وجَّه أمير مكةالمكرمة بإعداد دراسةٍ شاملةٍ عن نقل الحجاج، مُسنِداً هذه المهمة إلى هيئة تطوير المنطقة، بينما استقبل أمير المدينةالمنورة رؤساء بعثات حجٍّ رسمية عربية وإسلامية. ونبَّه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة، الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، إلى أهمية إدارة الحركة نظراً لاعتماد العاصمة المقدسة عليها في شكلٍ كبير. وأكد لدى ترؤسه أمس في مقر الإمارة في جدة اجتماع الهيئة العليا لمراقبة نقل الحجاج «لا بد من إدراك ذلك في كل الخطط». وأشار إلى وجوب اتسام وسائل النقل المخصصة لضيوف الرحمن بالكفاءة العالية، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة إدخال التقنية في كل الأعمال المتعلقة بالحج والعمرة. وشدَّد الفيصل «المملكة قيادةً وحكومةً وشعباً تحرص على تقديم أعلى درجات الخدمة لضيوف الرحمن من منطلق واجبها الديني والإسلامي» و»مناسبة الحج هي الأهم لدينا، إذ تحظى برعاية القيادة والحكومة في المملكة، من هذا المنطلق فإنه لا يوجد لدينا أهم من خدمة ضيوف الرحمن، سيما أن الله شرفنا بجوار بيته الحرام وخدمة ضيوفه التي تعدُّ مصدر فخرٍ واعتزاز لنا جميعاً». وكلَّف الأميرُ، وهو أيضاً رئيس لجنة الحج المركزية والهيئة العليا لمراقبة نقل الحجاج، هيئةََ تطوير منطقة مكةالمكرمة بإعداد دراسة شاملة عن نقل الحجاج، بهدف تطوير هذه المنظومة والاستفادة من التقنية الحديثة في مكة والمشاعر المقدسة. وأقرَّ الاجتماعُ نفسه استبعاد الحافلات المخصصة لنقل الحجاج إذا تجاوز تاريخ تصنيعها 10 سنوات، وذلك بدءاً من موسم الحج المقبل، فيما كانت الفترة المحددة سابقاً 18 سنة. واستعرض المجتمعون، وبينهم وزيرا الحج والعمرة والنقل، الخطة المعتمدة لنقل الحجاج ووضع الترتيبات لمشروع توطين وظائف السائقين والفنيين والعاملين في عمليات النقل هذه. كذلك؛ استعرضوا آليات تطوير الخطط المرورية لنقل الحجاج في العاصمة المقدسة والمشاعر، وسبل معالجة سلبيات مشاركة المركبات الصغيرة في عمليات النقل، مع منع المركبات التي تقلُّ سعتُها عن 25 شخصاً من النقل إلى المشاعر. إلى ذلك؛ استقبل أمير منطقة المدينةالمنورة، الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، رؤساء بعثات الحج الرسمية من الدول العربية والجاليات الإسلامية. وأكد الأمير فيصل، في كلمةٍ بهذه المناسبة، عدم ادِّخار حكومة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، جهداً في سبيل تسخير جميع الإمكانات والموارد لراحة ضيوف الرحمن، مشيراً إلى حرصِها على تطويع التقنية الحديثة لتمكينهم من أداء نسكهم بيُسرٍ وسهولة. وأضاف أن عناية قادة هذه الدولة المباركة ببيت الله الحرام والمشاعر المقدسة هي من صميم رسالة ملوك المملكة بدايةً من عهد المؤسس الملك عبدالعزيز – طيَّب الله ثراه- حتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز. وفي كلمته؛ شدَّد الأمير فيصل على ضرورة اهتمام دعاة المسلمين في مختلف بقاع الأرض بإيضاح قيم التسامح والتآلف والتعايش السلمي التي دعا إليها الدين الإسلامي الحنيف وكانت محطَّ اهتمام النبي – صلى الله عليه وسلم- عند تأسيس الدولة الإسلامية الوليدة في عاصمة الإسلام الأولى المدينةالمنورة، إذ كانت أولى خطواته وضع وثيقة تنظِّم علاقة أفراد المجتمع. وذكَّر الأمير ب «أن الظروف حينها كانت تقتضي حماية هذا المجتمع الوليد وهو في بداياته غضّاً طريّاً». وتابع بقوله «أدرك القائد الفذّ والسياسي الحصيف محمد بن عبدالله أنه لن يحمي المجتمع سوى قيم التسامح والتآلف والتعايش السلمي بين مختلف مكوّناته، فليس هناك تعايش سلمي أفضل من أن تعي الدولة الإسلامية في مهدها بخصوصيات كلّ فئة من فئات المجتمع بزعامتها ومشكلاتها وأعرافها وتقاليدها». ولاحظ الأمير فيصل أن معاهدة المدينةالمنورة التي أبرمها النبي – صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته كشفت بما تضمَّنته من قيم الرحمة وحفظ الأرواح والممتلكات والتعاون والتناصح لحماية الوطن وسيادة العدل والتكافل الاجتماعي؛ الواقعَ الذي التزم به الحاكم وجميع أفراد دولته، فكانت تطبيقاً عمليّاً لتعاليم الإسلام في حسن التعايش مع الآخرين ودليلاً على أن الإسلام دين يقبل الآخر ويحترمه ويقرّ بالاختلاف بين الناس في أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم. واستطرد أمير المدينةالمنورة «هذه هي قيمنا الإسلامية الصافية التي لا يشوبها شيء ولا يمكن أن نلصِق بها ما يُمارسه بعض المجرمين من عنفٍ وتطرُّفٍ وإرهابٍ باسم الإسلام، وهم لا يمتّون إليه بصلةٍ»، نافياً أن يكون مثل هذا السلوك ناتجاً من «دافعٍ ديني أو إنساني» وإنما «هو سلوك إجرامي لا يعرف الرحمة وعقل لا يأتمر إلا بهواه». وأشار، في هذا الإطار، إلى التوجيهات الحازمة والحاسمة لخادم الحرمين الشريفين عندما أكَّد أن «أكبر تحدٍّ تواجهه أمتنا الإسلامية هو المحافظة على ثروتها الحقيقية، وأمل مستقبلها، وهم الشباب، من المخاطر التي تواجههم، وبخاصة الغلو والتطرّف واتّباع الدعوات الخبيثة المضلّلة التي تدفعهم إلى سلوكات وممارسات شاذة وغريبة تتنافى مع الفطرة السوية، ومع مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، وثوابت وقيم مجتمعاتنا الإسلامية». وختم الأمير فيصل كلمته بإبداء حزنه من «موقف هؤلاء المنتسبين إلى الإسلام الذين يحاولون العبث بالأماكن المقدسة فيروِّعون الحجيج والمعتمرين والزوار»، متسائلاً «إذ كيف تسوّل لهم أنفسهم ذلك وهم يعلمون حرمتها؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن المدينةالمنورة: لكلّ نبي حرم، وحرمي المدينة، اللهم إني أحرّمها بحرمك أن لا يُؤوَى فيها محدث، ولا يُختلى خلاها، ولا يُعضد شوكها، ولا تُؤخذ لقطتها إلا لمنشد». وفي سياق الاستعدادات لموسم الفريضة؛ أفادت المديرية العامة للجوازات بأن عدد الحجاج القادمين من الخارج منذ بدء القدوم وحتى نهاية أمس الأول بلغ 500 ألفٍ و3 حجاج. ووفق إحصائية المديرية؛ توزَّع هؤلاء بين 490 ألفاً و919 قدِموا جوّاً، و5 آلاف و489 قدِموا بحراً، في حين قدِم 3 آلاف و595 برَّاً. في شأنٍ متصل؛ أعلن مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة، ممثَّلاً في مجمع صالات الحج والعمرة، إكمال الاستعدادات لاستقبال الحجاج، الذين يُتوقَّع وصول عددهم الإجمالي إلى 850 ألفاً عبر هذا المنفذ الجوي. وكانت مرحلة قدومهم بدأت مطلع شهر ذي القعدة الجاري، على أن تنتهي في ال 4 من ذي الحجة المقبل. ووفقاً للمطار؛ تستعد 14 صالة في مجمع صالات الحج والعمرة لاستقبال ضيوف الرحمن. ويقضي الجزء الأول من هذه الخطة التشغيلية بتحويل جميع صالات المجمع إلى اتجاهٍ واحد هو القدوم «بما يوفر مزيداً من المرونة والسهولة لتحركات الحجاج» وذلك بالتعاون مع جهات حكومية وأهلية معنيَّة. أما الجزء الثاني من الخطة التشغيلية فيبدأ من ال 15 من سبتمبر وحتى ال 16 من أكتوبر، إذ سيتم تحويل جميع الصالات إلى اتجاه واحد وهو المغادرة. ويستغرق إنهاء إجراءات الحجاج القادمين عبر مجمع صالات الحج والعمرة من 30 إلى 45 دقيقة. وفي حين تستوعب خطة «الوصول» 3800 حاج في الساعة؛ تستوعب خطة «المغادرة» 3500 حاج في الساعة، بحسب ما أفاد مطار الملك عبدالعزيز الدولي أمس.