فتحنا كثيراً من الملفات الأدبية، ناقشنا بعضها، وبقيت بعض الملفات الشائكة مغلقة حتى هذه اللحظة، ولاتزال الرؤى والأفكار تدور حول الثقافة وهيئتها المنتظرة، وأنديتها الأدبية، ولائحتها، وانتخاباتها المقبلة، على أمل أن تسارع وزارة الثقافة والإعلام في تأسيس هيئة الثقافة التي تم إقرارها بالأمر السامي الكريم خلال الشهر الماضي، فجميع المثقفين ينتظرونها بفارغ الصبر لمعرفة مهامها، وتحديد مسؤولياتها، التي نتوقع أن تُعنى بالأندية الأدبية، وجمعية الثقافة والفنون، والمسرح والسينما، والصالونات الأهلية والجمعيات الثقافية الأخرى، كما نرى أنها ستعمل بالتكامل مع هيئتين مهمتين هما «هيئة السياحة والآثار، وهيئة الترفيه». الانتخابات الأدبية على الأبواب، لكن هناك مَن يتوجس خيفة من هذه الانتخابات، وكأنها بعبع قادم ليقضي على ما تبقى من حياة الأندية الأدبية في ظل شروط اللائحة الحالية، فبعض المثقفين يخشى من الشروط التي ستفتح المجال للقاصي والداني من حاملي مؤهل اللغويات وآدابها الذين ليس لهم علاقة بالأدب والثقافة، ويعود نظام «صديق أديب»، مرة أخرى، للتطبيل لأصدقائهم الأعضاء الذين وفرت لهم اللائحة فرصة العضوية العاملة، وبالتالي تفقد الأندية القيادات الأدبية الفاعلة التي في إمكانها إعادة ما أفسده نظام «الفزعة» في المرحلة الماضية. ويرى آخرون أن تتريث وزارة الثقافة قليلاً، وتؤجل الانتخابات حتى يتم تأسيس هيئة الثقافة، وتحدد مهامها، وتشرع في أعمالها، مؤكدين أن الأندية الأدبية ستكون من أولوياتها، وهذه الآراء التي تطرح مطالبتها بتأجيل انتخابات الأندية الأدبية، دافعها العاطفة، والخوف على مسيرة الأندية، ولا أرى هناك ما يخيفهم حتى مع شروط اللائحة المجحفة التي تم بناؤها على رؤى لجان تتكوَّن من أدباء وأكاديميين معظمهم من خريجي اللغات وآدابها. لا نريد أن نتهم اللجنة بالانحياز إلى تخصصاتهم، أو إلى فئة معينة من الجامعيين دون المؤهلات الجامعية الأخرى، إنما في الحقيقة شروط اللائحة غير منصفة، وعلى الوزارة أن تعيد النظر فيها بالطريقة التي تُرضي الجميع، ولا أرى ضرورةً لتأجيل الانتخابات حتى تأتي هيئة الثقافة للنظر في مطالب المثقفين المتضررين من اللائحة التي أقصتهم عن المشاركة في الفعل الثقافي مع قدرتهم على ذلك. ندرك أن الوزارة تحتاج وقتاً كبيراً لتأسيس الهيئة الثقافية، وصياغة أهدافها، وإقرار مجلس إدارتها، وبالتأكيد تحتاج إلى لائحة لتنظيم عملها أسوة بمثيلاتها من الهيئات على الأقل لرسم الخطوط العريضة لأعمالها، وبيان مهماتها، وهذا لن يتم إنجازه بالسرعة التي يتوقعها بعض المتخوفين. الانتخابات أصبحت منجزاً على أرض الواقع مع معرفتنا بما يعتريها من تكتلات وتحزبات، إلا أنه لا يمكن التراجع عنها؛ فهي خطوة متقدمة، والتنازل عنها انتكاسة لمشروع ديمقراطي مهم جداً في هذه المرحلة، وكل ما نريده هو تكريس ثقافة الانتخابات النزيهة الحرة، وأن يبتعد الناخبون عن منح الأصوات المجانية إلى أصحابهم وأصدقائهم، فالانتخاب ثقافة، يجب أن يكون مبنياً على أسس منهجية ومشاريع انتخابية مقدمة من المرشحين أنفسهم، وجعل التنافس بين هذه المشاريع المقدمة هو الفيصل في منح الأصوات إلى مَنْ يستحق.