احتفال الفرحان والكلثمي بزواج إبراهيم    استضافة المملكة لكأس العالم تعزز فرص الاستثمار الرياضي    عبدالله العلي النعيم في ذمة الله    جلوي بن عبدالعزيز يكرّم مدير شرطة المنطقة السابق    الفعاليات العالمية وتعزيز القوة الناعمة للمملكة    أمير الرياض يسلم الوحدات السكنية للمستفيدين    طلبة المملكة يفوزون ب22 ميدالية عالمية في الذكاء الاصطناعي    10 مليارات لإنشاء 18 منطقة لوجستية في الموانئ.. وزير النقل: إضافة 30 خطاً بحرياً للشحن    «الجمارك»: أتحنا للأفراد استيراد المركبات إلكترونياً    استشهاد 20 فلسطينياً في هجمات على غزة    توقف العمل في مصفاة نفط رئيسية في ليبيا جراء اشتباكات    مقتل ثلاثة مدنيين في هجوم غرب السودان    سعود بن بندر يستعرض إنجازات توعية الجاليات بالأحساء    وزير الدفاع يلتقي ملك الأردن    ل«الدوري والكأس»«وديتا» الخليج والنصر تجهزان النمور    فيصل بن خالد يرأس اجتماع المجلس المحلي في رفحاء    الهيئة العامة لمجلس الشورى تعقد اجتماعها السادس    أمير جازان يرعى انطلاق ملتقى جمعيات التوحد    اختبارات منتصف الفصل الثاني الأحد القادم    طريف تسجل 3 درجات تحت الصفر    "الأرصاد": موجة باردة وتكون الصقيع في الرياض    محافظ الخرج يستقبل رئيس سفراء التراث    «الجوازات» تستعرض مراحل التطور    «الدارة» تطلق مختبر التاريخ الوطني السعودي لتعزيز الهوية وتعميق الانتماء    3 أطعمة تُبطئ نمو سرطان البروستاتا    5 أسباب رئيسية وراء برودة القدمين    السعودية هكذا.. لا تقنع بما دون النجوم    دعوة أمممية لإطلاق عملية شاملة تضم جميع السوريين    الأخضر يواصل تحضيراته لخليجي 26    أخضر المبارزة يتوج ببرونزية كأس العالم    منصات الخدمات    الأهلي يطرح تذاكر مواجهة الشباب    "النصر لله" تهدي مربط أجمل كأس بوابة الدرعية    في افتتاح الجولة ال 14 من دوري" يلو".. نيوم وجدة في أقوى اللقاءات… والطائي يواجه العربي    احتفالات ثقافية    وفاة عبد الله النعيم.. مهندس تطوير الرياض    «نور الرياض» يحصد لقبين عالميين من «غينيس»    القراءة تغير بنية الدماغ    «يوتيوب» ترفع أسعار اشتراكات خدمة البث    2 % معدل التضخم    دواء جديد لإبطاء تطور العمى الوراثي    القطاع الصحي العام والخاص والخدمات الافتراضية    سورية.. دمي ودموعي وابتسامتي    حافظ الأسد وإيلي كوهين.. الملف الأسود!    سوريا.. الفرح الحذر!    أنواع نادرة    #كيف_نستثمر_أحلام_النوم    49 جمعية متخصصة بملتقى التوحد الثاني    الرمل الأحمر يقود ارتفاعات مواد البناء بنسبة 20.88%    4% نمو سنوي بسوق العطور السعودية    الأمير سلمان بن سلطان.. عام من الإنجازات والعطاء    نقل حي لكاميرات المراقبة    اليوم الدولي لمكافحة الفساد    هل أنت منهم؟    محفظة وقفية لجمعية بنيان للخدمات الاجتماعية    الدحض    أطعمة تقصر العمر وأخرى تطيله    المملكة تسهل إجراءات العمرة.. والهدف 30 مليون معتمر من الخارج سنوياً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القراءة .. وقاية من الظلام وحماية من الضياع
نشر في اليوم يوم 22 - 08 - 2004

كثير من الشباب فى عالمنا العربى هم إفراز ثقافة تزهد فى القراءة سواء فى المدرسة أو داخل نطاق الأسرة، ومجرد إقبال الشاب العربى على ممارسة القراءة إنما هو تمرد على هذه الثقافة يستوجب التحية.. هذا ما يراه الدكتور عبد الغنى عبود - الأستاذ فى كلية التربية بجامعة عين شمس - فى كتابه "القراءة وقاية وعلاج" الصادر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة، على اعتبار أن الفعل "اقرأ" هو الذى بدأ نزول الوحى به حاملاً النص القرآنى إلى رسول الأمة الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن الحروف الهجائية "القراءة" هى "العلاج" العقلى والحضارى والروحى للإنسانية من شتى الأمراض التى تقترن بالتشتت والضياع والتخلف وهى "الوقاية" من الظلام وفقدان الطاقة الحيوية لدى المجتمعات والأمم.
ويقول الدكتور عبد الغنى عبود فى كتابه الذى ينقسم إلى 14 فصلاً ويقع فى 130 صفحة من القطع المتوسط: إن القراءة - باختصار - هى الحياة والوجود والحاضر والمستقبل جميعاً، وهى إثبات الذات، والقراءة هى الطريق الأمثل، إن لم تكن الطريق الأوحد، لبناء الشخصية، فالكتاب ليس مجرد حزمة من الأوراق تجمعت تحت عنوان ولكنه سلسلة من الأفكار المترابطة المتناسقة المتتابعة، التى جرى العرف على أن تتلخص فى كلمات محدودة، يحملها عنوان هذا الكتاب.
القراءة والتقدم
من الفصول التى يتضمنها كتاب الدكتور عبدالغنى عبود: لماذا نقرأ، القراءة أقل تكلفة، ماذا نقرأ؟، كيف نقرأ، عادة القراءة، المناخ المجتمعى والقراءة، احذر تقليد غيرك، تقبل الرأى الآخر.. وغيرها ويرى المؤلف أن القراءة ينبغى أن تكون هادفة منذ البداية، حيث إن القراءة العشوائية تدفع إلى الملل والسأم، أما القراءة الهادفة فإنها توجه وتضيف إلى شخصية قارئها وتنميها، ويشير د. عبود إلى أن القراءة محك من أهم المحكات التى يستطيع المرء أن يحكم من وضعها على مدى تقدم الدول علمياً وتكنولوجيا، ففى البلاد المتقدمة نجد الكتاب مكونا أساسيا من مكونات البيت، إذ يعد جزءا مهما من حياة الفتى والفتاة يطالعانه فى البيت.. والحديقة ووسيلة المواصلات، أما الكتاب فى العقل العربى المعاصر فهو مرتبط بالمدرسة والجامعة، وبمقرر فيه امتحان، لتنتهى مهمة الكتاب بانتهاء الامتحان.. بينما هو فى العقل الغربى أمر مختلف، إنه يتصل بالشخصية وبنائها وحاضرها ومستقبلها سواء اتصل هذا الكتاب بمقرر دراسى بعينه أو لم يتصل، إنه خصلة اجتماعية راسخة، تزرعها الأسرة فى نفوس أبنائها منذ نعومة أظافرهم، ثم تأتى المدرسة والجامعة فترسخان هذه الخصلة فى النفوس، مثلما يلعب النظام التعليمى السائد فى بلادنا العربية الدور الأكبر فى توسيع الهوة بين الفتى والفتاة من جانب والقراءة من جانب آخر.
القراءة كاستثمار
والقراءة كما جاء فى مقدمة كتاب د. عبد الغنى عبود نافذة نطل من خلالها على عوالم متنوعة وثرية، وهى المفتاح الحقيقى الذى يفتح لنا أبواب المعرفة والثقافة والتطور، والقراءة بهذه الرؤية تحقق الوصال، من خلال ما نقوم بقراءته، ففى أعماق كل فرد منا "كائن جديد" يريد الخروج إلى عالم النور، وينصح المؤلف بالقراءة قائلا: ابدأ بالكتاب الذى تميل إليه وترى نفسك فيه واتبعه بكتاب يدور حول الموضوع نفسه ويحمل رؤية مختلفة أو مضادة، وحاول أن تكون هناك قضية تتبعها من خلال ما تقرأ، لتكون لنفسك شخصية مستقلة، وأياً كان الكتاب الذى تقرأه فاقرأ بحب، واهتمام ووعي، وتركيز أيضا، كما يفيدك أن تجعل قراءتك وظيفية منذ البداية بمعنى ألا تقرأ - حين تقرأ - لمجرد القراءة، لكن للاستفادة من هذا الذى تقرأه، وتوظيفه لخدمة حياتك أنت على نحو ما تراه أنت، وبذلك تتحول هذه القراءة إلى لون من ألوان "الاستثمار" إن صح التعبير تخطط له، وتدرس أبعاده، وتحدد مساره، وتحسب مدخلاته ومخرجاته جميعاً، وبذلك تتحول عملية القراءة تلك إلى شيء له معنى وقيمة، أياً كان الهدف من الكتاب الذى تقرأه تحديداً فقد يكون هدفك من القراءة مجرد الاستمتاع بما تقرأ، حين تقرأ قصة طويلة أو قصيرة، أو حين تقرأ شعراً عاطفيا أو حماسياً، وهو هدف له قيمته الحقيقية أيضا التى يحتمل أن تكون قيمة عالية، لأنك باستمتاعك بما تقرأه إنما تجدد طاقتك الحيوية عموماً، ونشاطك العقلى على وجه الخصوص، وفى حالة القراءة لمجرد الاستمتاع ستجد نفسك يمكن أن تقرأ بنفس هادئ كما يقولون بلا تركيز يذكر، وبلا تقييد لحركتك.. وبلا قيود تذكر تتصل بالزمان والمكان جميعاً وقد يكون هدفك من القراءة تحصيل العلم والمعرفة فى مجال ما من مجالات العلم والمعرفة، وقد تكون لك ألفة بهذا المجال وسابق معرفة به.. وهنا ستجد نفسك أكثر جدية فيما تقرأ، وأكثر التزاماً وانضباطاً وأكثر حزماً مع نفسك وأكثر توتراً وأكثر بذلاً للجهد وربطاً لما تقرأ بسابق خبرتك، لكنك ستكون - ولا شك - أكثر استمتاعا بما تعمل وبما تبذل من جهد وستجد هذا الاستمتاع يزداد كلما اقتربت من تحقيق هدفك الذى من أجله شرعت فى القراءة حول الموضوع.
تحصيل العلم والمعرفة
ويضيف الدكتور عبود: وقد يكون هدفك من القراءة تحصيل العلم والمعرفة فى مجال جديد عليك تماما اخترت أن تلجه لحاجة ما فى نفسك.. وهنا ستجد نفسك فى أقصى درجات التوتر، والقلق، والضيق.. ولكنك ستكون فى قمة استمتاعك بما تعمل خاصة كلما وجدت نفسك تقترب من تحقيق هدف من أهدافك، وستجد نفسك هنا مضطراً إلى أن تخلو بنفسك لما تقرأه، ولأن تبقى على مكتبك ساعات طويلة سعيداً بتقييد نفسك على هذا النحو مستمتعا بهذا التقييد طالما أحسست بأنك على الدرب تسير وبأنك تحقق هدفاً من أهدافك تلو الآخر، وبأن الألغاز التى تسعى إلى حلها تنحل أمامك، لغزاً إثر لغز.
أنواع القراءة
ويقسم أهل التخصص القراءة عموماً إلى أنواع، لعل أكثرها شهرة وشيوعا هو تقسيم هذه القراءة إلى قراءة صامتة وقراءة جهرية، والقراءة الصامتة هى تلك القراءة التى يقرأها القارئ بعينيه، وبغير صوت يمكن أن يسمع، أما القراءة الجهرية فهى تلك القراءة التى يسمع بها القارئ غيره مثلما يسمع بها نفسه بطبيعة الحال.. فأى القراءتين أكثر إفادة للقارئ؟
يجيب الدكتور عبود: القضية ليست قراءة صامتة أو قراءة جهرية، إنما القضية هى قضية الموضوع الذى تقرأه، وهدفك من قراءته، إنك قد تكون تقرأ قراءة صامتة، فإذا بفقرة واحدة تستوقفك، فتعيد قراءتها قراءة جهرية مرة ومرة حتى تدخل الفكرة التى تتضمنها هذه الفقرة إلى عقلك وتستطيع أن تدخلها ضمن منظومة ما تقرأه، إن القضية تتحول إذن إلى استيعاب لما تقرأه، وقد يتم هذا الاستيعاب فى لحظة من اللحظات إذا أنت قرأت قراءة صامتة، وقد تراه لا يتم لك إلا إذا أنت قرأت قراءة جهرية.
تفسير آخر للقراءة
وما دمنا قد وصلنا إلى الاستيعاب، - يقول د. عبود - فإن ثمة تقسيماً آخر للقراءة يمكن طرحه وهو تقسيمها إلى قراءة سريعة، وقراءة متأنية، وإن مثل هذا التقسيم هو الذى يتفق وحده مع متغيرات العصر، ولعل أهم هذه المتغيرات هو الوفرة فيما تنتجه المطابع كل يوم فى كل مجال من مجالات العلم والمعرفة مما يجعل متابعة ما تصدره المطابع ضرباً من ضروب المستحيل، وإذا ما أضفنا إلى ما تصدره المطابع من كتب ما تصدره شبكات المعلومات الإليكترونية المختلفة لوجدنا أمر المتابعة لكل ما يصدر أمراً يتطلب أجهزة متعددة لا جهازاً واحداً ويصعب على فرد بمفرده أن يتابع ما يصدر هنا وهناك، ومن هنا فالقراءة السريعة هى قراءة العصر، وبها يستطيع القارئ أن يتنقل بين فقرات ما يقرأه يلتقط جملة من هنا وجملة من هناك فى داخل كل فقرة ليتأكد فى وقت قصير من أن موضوع الكتاب هو الموضوع الذى ينشده ومن أن معالجة الموضوع معالجة تستحق أن تتابع بدقة وعناية ومن ثم يكون الكتاب مما يستحق أن يقرأ قراءة متأنية فقرة فقرة، وجملة جملة.. وبعناية تحددها أهمية الموضوع بالنسبة لمن يقرأه ودقة معالجة هذا الموضوع وأسلوب المعالجة بطبيعة الحال، والإنسان محتاج إلى القراءة السريعة حاجته إلى القراءة المتأنية، لأنه لو اكتفى بالقراءة السريعة، فإن معنى ذلك أنه يحكم على نفسه بالسطحية، والقراءة السطحية لا تصنع شخصية علمية، وإنما يصنع هذه الشخصية العلمية القراءة الواعية الحصيفة المتأنية، كذلك فإن الفرد لو اكتفى بالقراءة المتأنية وحدها، فإنه لن ينجز شيئا لأنه لن يستطيع ملاحقة كل ما يكتب بطبيعة الحال!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.