ينظم "كرسي اليونسكو" للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وبالتعاون مع مركز الملك عبدالله للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات في الجامعة؛ اليوم الثلاثاء لقاءً علمياً بعنوان "ثقافة الحوار في التعليم"، يتضمن مناقشة عددٍ من القضايا المتعلقة بنشر وتعزيز ثقافة الحوار وتحصين الناشئة عبر البرامج التعليمية من ثقافة الكراهية والعنف، بمشاركة نخبة من المختصين والمهتمين. نحتاج إلى تعزيز الأنشطة وفتح مسارات الفكر نحو الرأي والرأي الآخر من دون إقصاء أو تبعية ويتضمن اللقاء "حلقة نقاش علمية" يشارك فيها نخبة من خبراء التربية والحوار، يستعرضون أهمية تأكيد الصلة بين الحوار والبرامج التربوية التي يناط بها وضع البذرة الأهم في غرس الحوار في نفوس الناشئة والشباب، وأهمية تلك البرامج في تحصينهم من التورط في قضايا العنف والتطرف والإرهاب المترتبة على نشر ثقافة الكراهية. والمتتبع لما يدور في المؤسسات التربوية يلاحظ قلة الممارسات الحوارية، وكذلك قلة منح المتعلم الفرصة للتعبير عن رأيه، مما يتطلب توفير مناخ عام يشجع على ذلك، وكذلك تضمين المقررات الدراسية مجموعة من الموضوعات التي تبيّن مفهوم الحوار وأهميته، إضافةً إلى تقدير آراء الطلاب وعدم تهميشها، إلى جانب تشجيع المواهب الطلابية المتميزة في إدارة الحوار وإبرازها، وكذلك تعزيز الأنشطة وفتح مسارات الفكر نحو الرأي والرأي الآخر من دون إقصاء أو تبعية. د. عبدالله الرفاعي تفاعل علمي وقال "أ. د. عبدالله بن محمد الرفاعي" -عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ورئيس كرسي اليونسكو للحوار-: إن كرسي اليونسكو للحوار يهدف من خلال إقامة هذه المناسبة التي تأتي ضمن مجموعة من الندوات والفعاليات إلى تنشيط التفاعل العلمي الوطني مع مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- في ترسيخ مبدأ الحوار، مضيفاً أن اللقاء يتضمن "حلقة نقاش علمية" يشارك فيها نخبة من خبراء التربية والحوار، يستعرضون عبر أوراق علمية محكمة أهمية تأكيد الصلة بين الحوار والبرامج التربوية التي يناط بها وضع البذرة الأهم في غرس الحوار في نفوس الناشئة والشباب، وأهمية تلك البرامج في تحصينهم من التورط في قضايا العنف والتطرف والإرهاب المترتبة على نشر ثقافة الكراهية، وكذلك دوره في تعزيز الاستقرار المجتمعي عبر تطبيق آليات الحوار في القطاع التعليمي، وهو ما يسهم في نقل مبادئ الحوار من الإطار النخبوي إلى الإطار المجتمعي بكافة فئاته. وأشاد بالدعم الذي يلقاه الكرسي من "أ. د. خالد العنقري" -وزير التعليم العالي- و"أ. د. سليمان أبا الخيل" -مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- في سبيل تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها الكرسي، موجهاً دعوته للمهتمين والمختصين لحضور فعاليات اللقاء وحلقة النقاش العلمية. د. عبدالله الفنتوخ استثارة الفكر وتطرق "أ. د. عبدالله بن عبدالرحمن الفنتوخ" -عضو هيئة التدريس بقسم الإدارة والتخطيط التربوي بكلية العلوم الاجتماعية- إلى وسائل نشر ثقافة الحوار في مؤسسات التعليم العام، وقال: إن دور المناهج الدراسية بتبني طرق التدريس القائمة على استثارة الفكر وتشجيع طرح الآراء المختلفة وتبادل الاستفسارات، متوجةً بالعمل الجماعي التعاوني الذي بطبيعة الحال يشجع الحوار، مضيفاً أن الاختبارات ذات الطابع الحواري تكشف للمعلم قدرات المتعلمين على إتقان مفاهيم الحوار، معتبراً أن الأنشطة تحقق النمو الاجتماعي للطلاب، وإيجاد فرص التعامل الاجتماعي بينهم وبين أفراد مجتمعاتهم، مبيناً أن من دور المعلمين في نشر ثقافة الحوار احترام آراء الطلاب واجتهاداتهم، لافتاً إلى دور المدير في نشر ثقافة الحوار بالعلاقات الحوارية بين الإدارة والمدرسة والمعلمين الفردية أو الجماعية، ذاكراً أن دور المشرف التربوي يكمن في إعطاء المعلم الحرية في طرح وجهة نظره بأريحية تامة. إذاعة مدرسية وأكد "أ. د. الفنتوخ" على أن الإذاعة المدرسية تسهم في نشر ثقافة الحوار ويكون ذلك بانتقاء النصوص المناسبة والطلاب المناسبين لتأدية كل فقرة، مشدداً على ضرورة جعل الطالب يختار ما يرغب في نشره في الصحافة المدرسية وأن يقتصر دور المعلمين على الإرشاد والنصح، ذاكراً أن إقامة مجلس الحوار الطلابي يهدف إلى التأكيد على أهمية الحوار كمبدأ إسلامي ومنهج تعامل راق وممارسة حرية التعبير عن الرأي حول مشكلة معينة يحقق المشاركة بين الإدارة والطلاب في إيجاد الحلول المناسبة، مما يجعل الطلاب أكثر تفاعلاً ومحافظة على النظام. وأشار إلى إقامة نادي الحوار في المدرسة، وذلك بفتح باب الاشتراك للطلاب كجماعة نشاط يصقل مهارات الحوار في أحاديث الطلاب ومناقشتهم، وينمي مهارات التواصل وآداب الاستماع، مضيفاً أنه يتم التدريب على حسن ممارسة الحوار والنقاش والالتزام بأخلاقياته، كما أن النادي يهدف إلى تمرس الطلاب بألوان النقد والتعليق والتعبير الحر وطرق البحث والحوار، كما يمكن وضعها على البوابة الإلكترونية ضمن منتديات خاصة، والسماح للآخرين بالاطلاع لإثراء المنتدى. إبداء الطالب رأيه يضمن حريةً مسؤولة في المستقبل تجارب عالمية وركزت "د. إيمان الرويثي" -وكيلة تطوير التعليم الجامعي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- على أبعاد ثقافة الحوار ونشرها في البرامج والمناهج الدراسية، قائلةً: إن التعليم هو المنفذ الحقيقي للتطوير والتنمية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية، مضيفةً أن لدينا الكثير من التجارب العالمية التي تطورت من خلالها بلدانها وأصبحت قوة اقتصادية فاعلة من خلال إصلاح التعليم وتطويره كاليابان وماليزيا وسنغافورة وأمريكا، مشيرةً إلى بعض التوصيات منها؛ إدخال ثقافة الحوار بجميع أبعادها المعرفية والمهارية والوجدانية ضمن البرامج والمناهج الدراسية، وكذلك توجيه القائمين على تأليف البرامج والمناهج الدراسية في التعليم العام أو التعليم العالي على إمكانية الإفادة من مداخل تضمين أبعاد ثقافة الحوار والواردة في الورقة البحثية، إضافةً إلى الآليات والإجراءات اللازمة لعملية التضمين والدمج بشكل يحقق أهداف العملية التعليمية ويحقق معه كذلك أبعاد ثقافة الحوار، إلى جانب تدريب القائمين على العملية التعليمية على كيفية تطبيق ونشر ثقافة الحوار، وكذلك الاهتمام بالبحوث والدراسات واستطلاعات الرأي المرتبطة بنشر ثقافة الحوار، وتشجيع الجميع على المشاركة فيها لتكون وسيلة لنشر ثقافة الحوار. دور الجامعات وحول الدور التربوي للجامعات في نشر ثقافة الحوار، أوضح "د. عبدالرحمن الغامدي" -باحث دكتوراه في مجال حوار الحضارات- أن الحوار في العصر الراهن له مكانة بارزة من اهتمامات المفكرين والباحثين والمؤسسات الثقافية، لكونه يأتي في زمن كثر فيه الصراع بدلاً عن الوفاق والتسامح، وسوء الفهم المتبادل بين الطرفين بدلاً من إحسان الظن؛ ليشكل الحل الأنسب لكل هذه الأزمات، وبالتالي فقد ظهرت حاجة ماسة إلى أصوات أكثر هدوءاً وتعقلاً لحسم تلك المشكلات، أو على الأدنى من ذلك المساهمة في حل أجزاء منها، وذلك من خلال قنوات متعددة، لعل من أهمها الجامعات بما تمتلكه من أدوات فكرية، وأوعية معلومات داعمة للحوار وآلياته، للوصول إلى أهدافه المحددة، حيث تعمل الجامعة على الارتقاء بالفكر، وتحتل مكانة كبيرة في دعم الشخصية وتنميتها والنهوض بها، لأنها تُعد معاقل متقدمة للتربية والتعليم والمناشط الفكرية المختلفة. د. إبراهيم العبيد تبادل الآراء وأكد "د.إبراهيم العبيد" -أستاذ أصول التربية المشارك بقسم أصول التربية بكلية التربية بجامعة القصيم- في حديثه حول (المضامين التربوية لنشر ثقافة الحوار) على أن الحوار أحد وسائل نقل الأفكار وتبادل الآراء للوصول إلى أهداف محددة ومقصودة، فهو عملية تتضمن المحادثة بين أفراد أو مجموعات على اختلاف توجهاتهم وأفكارهم، من أجل تبادل المعرفة والفهم، ويتوقف نجاحه على مدى التزام أطرافه بالمهارات والآداب في تعبيرهم عن أفكارهم وآرائهم، مضيفاً أنه على صعيد المؤسسات الاجتماعية والتربوية فإن أهمية الحوار تكمن من خلال ما تقدمه تلك المؤسسات من أساليب وطرق تساهم في تعزيز ثقافته ومهارته لدى أفراد المجتمع، مبيناً أنه على صعيد المدرسة نجد أن الحوار يستمد أهميته في كونه وسيلة الإفهام، وكونه متنفساً للمتعلم للتعبير عما تجيش به نفسه، ومن كونه يوسع دائرة أفكاره، وقيادة هذا المتعلم إلى التعبير بفصاحة لسانه، وارتجال للمواقف الحياتية المختلفة. وأشار إلى أن المتتبع والمتمعن لما يدور في المؤسسات التربوية والتعليمية يلاحظ قلة الممارسات الحوارية التربوية والتعليمية، وكذلك قلة منح المتعلم الفرصة للتعبير عن رأيه، مبيناً أن للحوار مسوغات تتمثل في كونه منهجاً ربانياً اتخذه الرسل والأنبياء، حيث استخدم للدعوة من خلال الاقناع والإتيان بالأدلة والبراهين التي تثبت صدق ما يقولون. قيمة سامية وقال "د.يحيى بن صالح الحربي" -قسم أصول التربية بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية-: تعد المؤسسات التعليمية الممثلة في المدارس والمعاهد والجامعات واحدة من أهم الجهات المسؤولة عن غرس الحوار لدى أفراد المجتمع، وتعزيز ممارسته، بحيث يتحول في النهاية إلى قيمة سامية يتحلى بها معظم أفراد المجتمع، مبيناً أن هناك مجموعة من الأساليب التي يمكن من خلالها تعزيز ثقافة الحوار داخل المؤسسات التعليمية، ذاكراً أن من أهم هذه الأساليب توفير مناخ عام داخل المؤسسة التعليمية يشجع على الحوار، ويحث الطلاب على المشاركة في الأنشطة الحوارية، وكذلك تضمين المقررات الدراسية مجموعة من الموضوعات التي تبين مفهوم الحوار وأهميته ومجالاته وضوابطه وآدابه وأخلاقياته، بما يسهم في تعزيز هذه القيمة الأساسية في نفوس الطلاب، إضافةً إلى تقدير آراء الطلاب وعدم تهميشها، إلى جانب إعادة بناء بعض المقررات الدراسية، وتشجيع المواهب الطلابية المتميزة في إدارة الحوار وإبرازها، ووضع برامج إثرائية لتطوير مهاراتها، وكذلك إنشاء المجالس واللجان الطلابية المختصة، والتي تسهم في طرح الاهتمامات الطلابية، والتحاور حولها بطريقة منظمة تسهم في توسيع دائرة مشاركة الطلاب في صنع القرارات، إضافةً إلى تنظيم زيارات طلابية إلى المؤسسات التي تعنى بالحوار داخل المجتمع، واطلاع الطلاب على أنظمتها وأنشطتها. توازن مجتمعي وأكدت "د. هيلة بنت عبدالله الفايز" -رئيسة وحدة الأسرة بمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات- على أن نجاح الجامعات في نشر وترسيخ ثقافة الحوار كفيل بإيجاد جيل من المواطنين يغلب عليهم التوازن المجتمعي واحترام الآخر، بل والمحافظة على ممتلكات الجماعة. وعن آليات تطبيق التوجه المستقبلي للجامعات في نشر ثقافة الحوار قالت: إن ذلك يأتي من خلال التحليل والتشخيص بهدف تحديد نقاط الضعف والقوة لجميع مكونات البيئة الجامعية ذات الارتباط بنشر ثقافة الحوار وترسيخها، وتشمل رؤية الجامعة ورسالتها وقيمها، وكذلك برامجها الأكاديمية، وعلاقتها بالمجتمع، ثم عمل مقارنات هادفة، وتحديد البرامج المناسبة للتصحيح، والتخطيط لتحديد البرامج وآليات التنفيذ وتوضيح خطة العمل، وكذلك تنفيذ البرامج التي تم تحديدها والتخطيط لها والإشراف على ذلك، إضافةً إلى التقييم المستمر قبل تطبيق البرامج وأثناء تطبيقها وبعد التطبيق للحصول على التغذية الراجعة اللازمة لتطوير البرامج والممارسات، إلى جانب التواصل مع جميع مؤسسات المجتمع المتخصصة وغيرها لتفعيل دور الجامعة في تعزيز ثقافة الحوار في المجتمع وقياس أثر ذلك.