محمود أحمد مُنشي الوفاء، بحر من المعاني لا توفيه حقه كل الأقلام، هو إحساس يتدفق مع كل نبضة قلب مخلص، الوفاء عزيمة وارتباط وانتماء وذوبان وانصهار كامل مع كل ذرة تراب. الوفاء هو رد الجميل لمن يُقدمون كل شيء في سبيل راحة المواطن وابن الأرض التي يعيش فوقها ويأكل من خيرها ويحمل اسمها. الوفاء لولاة الأمر قادة بلادنا (بلاد الحرمين الشريفين رعاهم الله) الذين لا يألون جُهداً ولا يدخرون وسعاً في بناء إنسان هذا الوطن وتسخير جميع الإمكانات أمامه ليكون بذرة خير وعطاء يبنى ويساعد في بناء هذا الكيان المتين يحافظ على مقدراته ومكتسباته يبذُل الروح رخيصة لشموخ بلد الأمن والأمان. الوفاء هو رداء النقاء للنفس البشرية. الوفاء هو دين في رقاب المخلصين وديدنُهم يردُه في كل لحظة عطاء وإبداع واجتهاد وذود عن كل ذرة تراب للوطن… الوفاء هو القيم والمُثل والشكر لله عزّ وجل من قبل ومن بعد الذي أنعم وأجزل العطاء وهذه النعم التي لا تعد ولا تحصى قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)، بالشكر تدوم النِعم. الوفاء لمن يموت من أجلك… لمن يُعطيك الأمن والأمان… لمن يوفر لك كل سُبل الرخاء والعيش الرغيد. الوفاء هو الإخلاص المُطلق والحب المتدفق والتفاني والعطاء وبذل كل غالٍ وثمين في سبيل ترجمة الأقوال والأفعال إلى واقع ملموس.الوفاء مع النفس والذات ومع واقعك في أقوالك وأفعالك وأن تحاسب نفسك الأمارة بالسوء كلما جنحت عن جادة الطريق وأن تروضها على الخير وفعله. الوفاء للذين أحسنوا تربيتنا وكانوا السبب في وجودنا تكبدوا المشاق وعانوا كثيراً إلى أن أصبحنا والحمد لله رجالاً أسوياء، كان لزاماً علينا أن نقوم على رعايتهما والاهتمام بهما والإحسان إليهما والقيام على كل شؤونهما بما نستطيع ولا نستكثر عليهما شيئا بل مهما عملنا نحوهما فإننا وأيم الله مُقصرون في حقوقهما، رغم قسوة ظروف الحياة التي قد تعترض طريقهما إلا أنهما بعزيمتهما واتكالهما على المولى عزّ وجل يفعلان ما بوسعهما لتكون حياتنا طيبة هنيئة والبعض يتخلّى من مروءته وشهامته وقبل هذا ما أمره الله عزّ وجل في حقهما وشأنهما العظيم يُفرط في هذا الفضل العظيم يلهو في الحياة دون اكتراث ويتركهما للزمان ولأهل الخير ليقوموا برعايتهما بل أكثر من ذلك عقوقهما إلى أمور يصعب عليَّ ذكرها، ألا تعلم أنه كما تدين تُدان سوف يُعاملونك أبناؤك بمثل ما اقترفت يداك ونفسك الآثمة وسوف تعض أصابع الندم وتندم شرّ ندم. أسأل الله أن يهدى ضالنا إلى سواء السبيل وقوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ). الوفاء لأهل بيتنا لزوجاتنا اللاتي يرعن بيوتنا ويصن عِرضنا ويقمن على تربية ورعاية شؤون أبنائنا… الوفاء لكل من له حق علينا وعلمنا حرفاً وأسدى إلينا معروفاً قلّ أو كثُر. الوفاء عندما نطرح قضيةً أو موضوعاً أن نكون صادقين واقعيين حقاً وبلا أهواء. لا أن نكون مع جهة دون أخرى… أن تغوص في المادة التي أعددتها في طرحك أن تضع النقاط على الحروف والرؤى للحلول التي ترى أنها مناسبة وجديرة وتساعد على تلافي الأخطاء والسلبيات وأن يكون نقدك بناءً هادفاً لا للانتقاد وحسب بلا تجريح وبلا قصد الظهور فقط لكي يقال عنك من قبل من يستهون هذه المهاترات والتفاهات التي لا طائل منها سوى الفتن والبلبلة والإثارة وحتى نبتعد عن المتسلقين الذين سرعان ما تنكشف ألاعيبهم وحيلهم ويقعون في شر أعمالهم… الوفاء هو ترجمة مختصرة لتقديم الروح والابن والمال في سبيل الله والدين ثم المليك والوطن، والحق سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز:( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ الله إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ).