أصبح مصير الرئيس الباكستاني السابق الجنرال المتقاعد برويز مشرف مجهولاً بعد محاصرة القضاء الباكستاني له في قضايا متعددة تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام أو السجن المؤبد. وفي آخر تطور في هذا الاتجاه وجهت وكالة التحقيقات الفيدرالية الباكستانية تهماً مباشرة إليه معتبرة إياه بأنه المتهم الرئيسي في قضية اغتيال رئيسة وزراء باكستان السابقة بينظير بوتو، وتضمن التقرير الذي قدمته وكالة التحقيقات إلى محكمة مكافحة الإرهاب في العاصمة الباكستانية إسلام آباد التي تتابع قضية اغتيال بوتو 4 نقاط ضد مشرف تؤكد ارتباطه بتدبير مؤامرة ترتبط باغتيالها في أواخر عام 2007. يأتي ذلك بعد أيام من إعلان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف عن أن حكومته ستقوم بمحاكمة الرئيس الباكستاني السابق الجنرال المتقاعد برويز مشرف في قضية الخيانة العظمى وفقاً للمادة رقم 6 من الدستور الباكستاني الأساسي المعتمد في 1973 والمتعلقة بتهمة تمرده على الدولة بصفته قائداً للجيش الباكستاني عندما قام بتنفيذ الحكم العسكري في باكستان عام 1999، إلى جانب فرضه لحالة الطوارئ بطريقة غير دستورية واحتجازه لقضاة المحكمة العليا الاتحادية عام 2007 في عهد حكومته تمرداً على المؤسسة القضائية الباكستانية والدستور. وقيامه بإجراء تعديلات دستورية عبر البرلمان الوطني خلافاً لبنود الدستور الباكستاني. فيما تؤيد المعارضة الباكستانية قرار حكومة نواز شريف لمحاكمة مشرف. من جانبهم يرى الخبراء السياسيون في باكستان بأن تحريك قضية الخيانة العظمى ضد برويز مشرف تعتبر أقوى خطوة قضائية تتخذها حكومة نواز شريف ضده، وذلك لوجود أدلة قطعية لا يمكن رفضها من أي جهة قضائية في باكستان، ابتداءً من فرضه للحكم العسكري وانتهاءً بإجرائه للتعديلات الدستورية واحتجازه للقضاة الباكستانيين. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه القضية (قضية الخيانة العظمى) قد وصلت إلى مراحلها النهائية في القضاء الباكستاني وقد تم تسجيل بيانات شهود العيان وجمع الأدلة الأخرى بحيث لم يعد هناك أي طريق لتبرئة مشرف من هذه التهمة. ولا تعتبر قضية الخيانة العظمى هي الوحيدة ضمن ملفات جرائم برويز مشرف بل أنه متهم أيضاً بقضايا حساسة أخرى قد تصل عقوباتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد والغرامة المالية مع احتجاز ممتلكاته من قبل السلطة القضائية، ومن أشهرها قيامه باستغلال سلطته العسكرية بشن عملية عسكرية على الزعيم القبلي البلوشي نواب أكبر بكتي في عهد حكومته، والتي أدت إلى اغتياله، والتي يعتبرها القضاء الباكستاني تجاوزاً للقانون، وتطبيق عقوبة الإعدام دون مراجعة القضاء. وقيامه بشن عملية عسكرية على المسجد الأحمر الواقع في العاصمة الباكستانية إسلام آباد عام 2007، متجاوزاً أيضاً للقوانين الباكستانية تحت مسمى محاربة الإرهاب، وقد راح ضحية هذه العملية العشرات من طلاب وطالبات جامعة "أم حفصة" الملحقة بالمسجد الأحمر.إضافة إلى انه متهم بقضايا أساسية وفرعية متعددة من بينها قضية المختطفين في عهد حكومته، وقيامه بشن عمليات عسكرية متفرقة في منطقة القبائل الباكستانية دون مبررات قانونية تستدعي ذلك والتي أدت إلى نشوء حركة طالبان الباكستانية الانتقامية التي بدأت تهدد اليوم أمن باكستان واستقرارها. وحول مستقبل مشرف يرى الخبراء الباكستانيون بأن نوعية القضايا التي تحاصر برويز مشرف في باكستان تشير إلى عدم وجود إمكانيات أو خيارات أمام مشرف للإفلات من قبضة القضاء الباكستاني خصوصاً وأن معظم القضايا التي تدور ضده تنتهي عقوبتها بالإعدام أو السجن المؤبد.