دخل ملف التعديل الدستوري الذي وعد به الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مزاد الجدال بين أجنحة وتيارات سياسية، وسط توقعات بأن القائمين عليه يعتزمون إنشاء منصب نائب لرئيس الجمهورية. ولوحظ أن أحزاباً سياسية فاعلة بدأت منذ الآن في عرض «شروطها» في شأن التعديل الدستوري الموسع المتوقع أن تُقبل عليه الجزائر في الشهور القليلة المقبلة. ويعتقد بعض المراقبين أن «تأخر» إعلان الحكومة الجديدة قد يكون مرتبطاً بملف التعديل الدستوري وضرورة تأمين غطاء واسع له من الطبقة السياسية قبل طرحه على استفتاء شعبي. وفي هذا الإطار، أعلن حزبان إسلاميان «شروطهما» في مقابل تسهيل مهمة رئيس الجمهورية في انجاز التعديلات الدستورية المنتظرة. فقد طالبت حركة مجتمع السلم وحركة النهضة، المتحالفتان ضمن «تكتل الجزائر الخضراء»، بتشكيل لجنة وطنية توافقية للإشراف على تعديل الدستور كونه أهم وثيقة تنظم الحياة الوطنية ومختلف المؤسسات الدستورية للدولة، وعرضه للاستفتاء الشعبي. وتصر حركة مجتمع السلم، على رغم «الطلاق» بينها وبين الجهاز التنفيدي وخروجها من دائرة «ثقة» الرئيس، على ضرورة تلبية عدد من المطالب ومنها «حل البرلمان وإعادة الانتخابات التشريعية قبل تعديل الدستور» و «إنشاء لجنة تعديل دستورية تمثّل كلّ الطيف السياسي وكشف تشكيلتها ثم عرض الدستور المقبل على الاستفتاء الشعبي، وبعده تُعاد الانتخابات البرلمانية في ظل دستور جديد». كما تطالب حركة مجتمع السلم بإنشاء «حكومة توافقية». ويتردد أن توافقاً قد تم حتى الآن بين التيارات السياسية في البلاد على أهم نقطة في مشروع التعديلات، أي منصب نائب الرئيس. لكن جدالاً رافق تسريبات حول هذا التوافق المفترض. إذ ليس واضحاً ما إذا إن كان صاحب هذا المنصب - نائب الرئيس - سيكون الخليفة المحتمل للرئيس بوتفليقة أم لا. وتقول مصادر في حزب جبهة التحرير الوطني، صاحب الغالبية البرلمانية، إن مسودة دستور البلاد بصيغتها المقترحة - أي التي تتضمن إنشاء منصب «نائب الرئيس» - تثير قلقاً في صفوف بعض التيارات في الحزب. وتضيف إن الاقتراحات التي قدمتها جبهة التحرير في شأن التعديل الدستوري تناولت «تحديد العلاقة بين المؤسسات وصلاحياتها، والارتقاء بالقضاء إلى سلطة دستورية» و «أن يكون الوزير الأول من حزب الغالبية». وتنتقد جبهة التحرير التي يرأسها شرفياً الرئيس بوتفليقة، «الشذوذ» في الحالة الجزائرية إذ يتولى الوزارة الأولى (رئيس الوزراء) أحمد أويحيى الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي الذي حل ثانياً لجهة مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية الماضية. وجاء التجمع مجدداً في المرتبة الثانية بعد جبهة التحرير في الانتخابات التشريعية في 10 أيار (مايو) الماضي. وعلى رغم فصل جبهة التحرير في كثير من الأمور المتعلقة بالتعديل الدستوري، إلا أنها لم تحدد بعد موقفها من «عدد الولايات الرئاسية». ويُعتقد أن الأمين العام لحزب الغالبية عبدالعزيز بلخادم يترقب إشارة من الرئيس بوتفليقة لمعرفة هل ينوي الترشح لولاية رابعة. وسقطت أحلام التيار الإسلامي في فرض تصوراته للدستور المرتقب بعدما حل «تكتل الجزائر الخضراء» الذي ضم ثلاثة أحزاب إسلامية، في المرتبة الثالثة في الانتخابات الأخيرة ولكن بأقل من 50 مقعداً، بعدما حققت جبهة التحرير لوحدها أكثر من 200 مقعد. ويريد التيار الإسلامي أن يكرّس الدستور المقبل «النظام البرلماني» وأن يضمن «إطلاق الحريات وتحرير المبادرات والفصل الواضح بين السلطات، وتحديد العُهد الرئاسية، لنخرج من المراحل الانتقالية إلى التداول السلمي على السلطة». وتفترض جهات قانونية أن الجزائر ستشهد استفتاء شعبياً العام المقبل على الدستور الجديد. في غضون ذلك (أ ف ب)، نقلت الإذاعة الجزائرية عن وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية إن الانتخابات المحلية لاختيار أعضاء المجالس البلدية ستجري في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وقالت الاذاعة الجزائرية نقلاً عن وزير الداخلية الذي تحدث السبت في منتدى نظمته صحيفة «ليبرتي» إن «التاسع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) هو موعد الانتخابات المحلية». وتابع الوزير: «سنركز أقصى جهودنا لضمان الشفافية وكل الظروف والاجراءات» لانجاح الانتخابات. وأوضح أنه «سيتم الأخذ بتوصيات بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات التشريعية» الاخيرة، والتي تخص «الجوانب التقنية» للعملية الانتخابية.