دشنت جامعة اليمامة كرسي "غازي القصيبي" للدراسات الثقافية. غازي القصيبي يستحق، فهو الجامع بين روح الشباب وأصالة الكبار، عاصر الملوك ودار الأرض مع الدبلوماسيين وصناع القرار، بقدر ما كان غارقاً في الرومانسية كان يحضر مجالس للدفاع عن السعودية ولمجابهة العدوان كما في حرب تحرير الكويت التي كان هو جزءاً منها على المستويين الاستشاري الإداري والحكومي ومستوى الشاعر والأديب. هو قامة فارعة في الأدب والفكر والرواية. كتَب عن الملفات المغلقة من العولمة إلى الهوية، رسم إِشكالية العرب في لوحة كاريكاتورية ضمن روايته الرائعة "العصفورية". إنه اسم غازي القصيبي وكفى. لا تزال رواياته تباع طولاً وعرضاً وفجيعة رحيله لا تزال صادمةً لأحبابه ولمن عرفه. مبادرة اليمامة في تأسيس كرسي غازي القصيبي للدراسات الثقافية إنما تعبر عن أصالة اسم غازي وعن الذكاء الأكاديمي لهذه الكلية التي تصارع في المجتمع من أجل دراسات تنويرية وتوثيقية وذكية. ومن أجل قراراتٍ تنويرية. غازي القصيبي لم يتخلّ عن أصالته لكن لم يرفض كل الحداثة، صنع معادلةً لا تزال قائمةً أمامنا يمكننا أن نستفيد منها إنها معادلة الجمع بين جذور الهوية والتقبل لما يفيدنا من رياح الحداثة والعصر. لم يكن منفصلاً بشكلٍ جذري عن أسس مجتمعه أو دينه. بل كان مطلعاً في الدين والسيرة والأحكام والفقه، وله كتابه الشهير:"ثورة في السنة النبوية". رأى القصيبي أن الرواية لا يمكنها أن تزدهر إلا بمجتمعٍ منفتح، يقول غازي:" قال أستاذنا الرائد الكبير، أحمد سباعي - رحمه الله - ذات يوم إن الرواية لا يمكن أن تزدهر في مجتمع محافظ، وقد كان على حق. مجتمعنا الآن خطا خطوات واسعة نحو التسامح الفكري والثقافي منذ تلك الأيام. وحرية الكتابة أصبحت الآن متاحة لكل أحد، بعد أن تعددت (منابر) من لا (منابر لهم) ومواقع من لا صحافة لهم، وبعد أن أجهز الفضاء الإلكتروني على الرقيب بالضربة القاضية. هذه الحرية غيرت كثيراً من المفاهيم. لم يعد في الإمكان تعليب العقول ووضعها داخل خزانة حديدية لحمايتها من الانحراف الفكري". بآخر السطر، شكراً لليمامة، التي أنصفت هذه القامة، غازي القصيبي "ذو الوزارات" والذي استطاع أن ينتقد مجتمعه بحب، وأن يقول رأيه الوطني بولاءٍ للدولة ولقادتها، بالفعل غازي رجل المعادلات الصعبة، والإنجازات الفخمة..