حدثني فقال لا تعلم كم بذلت من جهود لرفض ذلك المنصب والإعتذار عن ذلك الكرسي «البغيض» لنفسي، لكن مجهوداتي ذهبت أدراج الرياح، فلم يلتفت لتوسلي، وكما ترى استلمت زمام الأمور!! العجيب أنني أعلم كم حفيت قدماه للسعي لذلك المركز والجلوس على ذلك الكرسي «المُبهج». كجزء من مكونات النفس البشرية، هناك الجانب الخفي بمحتواه الغريزي والممتلئ بالشهوات والرغبات والدوافع البدائية (Primitive) التي لا يخلو منها إنسان مطلقا. أطلق عالم النفس الشهير سيجموند فرويد مُسمى الهوى (ID) ليصف ذلك المكنون المُظلم من الشخصية وصفا دقيقا، والذي يعمل عادة، كما يراه فرويد تحت مظلة اللاوعي «اللاشعور». هذا الدهليز المُظلم من جهازنا النفسي يوجه سلوكياتنا اليومية «بخيرها وشرها» ذات اليمين وذات اليسار ونحن ربما مسلوبو الإرادة، بمعنى لا نعرف لماذا نتصرف بهذه الطريقة أو تلك. الحديث عن نزعة الشر، تظهر هذه النزعة عند تصادم «الهوى» بمحتواها الغريزي الشهواني مع «الأنا» (EGO) بواقعيتها وعقلانيتها وضعف التعزيزات القادمة من «الأنا العليا» (SUPER EGO). تظهر هنا الحيل الدفاعية الغير الناضجة (Immature Defense Mechanisms) بهدف المحافظة على صورة «الأنا» الواقعية من أن تُكشف حساباتها للعامة، والعمل على تلميعها بصفة مستمرة وربما دورية وفقاً لآلية التهديد. يأتي التدخل السريع من الحيل الدفاعية التي تتمركز في حيل الكذب المستمر والمتقطع وفقاَ للمواقف والمراوغة والتبرير (خلق المبررات لكل سلوك) والإزاحة (طرح سلبيات الشخص على الطرف الآخر وتحميله النتائج العكسية) والتسامي (الظهور بما يليق في وضح النهار، وإظهار ما لا يليق في غسق الدجى) وكبت المشاعر والنكوص للوراء بحث عن مخارج وبطولات. لعلني أختلف كثيرا مع فرويد وأقول إن مثل ذلك يُطبخ في عقلولنا الواعية «الشعورية» لا اللاوعية. أعد نظراً يا فرويد!!