الخذلان هو نتيجة حتمية لقراراتنا الخاطئة التي ندفع ثمنها لاحقاً، فخياراتنا مرهونة بالحظ إما أن يتعاطف معنا أو هو كذلك الآخر يخذلنا، وكثير من المواقف رغم مرارتها لكنها تعلمنا مزيدا من الدروس والعبر، فالنضوج لا يولد معنا مكتملاً وإنما ينمو بفعل التجارب والدروس التي نمر بها ونتعلم منها، وعندما نفكر في قرارات الأمس ندرك كم كنا بسطاء في نظرتنا للأمور وتعاطينا معها بحسن نية، وهذا ما نشعر به مع كل حالة من الخذلان، ليس بالضرورة أن نتحسر لذلك، ولكن علينا أن ننظر للجانب الإيجابي؛ فبفعل تلك الصدمات نجد أنفسنا نراجع كثيرا من قناعاتنا المحدودة والخاطئة، وكم هي النجاحات والإبداعات التي انطلقت بفعل صدمات قربتنا من أنفسنا لنفهمها أكثر ونطلق العنان لمكنونها، ولذا فالرجوع للخلف هو بداية انطلاقة قوية للأمام فقط ما كان ينقصنا هو الوقود المحفز لنا وهذا ما صنعته لنا التجارب والمواقف، صحيح أنه شعور مخيف وفي نفس الوقت يشعرنا بالإحباط والتردد تجاه أي قرارات مستقبلية قد تكرر علينا نفس الصدمة ولكن لنقتنع أن البذرة كي نحصد منها ثمراً طيباً علينا توفير البيئة الخصبة والمناسبة لها حتى تؤتي الثمر الطيب وهذا يعني أننا أمام امتحان صعب في اختيار العقول الناضجة التي تستحق أن نمنحها مساحة من الثقة ونسمح لها بالاقتراب منا، ولكن يبقى الخذلان أمرا واردا وعلينا توقعه وتقبله والتعلم منه، فالحياة دروس لا يمكن اكتسابها إلا من خلال تلك المواقف المؤلمة وكثيراً ما نشكر الخذلان لأنه يعلمنا كيف نحسن الاختيار مستقبلاً.