كما قال شكسبير: الدنيا مسرح كبير، وكل الرجال والنساء ما هم إلا لاعبون على هذا المسرح. فالحياة مستمرة، ونحن نختار من بين عديد من الأدوار لنقوم بتمثيلها في تلك الحياة، فهذا يعتمد على ذاك الموقف، وأولئك الأشخاص يعتمدون على ما سنقدمه وعلى ما ينقصنا، فهناك عديد من الأدوار التي يمكننا الاختيار من بينها. لا أعلم لماذا نرتدي الأقنعة وكأننا نخفي محاسننا ونظهر عيوبنا، فجميعنا بشر وجميعنا مخلوقون من روح واحدة، نفخة من روح الله وقبضة من طين الأرض. فلماذا الأقنعة والتكبر والاستهتار؟ لماذا كل هذا؟ عديد من الأقنعة التي نراها في العالم نبحث عنها عند الباعة لنشتريها ونرتديها خادعين بذلك كثيراً من الناس الأبرياء، غير مبالين بمدى الأثر الذي نتركه في قلوب أولئك البشر، فنحن لم نعد نحمل إنسانيتنا بمجرد ارتدائنا تلك الأقنعة، وأنا هنا لا أتحدث عن جنس واحد ولا عالم واحد، أنا هنا أمثل أجناساً عديدة وعوالم كثيرة، فنحن بتنا لئاماً، ناكرين، غير مبالين، حاقدين وحاسدين، كارهين، وغير مؤمنين بما سيكتبه الله لنا، أستغرب من عالم لم تعد للإنسانية فيه مكان! من عالم لم تعد للبشرية فيه أوطان، غرباء نحن أولئك الناس.. نختار من بين عديد من الأدوار ونؤدي الناقص منا أمام آخرين هم الآخرون يرتدون الأقنعة مثلنا، فنحن ممثلون، وهذا ما يفعله الممثل يختار من بين عديد من الأدوار لينتج لنا تلك الأفلام ذات العوالم الأخرى الوهمية، ونحن كأولئك الناس في تلك العوالم ندعي ونتوهم بأن ما نفعله حقيقة، ولكننا لسنا إلا مخدوعين بهذه الأقنعة، فهذه الحياة رواية محبوكة منذ قريب الزمان! مسرح كبير يضم الجماهير والممثلين والمخرجين؛ فلا أحد يبالي بالآخَر ولا أحد يبالي إلا بنفسه، فكلهم يرتدون الأقنعة دون توقف ولا ملل، مسرح قد يتغير وقد لا يتغير، ممثلون يتغيرون على الدوام ومخرج بلا رأي ثابت وجمهور بلا وجه واحد بلا لون ولا خيال ثابت. الأرواح لا تخفى تحت الأقنعة، الأقنعة مجرد زينة مخفية لما تحمل تحتها، تستهوي الكل وتجذب الملأ؛ لكي يخفوا أرواحهم وقلوبهم تحتها، غير مبالين بمدى قذارتها وروحها الشريرة، برغم كل ما تحمله من ألوان وأشكال جميلة، إلا أن داخلها تسكن روح شريرة تجذب أرواحنا إليها بكل بساطة.