أفادت أنباء عن تحركات تقودها عناصر قيادية داخل حزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة حسن الترابي للإطاحة بزعيم الحزب وإقصائه. وكشفت قيادات في حزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة الرئيس عمر البشير عن تحركات عناصر قيادية داخل المؤتمر الشعبي للإطاحة بالترابي وإقصائه من زعامة الحزب بسبب قيادته غير الديمقراطية في إدارة الحزب. وشنَّ الحزب الوطني انتقادات عنيفة لحزب المؤتمر الشعبي، وقال إن الأخير يحاول جاهداً تضليل الرأي العام بوجود انشقاقات حقيقية داخل حزب المؤتمر الوطني، بسبب ما سماه الجدل الدائر حول المذكرة التصحيحية. اتهامات بين الوطني والشعبي قال قطبي المهدي رئيس القطاع السياسي بحزب المؤتمر الوطني أمس، إن الشعبي يحاول إيهام الرأي العام بحدوث انشقاق داخل الوطني، في اتجاه جاد منه لصرف الأنظار عن الخلافات الحقيقية بداخل هياكله التنظيمية التي وصلت مرحلة التكتلات لإطاحة الأمين العام للحزب الترابي عبر خمس مجموعات، هي مجموعة نهر النيل، مجموعة صديق الأحمر، مجموعة ابن رشد، مجموعة المجذوب ومجموعة التغيير الجذري. وأشار المهدي إلى أن الأمين العام للمؤتمر الشعبي وصف من قِبل هذه المجموعات ب “المجموعات السرطانية” وحمَّلها سبب فشل حزبه في انتخابات جامعات الخرطوم والنيلين وكسلا، مبيناً أن الانشقاقات التي مُني بها الشعبي وهجرة معظم كوادره إلى الخارج وانهيار حركة العدل والمساواة بعد مقتل رئيسها، كل ذلك وغيره جعل المؤتمر الشعبي مهدداً بالزوال والتلاشي التنظيمي من الساحة السياسي. من جهته قال إسماعيل الأغبش رئيس حركة تحرير السودان جناح السلام عضو كيان بدو في حديثه ل “الشرق:” إن المؤتمر الوطني مخترق قبل حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي في الوقت نفسه الشعبي مخترق الوطني باعتبار أن الحزبين كانا جسماً واحداً وهو كيان الحركة الإسلامية السودانية ويعتقد قيادات الوطني أن جماعة الترابي هم الذين يحركون الاحتجاجات الغاضبة التي شهدها حزب المؤتمر الوطني خاصة المذكرة التصحيحية ل عشرة آلاف عضو، التي طالبت بإصلاحات واسعة في صفوف الحزب الحاكم والحركة الإسلامية، وأرجع الأغبش الخطوات الاحتجاجية من قبل ولاة الولايات التابعة لحزب المؤتمر الوطني الأخيرة تأتي في هذا السياق. ويعتقدون أن الترابي هو من يحرك هؤلاء، في الوقت نفسه تعتقد قيادات الوطني أن الترابي سيقوم بخطوة لاحقة، لذلك قرروا أيضا تحريك عناصرهم داخل تنظيم الترابي وأضاف أن الترابي ذو شخصية كارزمية، ولايستطيعون الإطاحة به، لأنه لايوجد مؤتمر شعبي دون الترابي، ولاتوجد حركة إسلامية دون الترابي وهذا هو الواقع والتنظيم الإسلامي مبني على المشيخة أو الأبوية، وهذا هو منهجها، وهم يريدون القيام بالخطوة داخل حزب الترابي للحد من الربيع داخل المؤتمر الوطني باعتبار أن الربيع العربي الآن ربيع الإسلاميين، وأن مكمن الخطورة أن الترابي سيقود أي ربيع عربي قادم في السودان من داخل صفوف حزبي الشعبي والوطني، وماحدث في منطقة نيالا أخيراً أي “الاحتجاجات الغاضبة المطالبة بوالي ولاية جنوب دارفور عبدالحميد موسى كاشا المنتخب من قبل لمؤتمر الوطني” شاهد على ذلك، لأن التظاهرات شملت عناصر من حزبي المؤتمر الوطني والشعبي. واستبعد الأغبش وجود خلاف جوهري بين إسلاميي السودان، وقال: خلافهم خطوة تكتيكية وأن الترابي مازال زعيماً لإسلاميي السودان في حزبي المؤتمر الوطني والشعبي، وأضاف في تقديري أن هذه الخطوة التكتيكية من قبل إسلاميي السودان فشلت لفشل لقيادة حزب الترابي تحالف المعارضة مع قوى اليسار المعروف بقوى الإجماع الوطني حاليا وتحالف جوبا سابقا قبل انفصال الجنوب في تحريك الشارع. الآن سيقود الترابي التوجه الجديد للإسلاميين في الوطني والشعبي وأن تمرد القيادات التابعة للمؤتمر الوطني يأتي في هذا السياق. وأوضح أن ضعف القوة السياسية الأخرى في الساحة السودانية ستجعل من الربيع السوداني القادم ربيعاً إسلاميا في حال حدوثه باعتبار أن الربيع العربي ربيعا إسلاميا وهم يريدون الانقضاض على نظام البشير وفض يدهم باعتبار أنه نظام عسكري لايقبل بقواعد اللعبة الديمقراطية والاستفادة من الموجة الثورية في المنطقة، وكانت قيادات سياسية سودانية حزرت في وقت سابق من اختطاف حزب الترابي من الثورة القادمة في السودان في حال حدوثها. خبر الإطاحة بالترابي ليس صحيحاً قال القيادي في حزب المؤتمر الشعبي سليمان حامد ل “الشرق”: إن خبر محاولة الإطاحة بالترابي أوردته صحيفة سودانية معروف اتجاهها وفي تقديري الخاص أن الداعي لذلك هو محاولة الإفلات من ظاهرة التململ داخل أوساط عضوية المؤتمر الوطني وذلك هو انعكاس نتيجة الضغط الواقع على المؤتمر الوطني من المجتمع المحيط ومن الرأي العام تجاه ممارساتهم في الإدارة السيئة لأزمة الجنوب وخلق علاقات متوترة معها وتبعات ذلك في جنوب كردفان والنيل الأزرق، أضف إلى ذلك دارفور التي تتفاقم مشكلتها هذه الأيام في نيالا، وقد نسمع عنها غداً في مكان آخر، أما الحديث عن الخمس مجموعات التي تريد الإطاحة بالترابي فأؤكد أن هذه المسألة لا معنى لها، فصديق الاحيمر مثلا هو أحد أهم الكوادر وأكثرهم فاعلية وأكثر جرأة في طرح آرائه، وكان أحد الأشخاص الأساسيين الذين قام على أكتافهم مؤتمر ولاية الخرطوم الأخير والذي شكل هاجسا للمؤتمر الوطني وقادته، أما محمد المجذوب فهو أستاذ جامعي معنيا بالقضايا الفكرية والاجتماعية وليس من اهتماماته أن يكون أمينا عاما للحزب وإنما هو معني بالقضايا الفكرية، أما فيما يختص بمسألة اختراق الشعبيين للوطني والوطنيين للشعبي ليس هناك اتجاه من هذا القبيل، لأن العقبة الآن أمام اجتماع الإسلاميين هي وجود هذا النظام، لأن من وجهة نظر الشعبي أن المؤتمر الوطني بدل الحكم الاتحادي بسلطة الاحتكار المركزي، وانتهك أصول الدين والقانون والدستور بالرقابة العسكرية على حرية الصحافة، والمؤتمر الشعبي أول من أعلن الرهان أنه ليس بالإمكان تجاوز أزمات البلاد إلا بذهاب نظام البشير، فالشعب الآن يعمل مع القوة السياسية لإسقاط النظام، فإذا عاد المؤتمر الشعبي أو حاول العودة إلى الوطني تكون شبه مخادعة للقوة السياسية الأخرى ولن تكون مبررة، وبالتالي لن يكون هناك عون للمؤتمر الوطني إلا بعد ذهاب هذا النظام، وبعدها سيكون هناك متسع ليس لعودة الإسلاميين إلى بعضهم البعض، وإنما لاجتماع كافة الوطنيين تحت موقف واحد، بل لن يكون مستبعدا التئام السودان الذي انشطر إلى شطرين وطن وهوية.