ولا إذلال، وقد سمّاه الله تعالى ضراراً واعتداء، ومن حيث آثاره الممقوتة على الزوجة فإنه ربما يؤدي بها إلى الانتحار أو الإصابة بالهم والغم والجنون ويلحق بها تبعات كثيرة. الكتاب والسنة وبين أبو القاسم أنه قد دل على بطلان تعليق الزوجة الكتاب والسنة والأثر والمعنى، مستشهدا بقوله تعالى»وإذا طلقتهم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا» كما استشهد بحديث الرسول صلى الله عليه و سلم: (لا ضرر و لا ضرار)، مبينا أن على ذلك أسّس العلماء القاعدة الفقهية المعروفة بأن الضرر يزال، ويدل تحرم الشريعة للمضارة بقوة على أن الإضرار بالمرأة و تعليقها جريمة في حقها، يأثم بها الرجل إثماً عظيماً، لأنه قد يضطر المرأة لتمارس ما لا ترضاه، فتمد يدها للغير طلباً للمساعدة وقد تتنازل بذلك عن شيء من شرفها وعفتها، وقد يعرضها ذلك للانحراف الأخلاقي، وذلك إثم عظيم يتحمل وزره الأول الرجل الذي اختلط في ذهنه عقد النكاح مع الرق والسبي.