أولت الهيئة العامة للسياحة والآثار الأسواق الشعبية اهتماها منذ انطلاقة أعمالها في مجالات التراث العمراني من خلال برنامج تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية القائمة، وذلك ضمن منظومة من البرامج التي تنفذها الهيئة مع شركائها من الجهات الحكومية وفي مقدمتها وزارة الشئون البلدية والقروية، إضافة إلى المجتمعات المحلية، والتي تشمل أيضا برنامج تأهيل قصور الدولة التاريخية في عهد الملك عبدالعزيز، وبرنامج تنمية القرى والبلدات التراثية، وبرنامج تطوير وإعادة تأهيل مراكز المدن التاريخية. وتسعى الهيئة من خلال هذه المشاريع إلى حماية مواقع التراث العمراني من الإهمال والإزالة وتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج محفز للتنمية الاقتصادية وموفر لفرص العمل. وأوضح الدكتور محسن القرني المدير التنفيذي لمركز التراث العمراني الوطني بالهيئة أنه من خلال المسح الميداني الذي قامت به لحصر المواقع السياحية والثقافية في مناطق المملكة، اكتشفت الهيئة أن معظم تلك الأسواق تواجه الكثير من الصعوبات والمعوقات للحفاظ على طابعها الثقافي والتراثي ومن ثم السياحي، ومع النهضة العمرانية والاقتصادية للمملكة، تعرضت معظم الأسواق الشعبية في الآونة الأخيرة لتغيرات اقتصادية واجتماعية وعمرانية، أدت إلى تدهور نسيجها العمراني، وبدأت تشهد تراجعاً لدورها واختفاء لهويتها الثقافية والعمرانية، وأصبحت تلك الأسواق تواجه العديد من الصعوبات العمرانية والاقتصادية. وأشار إلى أن المسألة تتجاوز إعادة الإعمار للتشغيل والمتابعة وهو ما تقوم به باقتدار أمانات المناطق والبلديات الفرعية في الواقع التي لمست الحاجة لتنظيم مثل هذه الأسواق وتهيئتها ليستفيد منها المواطنون ويستمتع بها الزائرون من المناطق وذلك ما عزز التعاون معها بتقديم الأفكار والتصاميم وأساليب التشغيل لهذه الأسواق. وبالتالي تم العمل على (برنامج تأهيل الأسواق الشعبية) بهدف تطوير وتحسين بيئة السوق، وحل مشاكل التخطيط للأسواق القائمة، وإعداد مخططات تطويرية للأسواق والمناطق المحيطة بها وتحفيز الاستثمار فيها. وأضاف القرني أنه في هذا الإطار تم التنسيق لإعادة تأهيل عدد من الأسواق الشعبية مع وزارة الشؤون البلدية والقروية حيث تم في هذا الشأن تأهيل سوق المسوكف بعنيزة، وسوق الزل مع هيئة تطوير مدينة الرياض، وسوق التمور ببريدة، كما تم الانتهاء من تأهيل وترميم السوق الشعبي بالبلدة التراثية بالغاط ويشرف على تشغيله البلدية والجمعية التعاونية لبلدة الغاط. كما قامت الهيئة بإعداد الدراسات التأهيلية للأسواق للسوق الشعبي بالخوبة في جازان، وسوق الثلاثاء في المخواة، وسوق محايل عسير الشعبي، وسوق الخميس في القطيف، والسوق الشعبي في حائل، وسوق الخميس الشعبي بالقوز بمنطقة مكةالمكرمة، وسوق النعيرية الشعبي في المنطقة الشرقية، وسوق الخميس الشعبي بمدينة ظهران الجنوب بمنطقة عسير، وتم تسليمها للبلديات المعنية لمتابعة تنفيذها. وعملت الهيئة أيضا على إعداد الدراسات التأهيلية للأسواق القديمة بوسط محافظة الطائف وتقوم أمانة الطائف حاليا بتنفيذ المشروع. وأنهت الهيئة إعداد الدراسة التأهيلية لسوق جبة الشعبي ضمن مشروع تأهيل بلدة جبة التراثية، كما تم التنسيق مع بلدية بلجرشي لإعادة تأهيل سوق بلجرشي الشعبي وتطويره. وأكد القرني على أن الهيئة العامة للسياحة والآثار تعمل محفزا وداعما لقيام هذه المشاريع التي تتولاها بتفاعل ملحوظ ومقدر أمانات المناطق وتبذل فيها جهدا ملموسا، ولا شك أننا نتطلع إلى اكتمال قيام هذه الأسواق والمشاريع مع مشاريع التراث العمراني الأخرى ليتحقق الهدف منها بتحويل التراث العمراني من قطاع آيل للسقوط والاندثار إلى مشاريع اقتصادية واستثمارية وثقافية، وتوفر فرص العمل للمواطنين وتحفظ مكونا أساسيا من هويتنا الوطنية.