ألا يا وجودي وجد من داس (بالدينين) ولده الوحيد اللي به النفس مفتونه الغالبية من الشعراء تمنوا أمنيات وتوجدوا بصريح العبارة مبتدئين بجملة (يا وجودي )، (يا عذابي) (يا تل قلبي) ولأن التوجد هذا أو التحسر أو ما يتصل بالأحاسيس والمشاعر والانفعالات والمعاني كلها لا يمكن تقدير قوتها أوالإحساس بالمعاناة منها أو المشاركة الفعلية في درجتها، لذا اختار الشعراء أمثلة تحاكي ما عليه حالتهم محاولة منهم تقريب الإحساس والشعور للمتلقي بالمماثلة، لعل من المتلقين من يقارن بين الحالتين وهما حالة الشاعر التي يعلن عنها بوحه وقصائده في أو كل بيت ثم يعقبه بحالة مشابهة في بقية البيت. لكن بعض الشعراء بالغ جدا في إظهار الحزن أو الشوق أو الفرح أو الألم في تصويره التشبيهي مما جعل المتلقي يعيش الحالة الخيالية والصورة الفنية التي رسمها الشاعر لغيره وكأنها حقيقة، فصرف الإحساس ناحيتها وأضعف الصورة التي تخص الشاعر وتنطبق عليه أو تناساها، وقد أنشأ القصيدة أساسا من أجل إيصالها. إن كلمة الوجد والتوجد تعني حالة انفعال في النفس والوجدان من المعنويات التي لا تقدر درجتها ولا يحسبها سوى من يعانيها، كالحزن أو الشوق أو الألم أو الحيرة أو حتى التطلع والتمني وغيرها يتبع مثل هذا الإحساس الرغبة في تحقق أمل معين، كانفراج الهم وانقشاع الحزن وتحقق الأماني وحصول المقصود أو على أقل تقدير مشاركة الشاعر همومه وأحزانه من قبل من حوله. محمد بن فطيس نقول: يا وجدي على الربيع وخضرة الأرض، ويا وجدي على الرفاق وتجمعهم أو على العافية من المرض، أو حصول ما أتمنى، ويا وجدي على فراق هذا المكان ويا وجدي على العودة لبلادي ...الخ ولهذا يقول بعض الشعراء : وجدي عليهم وجد من طاح بالبير خم الرشا وحال أزرق الجم دونه يا وجودي وجد عود لا عيال ولا قرابة ألا يا وجودي من فاجأه ديان يا وجودي وجد من ضيع صوابه يا وجودي وجود اللي زمانه رماه يا وجود من حط معروفه وضاع يا وجودي كل ما هب نسناس الشمال ....الخ يقول الشاعر خالد البذال: ألا يا وجودي وجد من ضاعت أرياه مالي قدى وحضول قلبي ثقيله أمشي دروب الخوف كل شوكٍ آطاه أمرٍ كتبه الله ولا لي بديله فالمشبه به هو من ضاعت أرياه، فهو يشبه حاله بحالة من وقع في حيرة لم يثبت على رأي محدد، ولنا أن نتصور الشخص الذي تشتت آراؤه وانغلقت عليه الحلول واصابته الحيرة. ويقول الشاعر سلطان الهاجري: ياوجودي وجد من صفق على ماضي شبابه بان شيبه والسنين اللي يبيهن خالفنّه غرته خضر السنين وراح عمره مادرى به غررنّه ورفعنّه لين سج وحولنّه وياوجودي وجد عود لا عيال ولا قرابة ما جداه إلا يون ويردف الونّه بونّه فالمشبه في كل التوجد هذا هو الشاعر نفسه شعوره وإحساسه ورغباته وتطلعاته، حيث لا يستطيع أن يوصل هذا الإحساس إلى المتلقي ولا يستطيع وصفه إلا من خلال مشبه به يماثله أو يفوقه في المعاناة وفق تقدير الشاعر، وقد شبه بعدة حالات مبالغة في المعاناة . إذا فالمشبه به هو من فاته شبابه ولم تتحقق أمانيه، يشبه حاله بحال ذاك الذي صفق ندما على ضياع سني شبابه. وفي البيت الثاني يشبه حاله بحال عود لا عيال ولا قرابة. سلطان الهاجري فحالة هذا الشخص تطابق حالة الشاعر، فبعد هذا التصوير يتضح التوجد الذي لن يتضح بدونه. يقول الشاعر: ويا تل قلبي تل دلو بعيد ماه هوى وامتلأ وأهل السواني يتلونه ويازوع قلبي زوعة الطير وقت دعاه الى شاف تلواحه مع اللي ينادونه ويالوع قلبي لوع زرع نشف مجراه تساقط غصونه عقب ما كان يسقونه ويافوح صدري فوح شاميةً مركاه على جمر سمر من مشبه يجرونه هذه الأبيات الأربعة كلها مقدمة تصف حال المشبه بهم لكي يقتنع المتلقي بما سيأتي من بوح الشاعر وهي كلها إسقاطات الحالة الخاصة به على حالات يراها مماثلة لما يحس به. بعد كل هذا الإيضاح يبدأ في عرض ما يتوجد عليه هو بقوله في بقية القصيدة: على واحد عز الله اني مانيب اشناه احبه واعزه واكره اللي يحسدونه أداري مضايق خاطره واصطفق لرضاه مدارى اليتيم اللي يخافون يبكونه ويقول الشاعر محمد بن فطيس: الا ياوجودي وجد من فاجأه ديّان برغم اعتزال الناس من كثرة ديونه بعد ما فضى جيبه وكفه وحاله شان تناسوه ربعه كنهم ما يعرفونه تناسوا مواقيفه ولا كن شيٍ كان على غير ما ترضى الكرامه يحدونه وهو كان منقع طيب منهل وفا واحسان فلاشك عُوَّان الزمان يتحدونه رفع كفه الخالي الى الخالق الرحمن عقب ما تصافوا كلهم ظلم من دونه سريع الفرج كافل برزقه جميع إنسان قبل طلبته وأعطاه ما خيّب ظنونه كل هذه الأبيات الستة في القصيدة التي استهل بها الشاعر تعد تصويرا ومقدمة لحالة المشبه به لا تعنيه هو بل مخصصة لذلك المشبه به وليست داخلة في معاناته هو، وقد أمعن الشاعر في وصفها وتفاصيلها لكي يقتنع المتلقي بإحساس الشاعر الذي يشابه تلك الحالة ولم يذكره بعد ولم يبين ما سبب توجده أيضا، وكل ذلك من أجل التأكد من قناعة المتلقين وتهيئة لما سيأتي من بوح فيما بعد فيحضر المتلقي ومع صورة مسبقة. بعد هذه الأبيات الاستهلالية التي سميناها التشبيه أو الصورة المشابهة ذات الوظيفة التقريبية يلتفت إلى نفسه فيقدم حالته ويقول: على اللي سلب عقلي بسلهامة الاعيان على العهد لو تبعد نحاياه ما اخونه ثم بعد هذا يقدم انفعاله هو بعد أن تأكد من وضع صورة خيالية أمام المتلقي. ويستمر مكملا هدف القصيدة مطمئنا على ارتباط المتلقي به. يقول الشاعر: ممدوح المرزوقي في توجده مقربا ومشبها حالته من خلال رسم صورة مبكية جدا تقرب الإحساس من المتلقي وتجعله في وسط الصورة مغموسا في الحزن والشعور المأساوي حيث يقول من قصيدة طويلة: ألا يا وجودي وجد من داس(بالدينين) ولده الوحيد اللي به النفس مفتونه على رجعته دوبه زرق ما درى المسكين وتوطاه بالجنزير عينه لطبلونه وعلى صيحته يوم انتبه للولد قسمين صرخ صرختن واغمي عليه بدركسونه وجو فازعين الناس من صيحة الاثنين وجتهم تصيح امه من العلم مجنونه تطيح وتقوم وتركض ولا عليها شين وتضمّه باياديها وتبكيه مغبونه وطاحت عليهم بعد جرّت لها صوتين واصاب العرب جضّه من اللي يشوفونه توفت بعده امّه قهر ما خذت يومين وهي توّها غضّه جميلة ومصيونه ولا فاق ابوه الا بعد ما مضى شهرين وجاه الخبر عنها من اللي يزورونه وخلاّ السرير وراح للمقبره من حين وشاف بعيونه نجلة العين مدفونه وجذب ونّتن يبكي صداها الحجر والطين وتوفى وهو يفرك على القبر بوجونه تريّح وانا اجاذب ونين القهر والبين واجاوب حمام الورق لا ناح بلحونه واهجول على الاقدام وامشي مع الماشين لكني مع الهوجاس والهم واشطونه وحتى قال كفاني من الدنيا سهمها بعام الفين صويبن دكاترة البلد ما يداوونه وابصبر على بلواي لو المفارق شين عسى الله يفرّجها والارزاق مضمونه والى مت خطّوا بالنصايب على بيتين ترى سنة الله للمخاليق مسنونه الا يالبنادم لو صفالك زمانك زين توقع ترى الايام ماهيب مامونه تبسّم لك الدنيا وتبدي لك السنّين ويا سرع ما تاطا على الراس ومتونه و(الدينين ) المذكور في البيت الأول من هذه القصيدة، هو نوع من المعدات الثقيلة، بلدوزر وكذلك البوكلين المذكور في القصيدة أيضا كلها من المعدات الثقيلة أيضا.