في مقابل رغبةٍ رئاسيةٍ في مدِّ حالة الطوارئ التي أُعلِنَت في فرنسا عقب اعتداءات نوفمبر؛ تُطرَح شكوكٌ في فاعلية الخطوة ومخاوفٌ من تأثيرها السلبي على الديمقراطية. ويرغب الرئيس، فرانسوا هولاند، في تمديدٍ ل 3 أشهرٍ للطوارئ المطبَّقة حتى ال 26 من فبراير المقبل. ويستهدف هولاند العمل بهذا الإجراء الاستثنائي لحين تبنّي إصلاح دستوري وقانون للعقوبات يعزِّز صلاحيات التحقيق في قضايا الإرهاب. ويؤيده اليمين والوسط، لكن اليسار منقسم. واعترف رئيس اللجنة البرلمانية المكلِّفة بمراقبة تطبيق حالة الطوارئ، جان جاك أورفوا، مؤخراً بأن «الأثر المباغت لهذه الحالة على الشبكات الإرهابية تراجع إلى حدٍ كبيرٍ اليوم». وتعتبر رابطة حقوق الإنسان حصيلة تطبيق الإجراء ضئيلةً على ما يبدو «إذ إن 2721 عملية دهم و376 عملية توقيف و382 حالة فُرِضَت فيها الإقامة الجبرية و500 حالة اكتُشِفَت فيها قطعة سلاح؛ لم تؤدِّ كلها سوى إلى 4 دعاوى قضائية مرتبطة بالإرهاب». وبعد أسابيع من الصدمة التي سبَّبتها أسوأ اعتداءاتٍ إرهابيةٍ تشهدها البلاد؛ ينظم معارضو الطوارئ صفوفهم من حقوقيين ومثقفين ومؤسسات. وظهرت عرائض ودعوات إلى التظاهر خصوصاً في ال 30 من يناير في باريس. واعتُبِرَ خيار الرئيس الاشتراكي إدراج حالة الطوارئ في الدستور وخصوصاً إمكانية سحب الجنسية من الذين يحملون جنسيات أخرى ويدانون بجرائم إرهابية؛ انتهاكاً وحتى خيانةً لمُثُل الجمهورية. وهذا الإجراء الأخير تطالب به المعارضة اليمينية وقبلها اليمين المتطرف. وطلب الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي، من هولاند الجمعة أن يشمل سحب الجنسية الجرائم والجنح المرتبطة بالإرهاب. لكن اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان لا ترى فائدة في سحب الجنسية في مجال منع الأعمال الإرهابية. وحذرت اللجنة، وهي هيئة مستقلة أنشأتها الدولة وتضم شخصيات وممثلين عن المجتمع المدني، من فرض «تمييز في المعاملة» بين المواطنين ذوي الجنسيات المزدوجة وغيرهم «من الذين يخالفون جذرياً كل مبادئ الجمهورية». واعتبرت أن «فرنسا بلد حقوق الإنسان والمواطن… يجب أن تكون نموذجاً في الردود التي تقدمها للتصدي للتهديد الإرهابي». وكتبت 70 منظمة غير حكومية بينها نقابة رجال القانون والنقابات الكبرى للموظفين، في إعلانٍ مشترك «بالنسبة لنا الأمر مرفوض بشكل قاطع»، داعيةً إلى التظاهر ضد «حكم الخوف». وأبدى المجلس الوطني لنقابة المحامين قلقه السبت من «خطوط ترتسم لنموذج قانوني واجتماعي يتعارض لفترة طويلة مع مبادئ الجمهورية». وأوصى خبراء في الأممالمتحدة الثلاثاء الرئاسة الفرنسية بعدم تمديد حالة الطوارئ بعد 26 فبراير، معتبرين أنها «تفرض قيوداً مبالغاً فيها ولا تتناسب مع الحريات الأساسية». وكان هولاند أكد في ال 4 من يناير الجاري أن «حالة الطوارئ لا تُفرَض لتبقى». لكن رئيس الوزراء، مانويل فالس، صرح الخميس ل «بي بي سي» بأن «هذا النظام سيبقى طوال الوقت اللازم لذلك». وشدد «طالما أن التهديد قائم يمكننا استخدام كل الوسائل». ورأى المحامي في رابطة حقوق الإنسان، باتريس سبينوزي، أن «هذه التصريحات تكشف أن الفخ السياسي لحالة الطوارئ يُطبَّق على الحكومة… لأن هناك دائماً سببٌ لإبقاء هذا الإجراء». وفي الواقع؛ لم تتأثر حياة غالبية الفرنسيين بتطبيق الطوارئ، ويؤيد 70% منهم إبقاءها. لكن جرى الحديث عن أخطاء وتجاوزات وأعمال عنف غير مبررة من قِبَل الشرطة في إطار حالات فرض إقامة جبرية أو عمليات دهم بدون إذن قضائي. ويمكن للسلطة التنفيذية في أي وقت حظر التظاهرات العامة كما فعلت خلال المؤتمر الدولي للمناخ في باريس. وللمرة الأولى الجمعة؛ قرر مجلس الدولة، أعلى هيئة للقضاء الإداري، تعليق إقامة جبرية، مؤكداً أن «انتماء الشخص المعني إلى التيار المتطرف لم يتم إثباته». وسيدرس مجلس الدولة الثلاثاء طلباً تقدمت به رابطة حقوق الإنسان لرفع حالة الطوارئ فوراً.