كثرت التكهنات حول طبيعة المبادرة الروسية التي يحملها وزير الخارجية الروسي لافروف إلى نظام الأسد في دمشق، ولعل هذه التكهنات كانت تركز على الرجل الثاني في الوفد الروسي، وهو رئيس دائرة الاستخبارات الخارجية. ومهما يكن من أمر فإن الزيارة التي تأتي بعد (الفيتو) الروسي – الصيني، والحملة الدولية التي تتعرض لها روسيا تحديدا كحامية لنظام الأسد تزيد من الضغوط على الروس لإقناع الأسد باعتماد صيغة يتنازل بموجبها عن السلطة بأقل قدر من الخسائر على مستوى النظام، وهو ما يحفظ مصالح روسيا ببقاء نظام ورحيل الأسد بموجب مبادرة تشبه مبادرة اليمن. وهذا الترجيح غير مبنيّ على تخمينات، بقدر ما هو مبنيّ على تصريحات للمسؤولين الروس أنفسهم، الذين أكدوا في كثير من التصريحات عدم تمسكهم بالرئيس الأسد بقدر ما يتمسكون بسورية صديقة بوصفها آخر أصدقاء روسيا في المياه الدافئة. وقد تحدث لافروف صراحة أكثر من مرة عن اتصالات تجريها روسيا مع الجامعة العربية لإنتاج مبادرة تشبه المبادرة اليمنية بخصوص سورية، وقبيل تصويت مجلس الأمن الأخير صرح عدد من المسؤولين الروس أن موسكو التي ستستخدم (الفيتو) لا تستخدمه دفاعا عن بشار الأسد على رأس السلطة... معبرين عن عقدة الذنب التي يشعرون بها تجاه قيام الغرب بعملية خداع كبرى فيما يتعلق بالشأن الليبي. لكن السؤال: هل الرؤوس الكبيرة في النظام السوري مستعدة لاستخدام العقل البارد في حل القضايا الساخنة؟