قبل أيام توقفت عند برنامج الاتجاه المعاكس، من فترة طويلة لم أشاهده، كان يعوضنا عن المصارعة الحرة التي كانت في أيامنا بصوت الراحل إبراهيم الراشد رحمة الله عليه، وإن كانت مصارعة برنامج فيصل القاسم "الاتجاه المعاكس" تتميز بأنها مصارعة بالكلام والأيدي في الوقت نفسه..!! تفاجأت أن البرنامج لم يتغير، كان هناك ضيفان من ليبيا، أحدهما مع حفتر والآخر بطبيعة الحال معارض له، نفس رتم البرنامج، حركات القاسم البهلوانية لم تتغير، "يا جماعة يا جماعة" كانت موجودة كما هي، إذن السؤال لماذا هذا الجمود والتقليدية التي نجح فيها البرنامج كحوار سياسي بدرجة أولى من الزعيق والصراخ تستمر حتى وقتنا الحاضر؟، هل هو إفلاس من صاحب البرنامج وقناة الجزيرة ليكرروا نفس الرتم وبصورة مملة جداً؟، هل الشعب العربي مشاهد من النوع التقليدي والمستمتع بالملل؟، أم أن مسؤولي القناة لديهم دراسات غير الواقع عن برنامج يعيد نفسه بصورة تثير الكثير من الاستفهامات!. الجزيرة كقناة من وجهة نظري عمرها الافتراضي قارب على الانتهاء تقريباً، فالتأثير لم يعد كالسابق، بين فترة وأخرى تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي دقائق كوميدية عن اتصال مشاهدين بالقناة للحديث عن رأيهم السياسي، فيفاجأ مقدم البرنامج بكمية السب وعدم الرضا عن ما يقدمونه، وهذا الأمر تكرر كثيراً وخصوصاً عند الحديث والتركيز من قبل القناة على الجانب المصري تحديداً. لو استمر الإخوان بمصر وتونس وتبدلت الأحوال في ليبيا كان نفوذ القناة سيستمر، ليس عمله الاحترافي ولكن استخدامها كسلاح إعلامي لا يخفى على الكثيرين تفاصيله، ولكن بعد تغير الأمور، بصورة غير متوقعة، أصبحت الجزيرة كقناة تغني في واد آخر، لم تجعلها الانهزامية التي حصلت لها للبحث عن التطوير ومسايرة الواقع، الأمر ليس مجرد بث مباشر يتاح للقذافي الراحل ليتحدث بالفكاهة السياسية التي تخفف بدرجاتها الكوميدية على رجل الشارع العادي ويعتبر ما يشاهده أفضل نوعاً ما من مشاهدة عادل إمام وزملائه!. لم يعد عبدالباري عطوان المحلل السياسي الذي كان ورقة تلعب به القناة لتحريك بعض الأمور الراكدة، وكم أحزنني السيد عطوان عندما جمعتنا الصدفة مؤخراً بالشارقة، ليعيد لنا وبتفاخر قصة لقائه بأسامة بن لادن، والجديد بالأمر أنه يحمل صوراً فوتوغرافية مع بن لادن مررها علينا وكأنه يزهو بماض قد فات. القناة الإخبارية السياسية تحتاج للتجديد، ليس بديكور برنامج القاسم مثلاً، ولكن التجديد بتفكيره أو ربما الأفضل تغييره، لم تعد جملة "يا جماعة" بنفس الكوميديا قبل عدة سنوات، لم يعد المشاهد حبيس وجيه بعض المذيعين وبرامجهم، تغيرت الأمور وتغير التفكير، أسلوب الوصاية على العقول والمراهنة على بعض فئات المشاهدين لم تعد مجدية تماماً، البرامج المحترمة والتي تحترم المشاهد هي التي ستبقى، في جناح قناة العربية بمعرض الشارقة الدولي للكتاب شاركت القناة بهذه الفعالية ببرنامجين ثقافيين، كان الجميع يتلهف وبتقدير للتصوير على أحمد الزين والإشادة ببرنامجه "روافد" وكان الكثيرين ومن دول عربية متعددة يبتهجون بالدكتور عيد اليحيى ويشيدون ببرنامجه المثير "على خطى العرب"، الأمر لا يعدو عن احترام لعقلية المشاهد وهذا ما يحتاجه الجميع، إلا إذا كان فيصل القاسم وتكرار برنامجه حالة أخرى، لا أعلم!.