ذكر شهود عيان أنه بعد ثلاث ساعات من انطلاق عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية الايرانية، بدا أن نسبة الاقبال تتجاوز التوقعات في طهران. وشوهدت طوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع، لاسيما في الاحياء الجنوبية والشرقية من العاصمة. وكان المراقبون يتوقعون ضعف نسبة الاقبال في الانتخابات في أعقاب ما تردد بشأن حدوث تزوير، وأيضا بسبب القمع العنيف لاحتجاجات ما بعد التصويت في انتخابات عام 2009 يحق التصويت لأكثر من 50 مليون شخص، لاختيار خليفة للرئيس محمود أحمدي نجاد. الناخبون في قم ينتظرون الإدلاء بأصواتهم (رويترز) وينظر لأربعة من بين ستة مرشحين في الانتخابات على أنهم أصحاب فرصة حقيقية في تحقيق الفوز في انتخابات اليوم، وهم: علي أكبر ولاياتي ومحمد باقر قاليباف وحسن روحاني وسعيد جليلي. ومن المقرر أن تعلن وزارة الداخلية النتائج صباح اليوم السبت، وفي حال عدم حصول أي منهم على نسبة الأغلبية المطلقة ستجرى جولة انتخابية ثانية في غضون أسبوع. المرشح الإصلاحي روحاني يلوح ببطاقته الانتخابية عند الاقتراع (أ.ف.ب) وكانت مراكز الاقتراع فتحت ابوابها في الساعة الثامنة صباحا بتوقيت طهران على ان تبقى مفتوحة لعشر ساعات مع امكانية تمديد المهلة حتى منتصف الليل في حال كان الاقبال على التصويت كبيرا. وكانت مشاهد عرضها التلفزيون قد أظهرت أن المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية من أوائل الذين ادلوا باصواتهم بعيد فتح مراكز الاقتراع وهو دعا شعب بلاده للمشاركة الكثيفة بدون ان يبدي دعمه علنا لأي من المرشحين. المرشد الأعلى للثورة يلوح لمستقبليه في مركز انتخابي (أ.ف.ب) وقال خامنئي بعدما ادلى بصوته "ليشارك الشعب لان الامر يتعلق بمستقبل البلاد" مضيفا "انصح الجميع بالتصويت وبالتصويت منذ ساعات النهار الاولى". واوضح خامنئي ان "ازدهار البلاد وسعادتها يتوقفان على اختياركم الشخص الصالح ومشاركتكم في الانتخابات" مؤكدا ان "الاعداء يحاولون ردع الناخبين عن التصويت واحباط عزيمتهم". وقللت الولاياتالمتحدة من اهمية هذه الانتخابات معتبرة ان امام الناخبين "خيارا محدودا" بين ستة مرشحين ما زالوا في السباق، جميعهم صادق على ترشيحاتهم مجلس صيانة الدستور الذي يهيمن عليه المحافظون المتشددون. وفي رده على تقليل الولاياتالمتحدة من أهمية الانتخابات نظراً لمحدودية خيارات الناخبين قال "اذهبوا الى الجحيم ان لم تقبلوا بالانتخابات، الشعب الايراني لا ينتظر معرفة ما تقبلون به وما لا تقبلون به". وكان رفسنجاني دعا الثلاثاء الى التصويت لحسن روحاني (64 عاما)، رجل الدين المعتدل الذي يتنافس بشكل اساسي مع ثلاثة مرشحين محافظين هم وزير الخارجية السابق علي اكبر ولايتي ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف وكبير المفاوضين في الملف النووي سعيد جليلي. ودعا روحاني الذي اقترع في جنوبطهران الى تعبئة الناخبين. وقال "لا تفكروا انكم ان امتنعتم عن الانتخاب فستحلون اي مشكلة. انه مستقبل الامة. من بين المرشحين، اختاروا من يستطيع على الاقل تلبية الحد الادنى من مطالب الشعب". من جهته، طلب قاليباف من جميع المرشحين "احترام اصوات الناخبين" مؤكدا انه يريد "اجراء تغييرات مهمة" في حال انتخابه. اما اكبر ولايتي فطلب "من جميع الايرانيين التصويت لان اصواتهم تجديد لدعمهم للجمهورية الاسلامية". وتوقع محمد رضا عارف الذي انسحب لمصلحة روحاني "مشاركة بنسبة 70%" بعد الادلاء بصوته في مسجد ارشاد الذي يعتبر مركزا للاصلاحيين في وسط العاصمة. وقال "اعتقد انه سيتم تنظيم دورة ثانية" بحسب وكالة الانباء مهر. اما رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام اية الله احمد جنتي الذي يشرف على الانتخابات، فقال ان الناخبين عند التصويت "يقحمون اصبعا في عيون الاعداء" مؤكدا انه "يراقب انتظام الاستحقاق" بحسب وسائل الاعلام. من جانبه، اكد جليلي ضرورة "احترام الرئيس الذي سيختاره الشعب ومساعدته في مهمته"، كما ذكرت وكالة الانباء الطلابية. وقالت ناشطة مؤيدة لروحاني وهي توزع مناشير للمرشح في احدى ساحات طهران في اليوم الاخير من الحملة "المقاطعة لا تجدي نفعا". ويراهن الاصلاحيون والمعتدلون على تعبئة المقاطعين الذين تظاهروا ضد اعادة انتخاب احمدي نجاد عام 2009 وسط اتهامات بحصول عمليات تزوير مكثفة. وتعرضت عندها حركة الاحتجاجات التي عمت البلاد لقمع شديد ووضع على الاثر المرشحان الاصلاحيان اللذان لم يحالفهما الحظ مير حسين موسوي ومهدي كروبي في الاقامة الجبرية منذ 2011. وهيمنت على الحملة الانتخابية ازمة الملف النووي مع القوى الكبرى والعقوبات الدولية التي اغرقت البلاد في ازمة اقتصادية مع تخطي التضخم نسبة 30% وفقدان العملة الإيرانية حوالى 70% من قيمتها وتزايد البطالة. ويتهم الغربيون واسرائيل ايران بالسعي لحيازة السلاح الذري تحت ستار برنامج نووي مدني، الامر الذي تنفيه طهران. وازدادت حدة التوتر مع الغرب بسبب دعم ايران لنظام دمشق. وبرزت هوة بين المرشحين حول الموقف الواجب انتهاجه مع الغرب. ويدعو روحاني رئيس المفاوضين السابق في الملف النووي الايراني في عهد الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي الى تبني سياسة من الليونة في المفاوضات مع الدول الكبرى سعيا لخفض حدة العقوبات. وفي المعسكر المقابل حيث رفض المرشحون الالتفاف حول اسم واحد، يدعو ولايتي الى "التسوية والوفاق" في السياسة الخارجية بما في ذلك في الحوار مع الدول الكبرى، فيما يؤيد جليلي الممثل المباشر للمرشد الاعلى النهج المتشدد داعيا الى "اقتصاد مقاومة" ويرفض تقديم اي "تنازلات" للدول الكبرى. اما قاليباف الذي يتصدر استطلاعات الراي النادرة التي نشرت نتائجها، فيعرب عن ولاء مطلق لخامنئي متهما روحاني بانه يريد تقديم تنازلات للغرب. وكانت ايران وافقت عام 2003 في وقت كان روحاني يقود المفاوضات حول الملف النووي، على تعليق برنامج تخصيب اليورانيوم، وقد اعيد اطلاقه بعد انتخاب احمدي نجاد عام 2005. ونجحت الشبكات الاجتماعية المشلولة منذ ان ساهمت في التعبئة ضد اعادة انتخاب احمدي نجاد، في معاودة العمل لدعوة الممتنعين عن التصويت الى المشاركة. ويؤكد علي على صفحته على موقع فيسبوك انه سيصوت "من اجل روحاني، ولو انني لا اعرفه .. سأصوت لان اجماع الذين يريدون انقاذ ايران يصب في صالح روحاني". واعتمد عدد من رواد الانترنت اللون الليلكي وهو اللون الذي اختاره روحاني، ويتخذون شعارا لهم مفتاحا كالذي كان المرشح يرفعه في مهرجاناته الانتخابية والذي من المفترض ان يفتح ابواب الحل لايران.