يردد بعض الإخوة أن الدراما السعودية ينقصها النص. مما يوحي ان العناصر الأخرى متوفرة. المعدات والمواهب والفنيين، كل شيء متعطل في انتظار الكاتب المنقذ. تسمع هذا الكلام أيضا من الممثلين. أصحاب هذا الرأي على قناعة أن غياب كتاب النصوص التلفزيونية هو المعضلة الكبرى التي تعيق قدرتنا على المنافسة. سأبدأ بسؤال يمكن لنا أن نشترك في الإجابة عليه. هل يوجد ممثل سعودي درامي. (ممثل سعودي غير كوميدي) إذا تجاوزنا العدد المحدود المتناثر في بعض الأعمال النادرة يمكن القول لا يوجد. أثناء كتابة نص هوامير الصحراء وقعنا في مأزق. من سيلعب هذا الدور ومن سيلعب الدور الآخر وخاصة الدور الأساسي الذي تقوم عليه القصة حتى أنقذنا الكويتيون بالفنان احمد الصالح ليلعب دور الرجل الثري المسيطر(أبو عبداللطيف). عند النظر في السنوات القليلة الماضية سترى أن كل ممثل سعودي يدخل التمثيل يضطر أن يكون ممثلا كوميديا مهما كان ثقل دمه. صارت المسألة موضة أو شغفا وبنظرة أكثر إنصافا يمكن القول هي الطريق الوحيد المعبد أمام الطامحين في التمثيل. تابع الأعمال التلفزيونية السعودية في رمضاننا هذا. ما شاهدناه من أعمال لا يمكن وصفها بمسلسلات. إذا استثنينا أبو الملايين وهو في الواقع مسلسل كويتي مطعم بوجوه سعودية فكل الأعمال السعودية الصرفة تصنف تحت باب الاسكتشات أو مدرسة طاش ما طاش ( وطاش اسكتشات مطولة). صار من الثابت أن كل ممثل سعودي يتخذ شخصية معينة يقلدها كما كان يفعل الرعيل الأول من الممثلين السعوديين، الهزاع والتمامي وحسن دردير. يتخفى الممثل السعودي وراء شخصية هزلية او كاركاتيرية سائدة في الأوساط الشعبية، تأتي هذه الشخصية غالبا في صورة تقليد لهجات أو شخصيات اجتماعية (رجل مسن أو جنوبي أو قصيمي أو شمالي او سوداني.. الخ) هذا النوع من الأعمال جزء من الموروث الشعبي عند كل الشعوب. في كل شلة يوجد فيها عيارون يجيدون تقليد الشخصيات أو الأصوات او تقليد مطربين أو شخصيات عامة شهيرة أو لهجات جهات أخرىا. يستطيع المرء أن يقلد سودانيا أو قصيميا او حائليا أو لبنانيا او يمانيا الخ. هذا القدرة لا يمكن اعتبارها كوميديا. الكوميديا هي قدرة الفنان على لعب دور تمثيلي لا تقليدا. إذا كنت تتابع مسلسل أبو الملايين ستكون لاحظت أن الفنان عبدالحسين عبدالرضا لم يغير في خلقته ولم يغير في لهجته ولم يغير في ملابسه ولم يعبر بحركات استهبالية أو استخفافية او حتى خفيفة دم. تشاهد نفس الممثل الذي شاهدته في درب الزلق في السبعينات من القرن الماضي. تأمل في عادل امام في مسلسل العراف. سترى أمامك عادل امام الحقيقي بدون إضافات أو حركات إضحاكيه. تقليد الشخصيات والاصوات وغيرها لا يحتاج إلى نص أو قصة. بطبيعته ارتجالي. كما ان كاتب السيناريو لا يعد العنصر الأول في العمل السينمائي أو التلفزيوني. لتعرف أهمية كاتب السيناريو قارن بين أجره وأجر الممثل أو أجره وأجر المخرج في أي بلد. كما قلت في مقال سابق كاتب السيناريو لا يرقى إلى مستوى كاتب مبدع. في أفضل الأحوال يعد من أصحاب المهن الراقية. مشكلتنا ليست في النص بل في الممثلين الذين تركوا التمثيل وأصبحوا مقلدي أصوات أو مقلدي شخصيات؟!