حين نمرض نذهب للطبيب لنخرج من عيادته بوصفة علاجية، لكن ليس كل المرض جسدياً، فالصحة النفسية والعقل معرضان للمرض أيضا مما يؤدي لأمراض جسدية لاحقاً، لذا اسمحوا لي أن أحدثكم عن مقالة رائعة قرأتها في مجلة النيويوركر الملهمة، تحدثت الكاتبة عن تجربتها مع مدرسة الحياة التي يقع مقرها الرئيسي في لندن، تقدم المدرسة العلاج لمرتاديها عن طريق التدريب من قبل مختصين لمواجهة ضغوط الحياة اليومية والعمل، والحوارات العميقة مع استشاريين نفسيين والعلاج بالقراءة وهذا ما تناولته الكاتبة. بدأ مشوارها العلاجي معهم بسؤالهم لها: ما الذي يشغل بالك هذه اللحظة؟ وبناء على إجابتها على السؤال وأسئلة تفصيلية أخرى، حصلت على الوصفة العلاجية التي ستشتريها من المكتبة بدلا من الصيدلية، فوجئت بأنها مجموعة كتب لم تقرأها أبداً كونها خارج حدود اهتماماتها بالقراءة، الوصفة كُتبت بناء على تشخيص حالتها الفكرية والنفسية والمثير في الأمر ملاحظتها لازدياد قدرتها على تحمل ألم عضوي تعانيه خلال أشهر من استخدامها للوصفة المكتبية!. تقول الكاتبة إن العلاج بالقراءة مصطلح قديم وهو الآن علم جديد. قراءة كتاب شيء له تأثير يختلف من شخص لآخر، فهو يعمل كمسكن للبعض وللبعض الآخر يعطي مفعول قطعة حلوى على طفل والدليل على ذلك أمر الجنود المشاركين في الحرب العالمية الأولى بالقراءة بعد عودتهم. وُجد أن الشخص القارئ له قدرة على التعامل مع ضغوطات العمل والتحكم بالعلاقات بشكل أفضل وأنه يتمتع بصحة عقلية أكثر من غيره وأن قراء الرواية يكتسبون خبرة تجعلهم يتصرفون التصرف الصحيح في بعض المواقف وإن لم يسبق لهم التعرض لها من خلال محاكاتهم لتصرفات أبطال الرواية. المقالة شيقة ومليئة بالجمال ولو كنت سأكتب عنها بشكل كامل ومفصل لاضطررت لطلب صفحة كاملة من الشرق، لكن سأكتفي بهذا القدر وأضيف رأيي المتواضع. أعتقد أن القراءة قادرة على التهذيب وتغيير المبادئ أكثر من أي وسيلة أخرى وعلى إعطاء الإنسان هوية ومذاقاً يميزه عمن حوله. تعالوا نفكر سويا، ماذا لو كنا شعباً يقرأ؟ في المنزل، في أوقات الانتظار، في الرحلات والمقاهي، حتما سنكون أقوى وأهدأ، سنكون أكثر إبداعاً، أقل حديثاً وأكثر إنتاجا وقد نكون عكس كل ما ذُكر بالأعلى إذا أُسيء اختيار المادة المقروءة. دعونا نطالب مثقفي وقارئي مجتمعنا بالتعاون مع الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين للقيام بمدرسة عربية مشابهة لمدرسة لندن وليكن مقرها مكتبة عامة، تقدم فيها الاقتراحات أو وصفات الكتب حسب العمر، التفكير والحالة، صدقوني ستكون أكثر تأثيراً من المدارس الإلزامية. القراءة حياة وأمر مهم بدليل قوله تعالى: {اقرأ وربك الأكرم، الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم} وبعيداًعن التفسير الذي لست أهلاً له، إلا أن العلم اقترن بالقراءة في الآيات الكريمة. ختاماً، أدعو الله أن يرزقني وإياكم حب القراءة، واسمحوا أن أضع لكم اسم المدرسة واسم العلم لمن أراد الاطلاع والبحث. المدرسة: school of life العلم/ العلاج بالقراءة: bibliotherapy.