أكد مختصون في المجال النفسي أن كثرة المغالطات على مواقع التواصل الاجتماعي، ترجع إلى فقدان النضج الفكري وتغلب الأنا الذاتية السلبية فيما يتعلق بالسلوك اللفظي للفرد، مشيرين إلى أن هاتين الخصلتين تنظمان سلوك الأفراد وحركاتهم اليومية في التواصل مع الآخرين. وقال الأستاذ المشارك واستشاري علم النفس السريري في مدينة الملك فهد الطبية، الدكتور سعيد وهاس: "هذه الظاهرة تعود إلى صراع ما بين الهوى بمحتواه الغريزي- العدواني، والأنا بتوسطها وواقعيتها وضعف سيطرة الأنا وعدم قدرتها على كبح جماح العدوانية، وهذا ما يظهر في الإساءة بالقول أو بالفعل، بحسب النظرية الفرويدية للسلوك".
وأضاف "وهاس": "انتشار هذه الظاهرة يعود إلى عقدة النقص كما وصفها عالم التحليل النفسي إلفرد إدلر، والذي يرى أن السلوك المرضي الشاذ يعود لميكانزم نفسي وصفه بعقدة النقص من خلال تصغير وأقزمة الذات، وبالتالي يتم التعرض للأشخاص بالإساءة أملاً في تعويض النقص".
وأردف استشاري علم النفس: "قد تكتسب مثل هذه الظاهرة المرضية من خلال مبدأ التعلم، بمعنى أن سلوك الظاهرة يتم تعلمه ثم تعزيزه من خلال الثواب "نشوة الانتصار عند السب والشتم وتفاعل من يسلك المسلك نفسه من الجمهور"، إضافة إلى أن هذه الظاهرة قد تكتسب من خلال التعلم الاجتماعي، بواسطة الملاحظة والقدوة، فقد يرى شخص معين يمارس هذا السلوك ويرغب في تقليده لاعتبارات تتعلق بذات مهشم".
من جهته، فسر الاستشاري النفسي الاكلينكي في مدينة الملك فهد الطبية، الدكتور طالب خفاجي، ظاهر السب اللفظي، بقلة الجمود اللفظي للفرد وذلك بحسب مدرسة التحليل النفسي، بمعنى أن الفرد في المرحلة اللفظية التي هي في السنة الأولى من العمر، لا يتشبع من الأم مما يتسبب في حدوث جمود في هذه المرحلة وبالتالي يقوم الفرد بالتعويض عن ذلك بواسطة الكلام الكثير وعدم النضج العاطفي وتبدو شخصيته أميل إلى الحيل واللف والدوران".
وحول تفسير نقص الذات، قال الدكتور سعيد وهاس: "هذه الظاهرة تعود إلى عدم تحقيق الذات بشكل كامل، أو تحقيق الذات المشروط وذلك وفقاً لرأي عالم النفس الإنساني كارل روجرز نتيجة تقدير الذات المنخفض حيث إن مصادرها خارجية وليست داخلية، أو ربما لعدم إشباع الحاجات الأساسية وذلك وفقاً لهرمية إبراهام مازلو للحاجات".
وأضاف: "الفرد يسعى للظهور والبروز لتحقيق ذاته المضطربة من خلال قاعدة "خالف تعرف"، كما أن الصراعات بين الأفراد والاضطرابات النفسية والرهاب الاجتماعي قد تلعب جميعها دوراً لا يستهان به في نشأة السلوك وتطوره، لذلك يجد الفرد أن الفرصة مواتية للنيل من خصومه من دون الدخول مواجهة حقيقية خاصة عند ضعف الجانب الرقابي".
وطالب متخصصي علم النفس بتكثيف برامج وقائية وتثقيفية في مجال أدب الحوار وثقافة الاختلاف والتعامل مع الآخرين بطريقة حضارية، تنشر في وسائل الإعلام، مشدداً على أهمية تبني برامج توعوية تقدم في المدارس والجامعات ومنابر المساجد والتجمعات العامة إضافة إلى إنشاء دورات تدريبية توعوية لخلق سلوك سوي حضاري.