د.هلال بن محمد العسكر الخذلان في وقعه على النفس أقسى من الهزيمة وأعظم من أي فشل واشد مرارة من الخيبة، وهو من اكثر المشاعر إيلاماً، لأنه خفي فلا أحد يشعر بمدى وقعه على النفس، ومواقف الخذلان حينما تأتي ممن نحٓب ونحترم ونعز ونقدر من الاقارب والخلان تأتي أكبر في إيلامها، ربما لأننا لا نستطيع ان نشكو ونعبر عن مشاعر خيبتنا تجاه شخص هو الأقرب لأنفسنا، او ربما لأننا نُحملّ أنفسنا الجزء الاكبر من المسؤولية في اسباب ذلك ترى هل جربت يوما مرارة الخذلان؟! إن لم تكن قد وقعت في شرك غصة هذا الشعور ، فأسأل الله أن يجنبك و من تحب ذلك لما قد يخلفه من جروح في النفس قد لا تبرأ و لا تجد لها دواءً غير فقدان الذاكرة على الأرجح . نعم ما أقسئ مرارة الخذلان حينما يكون مصدره من أشخاص لم نتوقع منهم ذالك، ونعيش معهم بكل صدق فنتفاجأ أنهم بالعكس؛ يتعاملون معنا بالكذب والنفاق، وعندها نصاب منهم بالخذلان.وتصاب كل مشاعرنا بالبرود ونتجرع مرارة أعمالهم ونتحسر على ما فعلنا لهم وما أهدرنا من وقت من أجلهم ونحن بحاجة لتلك الأوقات ّ! إن أمر خذلان أن نقابل تجاه صدقنا بالكذب والنكران !، والخذلان كالخيبة في وقعها ، بل هي الخيبة وما أعمق خيباتنا ، حين نأمل ونرتجي من القريب فيصفعنا بخيبة تلو خيبة ، وقد تختلف درجات المرارة والخذلان باختلاف المسبب لها ولكنها تظل في كل الأحوال أمر من العلقم كما ويقول الشاعر: وظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند إن اصعب واسوأ شعور ان تشعر بالخذلان من قريب تحبه ، استنجدت به فقابلك بالخذلان، لذلك أعتقد أنه علينا أن نتغير مع من يخذلنا، خاصةً حينما لا يغتنمون فرصة الصفح عن كوارثهم، ويعاودون جرحنا أو ظلمنا أو إيذاءنا بذات الطريقة في كل مرة، إن شخصا غير قادر على أن يفهم كرمك معه لا يمكن إلاّ أن يكون شخصا لئيما جداًّ، وأقل بكثير من أن يصل إلى نُبلك في الحياة، في تلك المواقف المخجلة علينا دائماً أن نتحرر من فرصنا الغبية، بأن نكبر على نبلنا الكبير، وأن نقرر أن نصحح الخطأ ليس في الآخر، بل في أنفسنا التي ترفض أن تتعلم من تجاربها، تنسى حينما يكون التذكر متعلقا بالأمور الداخلية التي تتقاطع كثيراً مع الروح والقلب والرحمة. طبعا الحياة يجب أن تبقى رغم آلخذلان ومرارته والصعوبات ورغم كلِ شيء، مستمره فليس لدينآ الا آلصبر والمجآزفة في آلمضي فقليلاً مآ تكون آلحياة على مآ نحب وما نريد , الحيآة تحتاج منّا للتضحيات كي تعطينا القليل والقليل جداً من الرغبات. وسيبقى خلف ذلك الخذلان ذكرى في زوايا الذاكره و حلماً جميلاً لم يكتمل وجرحاً بليغا يحتاج الكثير لكي يلتئم.. فرفقاً أيها المخاذلون بقلوب من احبوكم نحن سنتعب كثيراً ان وضعنا تضحياتنا في كفه وخذلان من نحب في كفه .. فالتضحيه هي صفحة بيضآء وعطآء فذ ونهآيه لكل بداية إنسانيه يستحيل لمسها او الإحساس بهآ، وفي كل مرة ننكسر فيها من أحد الأقارب أو الخلان أو من أصحاب الوجوه الكثيرة العابرة في حياتنا، نقوى بأوجاعنا المريرة التي تأتي من خلفية الفرص المتدافعة التي نمنحها لهم، وهناك من يتجاوز هذه الفرص فلا يقف عندها في الوقت الذي نحن بحاجة إلى أن نتأمل فيه قراراتنا بأكثر صدق وشفافية لنتعرف على الثغرات التي تجعل منّا غالباً فريسة سهلة لأخطاء لا تُغتفر، ولكننا نغفرها ونتجاوزها.التزاما بقوله تعالى " فمن عفى وأصلح فأجره على الله." هناك خيوط رفيعة بين العدل وبين الجور، بين أن تكون إنسانا صحيحا بمواقفك وبين أن تكون إنسانا صادما ب"جلافتك"، هناك فرق شاسع بين أن تقدم الأخطاء فتسامح عليها دائماً، وبين أن تتلقى الأخطاء لتتألم منها كثيراً، وبين أن تعاود الأخطاء ثم تطلب أن يبقى كل شيء كما السابق، نعم هناك مساحة للعفو والتسامح، ولكن يظل الخذلان مرا ووجها قبيحا من وجوه النكران، ويظل السؤال: كيف يخذلنا من نلجأ إليه بعد الله عندما يخذلنا الآخرون..؟! كفانا الله وإياكم شر الخذلان والمخاذلين والمتخاذلين..!