كل الأنظار موجهّة هذه الأيام إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ولا شيء يشغل الأحزاب السياسية المهمة منها والمهجرية سوى السؤال الكبير هل سيترشح بوتفليقة لولاية رابعة أم لا ؟ في وقت ينتظر الشارع الجزائري من هذه الأحزاب الانخراط الفعلي في متطلبات الحدث السياسي المرتقب مطلع أبريل 2014 ومخاطبة الجزائريين بالبرامج والأفكار وخطط المستقبل لا بتعقب الرئيس وانتظار ترشحه من عدمه للرئاسيات المقبلة. وانتقل السؤال هذه الأيام من طرح الاستفهام حول هل يترشح بوتفليقة أم لا لعهدة رابعة إلى السؤال هل سيكشف بوتفليقة عن التقرير الطبي المفصل عن حالته الصحية التي لا يعرف تفاصيلها الجزائريون لكنهم يدركون أن رئيسهم لم يعد كما كان في السابق بدليل تعذر حضور الأخير فعاليات داخلية دأبوا على ترقبّها لرؤية رئيسهم بالأخص في المواسم الدينية والمناسبات الوطنية. وتنامت الأصوات المطالبة بضرورة الكشف عن التقرير الطبي للحالة الصحية للرئيس الجزائري وبشكل لافت بعد إعلان مصادر قريبة من الرئاسة قرب طرح تعديل الدستور الحالي على البرلمان بغرفتيه واستحالة طرحه على الاستفتاء الشعبي لانقضاء الآجال القانونية، ما ولّد حالة من القلق في الأوساط السياسية والحزبية التي تدرك مآلات استفراد البرلمان لوحده بتزكية التعديلات التي سيشملها الدستور المقبل وهو الذي تسيطر على غالبية مقاعده أحزاب الموالاة التي أعلنت مبكرا مساندتها المطلقة لترشح بوتفليقة لعهدة رابعة ويدافع وزراؤها ممن يحوزون على حقائب في حكومة عبد المالك سلال الثانية عن حصيلة بوتفليقة ل 15 الماضية في كل جولاتهم الميدانية. وتطالب أحزاب لها وزنها في الساحة السياسية في الجزائر على غرار" التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية " و "العدالة والتنمية " وحركة مجتمع السلم " و" عهد 54 " و" الجبهة الوطنية الجزائرية " وكل زعاماتها تقريبا مرشحون سابقون لرئاسات 2004 و 2009 بضرورة أن يقدّم رئيس الجمهورية في حال رغب الترشح للرابعة شهادة طبية تثبت تمتع الأخير بكل قواه العقلية والبدنية والقدرة على تسيير شؤون البلاد مثلما تفرضه شروط الترشح للرئاسيات هو شخصيا وليس بالنيابة مثلما تريده الدوائر التي تدفع في اتجاه بقاء بوتفليقة في الحكم للخمس سنوات المقبلة من خلال استحداث منصب نائب الرئيس في التعديل الدستوري المرتقب، يخّفف على الرئيس أعباء قد يحول وضعه الصحي وهو لم يخرج بعد من فترة النقاهة، دون إمكانية القيام بها على الوجه الكامل مثل التنقلات خارج البلاد والزيارات التفقدية الداخلية على وجه خاص. وتقف مسألة استحداث منصب نائب الرئيس في التعديل الدستوري المرتقب وراء رفض قطاع واسع من السياسيين والزعامات الحزبية التي ترفض ترشح بوتفليقة لولاية رابعة تعديل الدستور قبل موعد الرئاسيات وتطالب بإرجائه إلى ما بعد أبريل 2014. وتدرك هذه الأحزاب أن الذهاب نحو إقرار هذا التعديل سيرفع الحرج عن بوتفليقة ويريح الداعمين له على اعتبار أن الرئيس المرشح لن يكون مضطرا للقيام بحملته الانتخابية التي تستدعي القوة البدنية والعقلية والصحية هو شخصيا لكن سيتولى ذلك نائبه الذي سيخاطب الجزائريين نيابة عن رئيسهم. وكانت شخصيات سياسية لها ثقلها في الساحة منذ عودة بوتفليقة من فرنسا بعد فترة علاج ونقاهة استغرقت 7 أشهر، ذهبت إلى حد مطالبة وزارة الدفاع والرئاسة في فرنسا بتسليم الجزائريين التقرير الطبي لرئيسهم وكشف تفاصيله لوسائل الإعلام الجزائرية بدعوى استحالة أن تقوم السلطة في الجزائر بذلك وهذا لحسابات المرحلة المقبلة. وكانت تعاليق رددت فيما سبق أن التقرير الطبي للرئيس الجزائري يوجد اليوم بين يدي السلطات الفرنسية والجزائرية وأن الجانبين اتفقا على وضع الملف في خانة السري وإن السلطات الفرنسية لا ترغب في تخطّي صلاحيات نظيرتها الجزائرية بالكشف عما تعرفه عن مرض بوتفليقة وتعتقد أن السلطة في الجزائر هي وحدها الأحق بنشر الملف الطبي للرئيس إن هي رغبت في ذلك. وقاد تسريب مصادر قريبة من الكي دورسي لجانب من التقرير الطبي للرئيس بوتفليقة إلى تعليق صدور صحيفتي "جريدتي " و "مونجرنال" ومتابعة مسؤول نشرها قضائيا بعدما نشر الأخير ملفا كاملا عن صحة بوتفليقة جاء فيه أن الوظائف الحيوية للرئيس الجزائري أصيبت بشكل كبير بعد الجلطة الدماغية التي قال عنها بيان عن الرئاسة إنها عابرة.