تتجه الأنظار اليوم إلى مصر لمتابعة ماسينتج عنه الحشد الذي دعت إليه المعارضة في ميدان التحرير من أجل سحب الثقة عن الرئيس محمد مرسي، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. وذلك بعد عام واحد من تولي الدكتور مرسي لسدة الحكم. كأول رئيس مدني للجمهورية. الثلاثون من يونيو لن يكون حكراً على المعارضة فقط بل قام الموالون للرئيس بالاستعداد لحشود مماثلة في ساحة جامع رابعة العدوية وميادين أخرى لا تقل أهمية عمّا يعد له المعسكر المقابل. ويرى الكثيرون بأن هذا التاريخ سيقرر مستقبل مصر وربما يمثل ثورة جديدة كتلك التي أطاحت بالرئيس السابق محمد حسني مبارك . وما بين التحرير ورابعة العدوية مواقف سياسية لم تنجح الجهود في التقريب بينها. أو إيجاد نقطة التقاء يمكن الانطلاق منها للخروج بالبلاد من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الآن. ومما يدعو للقلق هذا الإصرار من الموالين للرئيس مرسي على تصوير الأزمة على أنها بين معسكرين(إسلامي) يتمثل في جماعة الإخوان المسلمين والموالين لهم من التيارات الدينية. و(كافر- علماني) يتمثل في جبهة الإنقاذ والأحزاب المساندة لها. وهذا بلا شك استغلال مقيت للدين ولمشاعر المحبين له في أزمة سياسية بحتة. والدليل أن الإخوان لم يطبقوا أي وعد قطعوه على أنفسهم فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل. أو رفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة. أو حتى بعض مناحي الحياة الثقافية والاجتماعية للمصريين التي لطالما انتقدتها الجماعة فيما سبق. في المقابل لابد أن تثبت جبهة الإنقاذ بأن هدفها اليوم ليس سياسياً بحتاً وأن قادتها لا يسعون من خلال هذه الاعتصامات والمظاهرات إلى قلب النظام أو الاستيلاء على السلطة. لأن ذلك لن يقود الأوضاع إلا إلى المزيد من التأزيم. وفي ظل هذه الأجواء تتعدد السيناريوهات المحتملة لما قد تسفر عنه الأحداث في مصر. منها أن يتنحى الرئيس مرسي ويدعو لانتخابات رئاسية مبكرة. وهذا أمر مستبعد لأن الرئيس لا يملك القرار في ذلك لارتباطه المباشر بجماعته التي ظلت لسنوات من القمع والملاحقة في عهد النظام السابق تحلم بأن يصل أحد قيادييها إلى هذا المنصب. أيضا أن تفشل المعارضة في جمع الحشود الكافية التي يمكن من خلالها إظهار حجم الاستياء من حكم الجماعة. وهنا لابد لها من الانتظار. ثلاث سنوات والمحاولة مرة أخرى من خلال صناديق الاقتراع هذه المرة. هناك سيناريو ثالث يتمثل في وقوع أحداث عنف بين المتظاهرين من كلا الجانبين لا تستطيع معها قوات الأمن ضبط الأمور. مما يستدعي تدخل الجيش بشكل مباشر في الأزمة مما يعيد إلى الأذهان دور العسكر في ثورة 25 يناير والفترة الانتقالية التي جاءت بعدها. كمواطن عربي أتمنى أن ينتهي اليوم بما يحقق الأمن والاستقرار لمصر تحت حكم أي فريق يضمن لها العودة إلى دورها الإقليمي المفقود في ظل تنامي أزمتها الداخلية. فما يجري في سوريا ولبنان ودول الربيع بحاجة إلى دور عربي مشترك وموحد يجعل القرار بيد العرب أنفسهم ويقطع الطريق أمام التدخلات الإقليمية والدولية. ولطالما مثل التنسيق والتعاون السياسي بين مصر والسعودية خصوصاً طوق الأمان والمخرج الحقيقي لدول المنطقة فيما تمر به من قلاقل وأزمات.