اختار الفوتوجرافي الأمريكي واين استيب، الحياة القديمة في المجتمع السعودي، كمحور لأهم أعماله وأنشطته، ونتج عن ذلك كتاب «البدو» الذي نال عدة جوائز كأفضل تصوير، وأفضل تصميم، وأفضل كتاب، كما نال جائزة ذهبية عن أبرز ما طبع في العام الذي صدر فيه. استيب هو مصور وكاتب وصانع أفلام وثائقية، وحائز على ماجستير في علم الفلسفة والأديان والثقافة، ومستشار ومدرب لدبلوماسيين في مجال تاريخ وثقافة آسيا الوسطى، ومستكشف ومسافر في عدة أفلام لقناة «ناشونال جيوجرافيك»، منها فيلم عن سباقات الهجن في المملكة. كما أن له مشاركات عديدة في مجال التصوير الضوئي الإعلاني، وحائز على عدة جوائز أمريكية وعالمية. وعن تجربته العملية، قال واين استيب، خلال محاضرة بعنوان «تجربتي في تصوير المملكة العربية السعودية: كتاب البدو»، ألقاها في ملتقى ألوان السعودية الذي جرت فعالياته مؤخراً برعاية الهيئة العامة للسياحة والآثار في مركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات: قدمت إلى المملكة عام 1981م للعمل ضمن اللجنة الدبلوماسية، وكانت تشغلني الحياة القديمة للسعوديين منذ البداية، حيث كنت أقوم بعملي مع اللجنة الدبلوماسية، ومن ثم يمكنني البقاء بواسطة التأشيرة التي أحملها، لكن على حسابي الخاص، وذلك لإتمام مهمتي المتمثلة في دراسة حياة البدو، وبالتالي تأليف كتابي «البدو» لاحقاً. وأوضح استيب أنه تعرف إلى «الشيخ ناصر العرك» بعد عامين وأكثر من 12 رحلة عمل من نيويورك إلى الرياض، وهو الذي ساعده وشجعه وحصل له على الإذن للقيام بالعمل. وقال: لقد عرفني على أفراد قبيلة «العمرة»، وأخذني إلى الصحراء، وقام بكل ما يستطيع لضمان سلامتي وراحتي، كما ساعدني على التقارب اجتماعياً مع أهل المنطقة، وكان الجميع منفتحين ومتقبلين لي ولزوجتي، وراح الجميع يخبروننا عن قصصهم وكيف يمضون حياتهم وذلك كان هدفي بالتحديد. وشدد على أن قبيلة «العمرة» وافقت أن يوثِّق حياتهم في الصحراء، ولكن بشروط: عدم تصوير نساء القبيلة، وعدم طباعة أي شيء يخص القبيلة إلا بموافقتهم، والعيش معهم بالطريقة التي يعيشونها في الصحراء، وعدم إحضار مترجم. وأضاف: قبلت بالشروط رغم صعوبتها، ومع التجربة اكتشفت أنها كانت لصالحي، وأخبرت زوجتي، وهي ممثلة معروفة في نيويورك، عن الفرصة التي حصلت عليها، وسألتها إذا كانت مستعدة لمشاركتي التجربة، فوافقت، وقدمنا سوياً وارتدت النقاب كباقي النساء في القبيلة، وبتنا ننام في الخيمة ونتنقل بواسطة الجمل، ونشرب حليب الإبل، وتعلمنا قليلاً من اللغة العربية لنستطيع التواصل مع الناس من حولنا. وتابع قائلاً: خلال إقامتي مع القبيلة في الصحراء، استطعت أن أفهم كيف أن ما يظهر في الصور بشكل جميل ورومانسي هو في الواقع أمر صعب جداً، حيث كان هدفي أن أتعلم من البدو، لأنني كنت على ثقة أن لديهم كثيراً ليعلموه لنا، فحياة البدو ليست مجرد خيمة سوداء، وصحراء، وجمال، تلك هي الصورة المادية حول حياة الصحراء، لكن في العمق هناك كثير لتقديمه. وبين أنه عمل على الكتاب لمدة ثلاث سنوات، تنقَّل خلالها بين نيويورك والإقامة مع القبيلة في المملكة، مشيراً إلى أن فترة الإقامة كانت تستمر أربعة أشهر أحياناً، حتى استطاع إنهاء الكتاب، ليكمل بعد ذلك مشاريعه في الإطار نفسه، من خلال فيلم ل «ناشيونال جيوجرافيك»، وعَمَل تحقيقٍ مصور لمجلة مهمة في أمريكا عُرِض بعدها في متحف سميثسونيان، لافتا إلى أنه كان يبحث عن وسيلة جديدة للإضاءة على الموضوع. وأشار استيب إلى أن الكتاب طبع منه أكثر من أربعين ألف نسخة، تم تقديمها للإعلام وأهل السياسة والمكتبات والعامة، وطُبع باللغتين العربية والإنجليزية، ونال جوائز عدة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة. وأوضح أنه يخطط في العام المقبل، هو والعرك، بمساعدة ودعم رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان، لإنتاج كتاب مشترك عن المملكة. يذكر أن لواين استيب مؤلفات عديدة إلى جانب كتاب «البدو»، منها كتب «روح كازاخستان»، «حياة البحار»، و«اكتشاف عجائب الحياة».