خرجت علينا صحف يوم الأربعاء الماضي وخاصة في جريدة الحياة (22/5/2013) بخبر الاجتماع الدوري لمديري إدارات مرور دول مجلس التعاون الخليجي التي أعلن فيها رئيس الوفد الكويتي العميد صالح الناجم:» أن النظام المروري بالكويت لا يمنح رخصة قيادة للمرأة السعودية إلا بموافقة ولي أمرها»، وأنه «في حال وصول المرأة السعودية إلى الكويت بهدف الحصول على رخصة قيادة السيارة، فيجب موافقة ولي أمرها سواء كانت المرأة السعودية قاصرة أو بالغة أو متزوجة». لا شك أن هذا خبر صادم ومهين على أكثر من مستوى ويثير كل علامات التعجب إن كانت هناك أكثر من علامة. فأولاً كيف يُترجم التعاون الخليجي لمجلس التعاون على أنه تعاون على نساء المجلس؟ وكيف يعتبر الوفد السعودي أن ما قام به رئيس الوفد الكويتي تعاون وليس تدخلاً في السياسة الداخلية للمملكة؟ وكيف يتقدم رئيس الوفد الكويتي العميد صالح الناجم بخرق القانون الكويتي بمنع رخصة قيادة لامرأة تجتاز الاشتراطات القانونية من اختبار شفهي وتحريري إلى التدخل في جنسيتها وهويتها. بل إن العميد الناجم يعلن بأن إدارته ستمارس تمييزاً ضد المرأة السعودية مخالفاً فيه بذلك الدستور الكويتي وكل الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها الكويت والتي تساوي بين المرأة والرجل أمام القانون. أقول، ألا يكفي المرأة السعودية وصاية الجميع عليها، الدولة والمجتمع والرجل السعودي حتى يضاف إلى القائمة الرجل الكويتي والدولة الكويتية؟ أتساءل ما إذا كانت قرارات من هذا القبيل تدخل في إطار صلاحيات مدير عام مرور في الكويت أن يعتمدها ويتبرع بممارستها دون موافقة مجلس الأمة عليها؟ كلنا، أو على الأقل أنا، طالما أيدت المراحل المتطورة من التعاون والتكامل القائم بين دول مجلس التعاون الخليجي لاسيما الاتفاقية الاقتصادية التي تُعنى بتعميم «معاملة مواطني مجلس التعاون معاملة مواطنيها أينما كانوا وكنّ» أي المساواة بينهم وبين مواطنيهم في قوانينهم الداخلية. بل وكنت ممن أشاد بقرار الاتجاه نحو الوحدة، فطموح المواطنات والمواطنين إلى تحقيق هذه التجارب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكي نحيا حياة أكثر طبيعية وإنسانية عالٍ، حيث نسعى لأن تتقدم فيها مصلحة المواطنة والمواطن على المصالح الخاصة أو النظرات الاجتماعية الخاصة التي تريد أن تعمم من خصوصيتها التمييزية على بقية المجتمع ولا تكتفي وإذ بنا نجد دول المجلس تنقلب على النساء وتتآمر عليهن. إن موقف إدارة المرور اليوم يضرب بعرض الحائط كل ما تم إنجازه على مستوى الحقوق والعدالة والمساواة في دول المجلس ولاسيما في الكويت والسعودية، لتدخل في حالة من المجاملات التي تبدو وكأنها محاولة «مسح جوخ» لا أدري مقابل ماذا؟ ولكن ما نراه جلياً هي مجاملات تدور ما بين بعض «ذكور» المجلس في غياب المرأة الكويتية التي لا ولن ترضى بأن تعامل المرأة السعودية بهذه الطريقة التمييزية المهينة وكأنها تستجدي رخصة قيادة من دول العالم لتعترف بأهليتها الغائبة في وطنها ولتمارس حقاً إنسانياً طبيعياً تمارسه كل نساء العالم بينما تُحرم منه المرأة السعودية التي يعتبرها المشرع الرجل إما أنها أعلى قيمة من كل نساء الأرض أو أكثرهن إمكانية على الانحراف فيما لو تملكن قياد أنفسهن. نقطة أخيرة، هذا الاتفاق «الجنتلماني» ليس ملزماً للسعودية بشيء فلم يخرج أي مرسوم ملكي أو قرار وزاري يطلب فيه خادم الحرمين الشريفين من مديري المرور أن يعمموا تعاميم المملكة على قوانينهم الداخلية، أي أن هذا القرار يدخل في عداد الاجتهادات الشخصية والفردية غير القانونية وغير المقبولة.