حينما يتحدث معك المصور العالمي جو ماكنالي، بعبارة تحمل الكثير من الدلالات المعرفية والثقافية بين الشرق والغرب، ويقول لك بالتصريح المباشر:" إن وسائل الإعلام الغربية ساهمت في تهميش المعالم الثقافية العربية"، فأنت حينها لا تتحدث مع شخصية اعتيادية، بل مع رجل أضحى التصوير الفوتوجرافي لديه "ثقافة" لا مهنة فلاشات تسطع هنا أو هناك. ماكنالي المصور الأمريكي الذي زار أكثر من 60 دولة حول العالم، للتصوير وكتابة المقالات عنها لعدد من المجلات مثل "illustrated" و "LIFE"، هو أول من قدم تغطية تصويرية رقمية بالكامل في تاريخ ناشيونال جرافيك، التي حملت عنوان "مستقبل الطيران"، التي حظيت بأهمية كبيرة، حيث جرى الاحتفاظ بها في مكتبة الكونجرس الأميركي. ماكنالي المفتون بالطعام الشرق أوسطي وكرم الضيافة العربية، سيوجد في دبي بالإمارات كعضو لجنة تحكيم في مسابقة التصوير الفوتوجرافي "صور تروى" لعام 2013، وحدد آخر موعد لاستلام المشاركات في 30 أبريل الجاري، وتقدمها قناة ناشيونال جيوجرافيك أبوظبي بالتعاون مع إحدى الشركات الخاصة، وخصصت هذه النسخة ل "الاحتفال بجمال العالم العربي"، حيث سيستوحي المتسابقون صورهم من الأماكن المحيطة بهم، والتي ستتضمن الثقافة والتاريخ والتقاليد والطعام والأزياء وغيرها. "الوطن" أثارت مع ماكنالي محور المضامين الثقافية والفنية، التي حملها المصورون الغربيون عن المنطقة العربية للعقل الغربي، والتي أجمل إجابته فيها بقوله: "إن عمق الثقافة هنا هو الغالب، والثقافات لا تزال تزدهر فيها منذ وقت طويل، خلافاً لبلدي الذي يعد جديدا نسبياً". ويضيف: "هناك خطوط ثقافية قوية حاضرة في هذه المنطقة، وهي تواصل الازدهار كل يوم، وفي نفس الوقت تعود أصولها إلى أقدم فترات التاريخ، وهذا أمر رائع بالنسبة لي، كما أنني أركز بصرياً على الاختلافات، وهذه هي طبيعة الحال بين المصور والمكان دائما، كل ما هو هنا جديد على عيني، وحتى لو كان ذلك أناس يسيرون في الشارع، بالمقابل، كل ما أراه أنا منظراً خلاباً هو أمر روتيني بالنسبة لهم، لأنهم يرونه يومياً". ماكنالي العاشق للصور الدلالية أصدر أعقاب كارثة تفجير برجي التجارة العالميين في نيويورك 2001، كتاب "وجوه ما بعد الكارثة" (The Faces of Ground Zero)، مستخدماً كاميرا بولارويد الوحيدة في العالم التي تصور بالحجم الطبيعي، مما ساهم في جمع 2 مليون دولار لجهود الإغاثة بعد الكارثة، لذلك يعد أحد أبرز المصورين المساهمين في ناشيونال جرافيك منذ 25 عاماً. "وضع الصورة الفوتوجرافية مظلوم عربياً وغربياً"، جملة اقتباسية أخذناها من ماكنالي إذا قورن ذلك بوضع الصحافة المكتوبة وشبكات التلفزة، لانتشارهما الكبير في الحياة اليومية، أما التصوير الفوتوجرافي فيرى ماكنالي أنه "يتطلب من المشاهد الجلوس والتفكير، وأن يكون المرء منفعلاً ومشاركاً، بخلاف التلفزيون الذي يحل ضيفاً على الحياة اليومية، ويشكل نوعاً من الضوضاء في خلفية حياتنا"، ويستشهد جو الحائز على العديد من الجوائز العالمية بحديث محرر مجلة "لايف" الذي قال له:"إن الصورة جيدة مثل صفعة قوية على الوجه، فهي تستحوذ على الاهتمام والانتباه". محور عدم بروز مصورين عرب إلا القليل منهم عالمياً – رغم مواهبهم- يتصور ماكنالي أن السبب يقع لعدة أمور، لكن أبرزها تلك التي تحدث عنها بوضوح وهو:" سيطرة الإعلام الغربي على موجات الأثير والمطبوعات والإنترنت، والتي تسلط الأضواء على الشرق الأوسط فقط عندما تحدث فيه مشاكل، أو أخبار مثيرة، لذلك يجرى تهميش المعالم الثقافية العربية". مشيراً إلى أن تجربته في الشرق الأوسط "بطيئة"، حيث اطلع عاماً بعد عام على جوانب مختلفة من الثقافة العربية. من جانب آخر يؤكد "ماكنالي" أن هناك الكثير من المواضيع التي تستحق التوثيق بالصور في العالم العربي، ويشعر أن ثراء "الألوان والأنماط" والحياة اليومية خارج المنزل في المنطقة العربية أمر مدهش – بالنسبة إليه – مرجعاً ذلك إلى "التقاليد والمناخ العام"، بخلاف بعض المناطق الغربية التي لديها قليل من الجانب الداخلي للثقافة، ويقول:" قضيت وقتاً رائعاً في الاستكشاف لأن الأبواب في الثقافة العربية مفتوحة، وهنالك الكثير من الحياة في الأحياء والشوارع". وحينما تسأل جو ماكنالي عن أفضل شيء في حياته يجيبك ببساطة: "أنه ما زال يعمل وراء الكاميرا بعد كل هذه السنوات".