مظلات المسجد النبوي.. تُحف وإبداع معماري    307 مليارات ريال صادرات المملكة غير النفطية بالنصف الأول من 2025    صدارة سعودية في المؤشرات الدولية    تراجع الذهب وهبوط الأسهم.. وسياسات «فيدرالية» جديدة 2026    "مسام" ينزع (699) لغماً من الأراضي اليمنية خلال أسبوع    ولي العهد يتلقى رسالة من رئيسة تنزانيا    معرض للتوعية بالسلامة البحرية    أمانة المدينة ترفع كفاءة «تصريف السيول»    «هلال الباحة» يُفعّل خطة الشتاء    المملكة تفوز برئاسة اتحاد إذاعات الدول العربية    فيصل بن مشعل يطلع على برامج الكلية التطبيقية بجامعة القصيم    شوطا «المنغولية» في أكبر تجمع للصقور بالعالم    «هيئة الحرمين» توفّر سوارًا تعريفيًا للأطفال    أمير نجران يُدشِّن مبادرة النقل الإسعافي للمرضى المحتاجين    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يفتتح أحدث مركز للطب النووي والتصوير الجزيئي    تعليق الدراسة.. قرار تنظيمي تحكمه إجراءات ومعايير واضحة    الأخضر بطلاً لكأس الخليج تحت 23 عاماً    في دور ال 32 لكأس ملك إسبانيا.. قطبا العاصمة أمام تالافيرا وبالياريس    باريس سان جيرمان وفلامنغو في نهائي كأس القارات    «البيئة» تشدد على حماية الرقعة الخضراء.. منع العبور بالمناطق البرية وتغريم المتجاوزين    رصد مخالفات بيع على الخارطة.. هيئة العقار: مباشرة الإجراءات النظامية بحق 25 مطوراً عقارياً    المملكة رائدة أمن المطارات في العالم    إطلاق برنامج «خبراء التطوير المهني» التعليمي    القيادة تعزي ملك المغرب في ضحايا الأمطار والفيضانات    بسبب قمع المعارضين.. كندا تفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين    ترفض أي وجود لقوات غربية.. روسيا تسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا    الإدمان النظيف.. كيف ندمن ما يقتلنا ببطء    أثر القراءة لا يزول    حوارية ب«كتاب جدة» حول الهوية الثقافية    «أمهات المختطفين»: عذبوا المحتجزين.. مطالبة باستبعاد مسؤولين حوثيين من مفاوضات مسقط    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    أمينة العنزي: أول رائدة في مجال الصقارة بالحدود الشمالية    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    الصحة العالمية: ظهور سلالة فيروسية جديدة للإنفلونزا    5 أشياء في منزلك تزيد من خطر السرطان    في الشباك    ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجدداً بشبهة التلاعب بالشهود    ترامب وقع أوامر تنفيذية في أقل من عام أكثر ممّا وقعه في ولايته الأولى    28.88 مليار ريال رواتب موظفي القطاع غير الربحي    مليار دولار مشتريات الساعات الفاخرة    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة    اكتشافات أثرية    انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة جائزة الجميح لحفظ القرآن الكريم في دورتها السابعة عشر    الإيمان يولد من المحبة لا من الخوف    مشكاة يشارك في جناح الطفل بمعرض جدة للكتاب 2025    زيلينسكي: مقترحات إنهاء الحرب في أوكرانيا قد تُعرض على روسيا خلال أيام    4658 حالة إسعافية بالجوف    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    الأمان المجتمعي يبدأ من الحوار    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زوجات معلقات: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
نشر في عكاظ يوم 05 - 08 - 2011

إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، قاعدة ثابتة ومبدأ يحفظ حقوق وكرامة الزوجة ويبعد الضغينة والأحقاد بين أفراد الأسرة؛ الزوجة، الزوج والأبناء الذين يعتبرون اللبنة الأساسية في المجتمع المسلم، تطبيق هذا المبدأ كأساس للعلاقات الزوجية من شأنه أن ينهي كافة أشكال ومظاهر الظلم التي تعتري الحياة الزوجية، وما يزيد في معاناة من أوقعها حظها في دروب التعليق، تأخر البت في القضايا لدى المحاكم لطول أمد التقاضي أو تعنت الزوج وامتناعه عن حضور الجلسات، «عكاظ الأسبوعية» تعرض بعض الحالات المعلقة وأيضا آراء القضاة والقانونيين والمصلحين الاجتماعيين.
في البداية، بينت أم عبدالله (امرأة في عقدها الثالث) أن زوجها هجرها قبل أربعة أعوام دون أسباب، بعد حياه زوجية دامت أكثر من 12 عاماً، أنجبت منه أربعة أبناء أكبرهم 12 عاماً، وأضافت: لم يطلقني بل تركني معلقة بعد أن سلبني زهرة شبابي وحكم على حياتي بالموت البطيء، ولم يترك لي ما أعيش عليه، ورغم ذلك، لم أبالِِ، بيد أن ما أحرق قلبي وكسر فوائدي، حرماني رؤية اثنين من أبنائي (ولد وبنت) حتى شارفت من الجنون.
وواصلت أم عبدالله سرد مأساتها بحسرة: انتقل زوجي بأبنائي للعيش في مدينة أخرى، بعد أن تزوج بأخرى، وتركني في بيت أهلي مع اثنين من أبنائي أعيش الحسرة وألم الفراق، «لا عائل لنا ولا إثبات هوية حتى لا أستفيد من الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية»، وليس لدي من يحميني من بطشه ويقف في وجهه غير والدتي العجوز التي تعرضت للضرب والطرد من منزله، وهي امرأة مسنة حاولت الدفاع عني، دون أن أعلم سبب قسوته، خصوصاً أنه يضربني ويوجه الشتائم لي أمام أبنائي، ولا يرحم بكاءهم وصرخاتهم، موضحة أنها «طلبت من أحد الأقرباء التوسط بيننا إلا أنه رفض وزاد عناده».
وتساءلت أم عبدالله: «أي ظلم هذا الذي أحياه أنا وأولادي بسبب ظلم رجل فقد الرحمة من قلبه»، وختمت حديثها بالقول: «أريد الخلاص والرأفة بأبنائي من شر هذا الرجل، خصوصاً أن فكرة الانتحار أصبحت تراود مخيلتي؛ للظلم الذي وقع على عاتقي من زوج قاسي القلب ومجتمع لا يقف بجانب المظلوم».
5 أعوام في المحاكم
ولم تكن أم عبدالعزيز بأحسن حالا من سابقتها، حيث قضت أكثر من خمسة أعوام في مراجعة المحاكم والجهات ذات الاختصاص من أجل إنهاء معاناتها مع زوجها، الذي وصفته بغير السوي، وأضافت: منذ سنوات وأنا أراجع المحاكم جلسة بعد أخرى في قضية خلع رفعتها للتخلص من زوج قاسي القلب أذلني وأهان كرامتي، وفي كل مرة يتهرب من حضور الجلسات التي طال أمدها واستنزفت قدراتي دون أن تبدو في آخر النفق نهاية للمأساة، خصوصاً أن المجتمع يعتبر الخلع عارا على الرجل ويسبب له الفضيحة. وأضافت: هناك الكثير من السيدات يواجهن المعاناة نفسها «المسكوت» عنها، ولكنني رغم ما عانيته من تهديد بحرماني من أبنائي وركضي خلف القضية في المحاكم تمكنت من الحصول على حكم الخلع، ليبقى مصير عدد مقدر من النساء غير القادرات على متابعة قضاياهن في المحاكم، معلقا إلى أجل غير مسمى.
للزواج موازنة
من جانبه، أوضح القاضي في محكمة الاستئناف في الدمام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالرحمن اليوسف، أن لكل من الزوج والزوجة حقوقا واجبة على الطرف الآخر، ومتى أدرك الزوجان هذا الأمر كان زواجهما خير زواج وأسعده؛ لأن الزواج له موازنة إذا اختلت بسبب أحد الزوجين يكون ذلك سببا لزرع بذرة الخلاف والشقاق وبداية الشرخ في عقد الزواج، ولعل من أبسط الحقوق أن يكون للزوجة الحق في إبداء رأيها فيما يخص الحياة الزوجية؛ لأنها أحد أطراف النكاح ولها مسؤولية فيه، قال نبينا محمد عليه الصلاة والسلام (.. والمرأة راعية في بيتها).
وأضاف الشيخ اليوسف: لا يجوز تعليق الزوج لزوجته للأضرار بها أو هضمه لحقوقها، وأيضاً لجوء الزوجة لطلب الطلاق وكأن التقصير منه، وهي صفات قبيحة كانت موجودة في الجاهلية قبل الإسلام، وجاء الإسلام بإبطالها والأمر بمعاشرة النساء بالمعروف والإحسان إليهن وعدم ظلمهن، قال الله تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا {النساء:19})، فالزوج إذا أحسن فإنه يحسن لنفسه، وظلمه للغير وبال عليه خصوصاً ظلمه لأقرب الناس له، ولذا كانت وصية رسول الهدى عليه الصلاة والسلام للأزواج بقوله (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
وقلل الشيخ اليوسف من نسبة حالات تعليق الزوج لزوجته ولا تتجاوز خمسة في المائة من حالات الزواج المنظورة في المحاكم، وهناك الكثير من الزوجات يعلقن ويصبرن ولا يفصحن عن أسرارهن باعتبار أن البيوت أسرار، وأضاف: الإسلام كفل حقوق الجميع، فالناشز من الزوجات ساقطة الحقوق لها كامل الحقوق ولها المطالبة بها لدى المحاكم إذا أصر الزوج على عدم القيام بها، مؤكداً اهتمام المحاكم بقضايا الهجر أو التعليق، مستدركاً أن الحكم في القضية لا يكون مبنيا على الدعوى فقط، بل هناك الجواب على الدعوى من الزوج، وأيضاً طلب البينة من الزوجة على التعليق والهجر، ثم أخيرا الحكم في القضية بعد استكمال لازم البينة؛ لأن القاضي إنما يحكم بحسب ما يقدم له من حجج وبراهين، وقد تكون الزوجة محقة في دعواها لكن بينتها قصرت عن إثبات الدعوى، وهناك من القضاة من يراعي جانب الإصلاح الأسري ويحاول التوفيق بين الزوجين طلبا لمصلحة الأبناء بناء على رغبة طرفي القضية أو أحدهما.
وذكر اليوسف أن الكثير من القضاة يوفقون في الإصلاح بين الكثير من الأزواج، علماً أن بعض المحاكم العامة في المدن تغص بعدد مهول من القضايا المختلفة، ومن هنا راعت التنظيمات القضائية الأخيرة هذا الجانب باستحداث محاكم متخصصة للأحوال الشخصية لتسريع القضايا الأسرية، وللأهمية فإن القضية أيا كان نوعها تحتاج من القاضي وقتا وجهدا، وتؤثر في إصدار الحكم سرعة تجاوب المدعى عليه بالحضور وسرعة تقديم البينة لاسيما في قضايا الأسر والنفقات والحضانة والحقوق الزوجية.
أضرار مادية ونفسية
إلى ذلك، أرجع المحامي والمستشار القانوني وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً، وعضو اتحاد المحامين العرب صالح مسفر الغامدي، أسباب تأخير إنهاء إجراءات التحاكم في الكثير من قضايا المعلقات، إلى تأخير التقاضي مما يتسبب في أضرار مادية ونفسية للمعلقة، مطالبا بأن تكون هناك وقفة من الجهات المعنية لإعادة النظر في ما تواجهه المعلقة من معاناة وضغوط قد تؤدي بها إلى مشكلات أخرى.
وقال الغامدي إن العدالة تقتضي إمساكا بمعروف أو تسريحا بإحسان، مبيناً بأن الإجراءات المتبعة بخصوص هذا الموضوع هي محاولة الصلح مع الزوج وتقريب وجهات النظر، وفي حال فشلت كل المحاولات يتم رفع دعوى أمام المحكمة العامة حسب الطرق المعتادة نظاماً، وفي حال عدم معرفة عنوان الزوج أو التهرب من حضور الجلسات يتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية منها البحث عنه عبر الجهات الرسمية (البحث الجنائي)، وتعميم اسمه بالحاسب الآلي أو الإعلان عن حضوره عن طريق نشر ذلك في الصحافة، ويتم بعد ذلك السير في الدعوى غيابياً.
وذكر الغامدي بأن تأخير القضايا المقدمة من الزوجات على أزواجهن وتفادي التأخير هو أن الشريعة الإسلامية الغراء بنصوصها الرائعة تعرف معاني التعقيد، وهي التي قام على مبادئها نظام الأحوال الشخصية الذي نتعامل به حتى الآن، ومن أهم مبادئ الشريعة الإسلامية أنه (لا ضرر ولا ضرار)، حيث تظل الزوجة معلقة في المحكمة تسعى للحصول على حقها المشروع دون جدوى، نتيجة إطالة أمد التقاضي، وعلى الدولة النظر بعين الشفقة والرحمة للمرأة، باعتبار المرأة كائنا ضعيفا، ولا تستطيع الصمود أمام عقبات الدهر.
وأضاف: التأخر في الرد على قضايا المعلقات لدى المحاكم، يعود إلى أن الزوجات قد يتقدمن للمحاكم بدعوى الهجر أو التعليق، وتطالب بما لها من حقوق على زوجها، والمحاكم تعطي لهذه القضايا اهتماما وأهمية كغيرها من القضايا، ولكن الحكم في القضية لا يكون مبنيا على الدعوى فقط، بل هناك الجواب على الدعوى من الزوج، وأيضاً طلب البينة من الزوجة على التعليق والهجر، ثم أخيرا النطق بالحكم بعد استكمال لازم البينة؛ لأن القاضي إنما يحكم بحسب ما يقدم له من حجج وبراهين، وقد تكون الزوجة محقة في دعواها لكن بينتها قصرت عن إثبات الدعوى، ثم إن من القضاة من يراعي جانب الإصلاح الأسري ويحاول التوفيق بين الزوجين طلبا لمصلحتهما وأولادهما بناء على رغبة طرفي القضية أو أحدهما، وقد وفق القضاة في الإصلاح بين الكثير من الأزواج.
إصلاح ذات البين
من جهته، نفى مدير مركز التنمية الأسرية ورئيس لجنة إصلاح ذات البين في الأحساء التابعة لإمارة المنطقة الشرقية الدكتور خالد الحليبي، أن تكون قضايا المعلقات تحولت إلى الظاهرة، وأضاف: تردنا حالات كثيرة لكنها لا تعتبر ظاهرة، ولا توجد إحصائيات تدل على ذلك، ومن صالح الزوجين في مثل حالات الطلاق طلاق مبكر أو رغبة في إحداث الطلاق فمن صالحهما التأخير؛ لأنه يمكن أن يحدث الإصلاح فيما بينهما، لأن الطلاق يحدث نتيجة الاستعجال المصحوب بالندم، وبين الدكتور الحليبي وجود حالات في المحكمة يتأخر البت فيها، ما يؤدي إلى تضاعف المشكلات ومنها حالات المعلقات، والله عز وجل نهى عن ذلك، وعزا الدكتور الحليبي سبب تأخر القضايا لدى المحاكم إلى قلة عدد القضاة، وأيضا للتأجيل؛ نظراً لعدم حضور الزوج، وطالب الجهات المسؤولة إحضار الزوج بقوة القانون، مؤكداً على أن أفضل الطرق لضمان حق الزوجة المعلقة اللجوء إلى مراكز الإصلاح ذات البين، أو مراكز الأسرة للتخفيف من العواقب التي قد تترتب في حال اللجوء إلى المحاكم في مثل هذه القضايا، مشيراً إلى دور المراكز الاجتماعية الكبير في التخفيف من حالات ظلم المرأة ماديا وعدم إعطائها حقها في الفراش، حيث نجحت هذه المراكز في حل العديد من قضايا عضل البنات بنسبة 100 في المائة والإصلاح في حالات الطلاق بنسبة 75 في المائة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.