كشف حزب جبهة التحرير الوطني، صاحب الغالبية البرلمانية في الجزائر، عن مسودة تعديل الدستور التي يقترحها ولم تتضمن أي إشارة بخصوص فترة الولاية الرئاسية أو تقييدها بعدد محدد. والظاهر أن الجبهة لم تلجأ إلى تقديم اقتراحها بخصوص فترة ولاية رئيس الجمهورية لأنها تترقب إشارة من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في شأن رغبته في الترشح للرئاسة لولاية رابعة أو ترك منصب الرئاسة بعد انتهاء ولايته الثالثة العام المقبل. وتقول مراجع سياسية تدافع عن ترشح بوتفليقة لولاية رابعة، إذا كان يرغب في ذلك، إن اقتراحاً ستتم مناقشته قريباً ويقضي بتمديد ولاية الرئيس عامين آخرين. وأعلن حزب جبهة التحرير، أمس، مسودة الدستور التي قدمها إلى رئاسة الجمهورية. وتبيّن أن المسودة التي أعلنها عبدالرحمن بلعياط، منسّق الجبهة، هي نفسها التي جرى تحضيرها قبل عامين في فترة الأمين العام السابق عبدالعزيز بلخادم، من دون أي إضافة عليها، بما في ذلك الفراغ الذي تُرك في المسودة في خصوص المادة المخصصة للولاية الرئاسية. ويعني ذلك أن الجبهة ما زالت لم تتلق بعد أي إشارة من الرئيس بوتفليقة حول نياته بالترشح مجدداً أم ترك منصب الرئاسة في العام 2014. وقالت مراجع قريبة من الرئاسة ل «الحياة»، إن ما يُعرف ب «محيط الرئيس» يقترح فترة رئاسية مدتها سبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. وذكرت: «الاقتراح الذي لقي استحسان بوتفليقة يتعلق بجعل فترة الولاية الرئاسية تمتد سبع سنوات ونفس الفترة تؤول إليها فترة المجالس المنتخبة وهي البرلمان والمجالس الشعبية والبلدية». ويشكّل هذا الاقتراح «مخرجاً وسطاً بين المنادين بولاية رابعة لبوتفليقة وبين المناهضين لاستمراره في سدة الحكم بعد انتهاء الولاية الحالية». وتطالب المعارضة بتعديل المادة 74 من الدستور التي تترك الباب مفتوحاً لرئيس الجمهورية ليترشح بلا قيود لهذا المنصب وبدون تحديد عدد الولايات الرئاسية. وعدّل بوتفليقة الدستور في 2008 بإلغاء تحديد الولايات الرئاسية باثنتين ليتمكن من الترشح لولاية ثالثة في 2009، لكنه لم يعلن إن كان سيترشح في 2014 لولاية رابعة. لكن مصادر كثيرة تشير، في المقابل، إلى أن الدستور المقبل لن يحمل آلية لا لتمديد فترة حكم بوتفليقة ولا لتجديدها، قياساً إلى عدم رغبة بوتفليقة في الترشح لولاية أخرى، وأن التعديل المقبل سيرتكز بالأساس على إنشاء منصب نائب لرئيس الجمهورية. وتشكّل الولاية الرابعة وملف الرئاسيات المقبلة محور سجال بين ما يعرف بدائرة الرئيس المقربة وبين خصومه السياسيين. وتورد صحف جزائرية أن بروز ملفات الفساد بشكل لافت في الشهور الأخيرة على علاقة مباشرة بملف الرئاسيات المقبلة. وتساءلت صحيفة «الوطن» قبل أيام في صفحتها الأولى إن كان السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، «متورطاً في فضائح الفساد»، وقد فُهم ذلك بأنه يعني انتقال الصراع بين الرئيس وخصومه إلى مرحلة أخرى أكثر احتداماً. وعادت صحيفة «لوكوتيديان دورون» المقربة من الرئاسة أمس، لتقول بدورها إن الرئيس بوتفليقة أزاح شقيقه السعيد من منصب مستشار في الرئاسة. وكتبت الصحيفة التى تصدر في وهران بغرب الجزائر إن «رئيس الجمهورية عبدالعزيز بوتفليقة أزاح شقيقه (السعيد) من المنصب الذي كان يشغله كمستشار في قصر الرئاسة». وأضافت استناداً إلى مصادر وصفتها بأنها مؤكدة، أن «سبب الإقالة مرده خلافات شخصية ولا علاقة لها بقضايا بأي ملف (فساد) يكون قد تورّط فيه شقيق الرئيس». ومعلوم أن السعيد بوتفليقة يتولى مهمات استشارية «سياسية وأمنية» في رئاسة الجمهورية بموجب مرسوم غير منشور، ومن مهماته متابعة تقارير الديبلوماسيين في الخارج التي ترد في شكل «سري» إلى الرئيس. وفي سياق متصل، دافع حزب التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية عن مبدأ اللائكية (العلمانية) وقال إنها «في المجتمعات الديموقراطية بمثابة جوهر سيرورة الديموقراطية». وطرح الحزب المعارض وثيقة «مقترحات مشروع دستور دائم» أمام أعضاء مجلسه الوطني في اجتماع لهم بالعاصمة، وقال: «يتضمن مشروع الدستور هذا المستمد من الذاكرة الجزائرية والشامل والذي يستجيب الخاصيات الوطنية الاجتماعية والمراجع الثقافية لأمتنا، ثلاثة محاور رئيسية حول تحديد المبادئ العامة التي يجب أن تسيّر المجتمع الجزائري وتوازن السلطات وتوضيح دور الهيئات الاستشارية».