السعودية تتسلّم رئاسة الشبكة العالمية لسلطات إنفاذ قانون مكافحة الفساد    «أرسين فينغر» يطلع على استراتيجية المنتخبات والإدارة الفنية    الكناني يدشّن مهرجان «نواتج التعلم» في متوسطة الأمير فيصل بن فهد بجدة    صراع العقول.. يشعل كلاسيكو «التفاصيل الصغيرة»    المملكة تتصدر وتحقق قفزات عالمية في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية    أمير القصيم يكرم 27 يتيمًا حافظًا للقرآن    المملكة 11 عالميًا والأولى إقليميًا في المؤشر العالمي لسلامة الذكاء الاصطناعي    الذهب يواصل ارتفاعاته القياسية مع استمرار مخاوف زيادة الرسوم الجمركية    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يترأس وفد المملكة في الافتتاح.. «قمة باريس» تناقش الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية    "ليب 2025" في يومه الثالث... نقاشات موسعة حول الابتكار والاستدامة الرقمية    محمد بن ناصر يطلع على أداء الخطوط السعودية    «كاوست» تقدم قصص النجاح الملهمة للسعوديات    غزة.. تصعيد ومهل متبادلة تهدد استمرار الهدنة    توجيه رئاسي للحكومة اللبنانية الجديدة بالشفافية وتنفيذ الإصلاحات    المملكة تواصل جهودها الإنسانية عالميًا عبر «الملك سلمان للإغاثة»    الدول العربية تبلغ واشنطن رفض خطة ترمب لغزة    مصر: سنقدم تصورا متكاملا لإعادة إعمار غزة مع ضمان بقاء الفلسطينيين    بعد البشر والحجر.. الاحتلال يستهدف «المكتبات الفلسطينية»    الصيد.. تجربة متكاملة    مملكة الأمن والأمان    القيادة تهنئ الرئيس الإيراني بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يرعى الحفل الختامي لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل    «ريمونتادا» مثيرة تقود ريال مدريد لكسر عقدة مانشستر سيتي بفوز تاريخي    شعرت بالاستياء لرحيل نيمار.. جيسوس: إمكانات" صلاح" تناسب الهلال.. ورونالدو فخر للبرتغاليين    "بونهور" مديراً فنياً لاتحاد كرة القاعدة والكرة الناعمة    سلمان بن سلطان: القيادة تولي اهتمامًا بتنمية المحافظات    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد يؤكد : رفض قاطع لتصريحات إسرائيل المتطرفة بتهجير الفلسطينيين    مناقشة سبل مكافحة الأطفال المتسولين    إزالة «العقارات العشوائية» بمكة ينشط أسواق المستعمل والسكراب    قرد يقطع الكهرباء عن بلد بالكامل    من أعلام جازان.. المهندس يحيى جابر محسن غزواني    انطلاق فعاليات الاحتفاء بيوم التأسيس بتعليم جازان تحت شعار "يوم بدينا"    "التعزيز والإبداع في القصة القصيرة" و"ليلة العباس والمطمي" ضمن فعاليات معرض جازان للكتاب ٢٠٢٥م    فنانة مصرية تتعرض لحادث سير مروع في تايلاند    توثيق تطور الصناعة السعودية    الساعاتي..عاشق الكتب والمكتبات    رأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة.. أمير المدينة: رفع مستوى الجاهزية لراحة المصلين في المسجد النبوي    أمير منطقة المدينة المنورة يرأس اجتماع لجنة الحج والزيارة بالمنطقة    أمريكية تفقد بصرها بسبب «تيك توك»    «حملة أمل» السعودية تعيد السمع ل 500 طفل سوري    بعض نقاط التمييز بين اضطرابات الشخصية    «المحتوى الشبكي».. من التفاعلية إلى الاستقطاب!    ما بعد الإنسانية    تعال.. فقد عشنا من الأزل    أول رحالة يعبر الأطلسي بقارب تجديف    صندوق الاستثمارات العامة شريكاً رسمياً لبطولة السعودية الدولية للسيدات للجولف    في الطيران.. الكلمات حياة    بصراحة مع وزير التعليم !    سفراء الإعلام جسر بين الأكاديميا وسوق العمل    أوغندا تسجل إصابات بإيبولا    الاستحمام البارد يساعد على النوم    القشطة والفطائر على وجبات الإفطار بالمسجد النبوي    توجّه لعقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي    القيادة تعزّي رئيس ناميبيا في وفاة مؤسس الجمهورية    زار" خيبر" واستقبل المواطنين.. أمير المدينة: القيادة مهتمة بتنمية المحافظات والارتقاء بمستوى الخدمات    رئيس الوزراء الصومالي يزور حي حراء الثقافي بمكة    الإنسان قوام التنمية    "مفوض الإفتاء بعسير": يستقبل آل جابر المُعين حديثًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصمة الرشيد تتحول إلى مدينة أشباح ومرتع لسيطرة الميليشيات
10 أعوام من المآسي والألم وفقدان الأمن والأمان منذ إعلان الحرب
نشر في الرياض يوم 09 - 04 - 2013

يصادف اليوم الذكرى العاشرة للحرب على عاصمة الرشيد، بغداد التي أطلق عليها أبو جعفر المنصور اسم "دار السلام"، لما كانت عليه من منارة للعلم والمعرفة والأمن والسلام، ولكن بعد الحرب على العراق في 9 أبريل عام 2003م وبلاد الرافدين تسبح على بحيرة من الدماء، حيث أشعلت الحرب فتيل الطائفية والفتنة والمذهبية والعرقية، في بلد كان ينظر إليه أنه أحد الدول العربية القوية بالمنطقة، من حيث عدد السكان وتكوين الجيش وعدد العلماء، ولكن بعد الحرب تفجرت أزمات التناحر والاقتتال والتنازع، وقتل من قتل وسجن من سجن وشرد من شرد، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة على السلطة أن تنجح بتسوية الخلافات مع الجميع، بل أوجدت محاصصات طائفية وتشنج وطوفان وفوضى وبلبلة باسم "الديمقراطية" الجديدة المستوردة من الخارج والتي خدمت أعداء العرب والمسلمين، فظهرت أصوات نشاز ورياح صفراء لا تنسجم مع قيم وعادات وتقاليد بلداننا والعربية، أصوات تنطق بالعربية، لكن ولاءها للخارج، ترتدي اللباس العربي لكنها تحمل في عمائمها ثعابين سامة تريد أن تنتقم من الجميع.
"الرياض" تحدثت مع عدد من العلماء والخبراء والمحللين والمهتمين بالشأن العراقي، عرب وخليجيين وعراقيين، أجمعوا على أن الحرب على العراق كانت خطيئة تاريخية، وفي هذا الصدد قال الشيخ الدكتور حارث سليمان الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق، في الذكرى العاشرة للاحتلال العراق إن ما حلّ بالعراق من الظلم والمصائب والويلات؛ لم يحل بغيره من دول العالم في هذا القرن، الذي يُزْعم أنه قرن الحضارة والثقافة وحقوق الإنسان.
واستعرض فضيلة الشيخ الضاري واقع العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية والعرقية، مبينًا أنها وزعت الحكم على فئات الشعب العراقي طائفياً وعرقياً، ووضعت لها دستوراً ممالئاً لبعض الفئات على حساب الفئات الأخرى، علاوة على ما تضمنه من فقرات ملغمة ستؤدي في النهاية لتقسيم العراق، والقضاء على لحمة أبنائه.
وأكد أن من تولى زمام الحكم في العراق خلال السنوات العشر الماضية لا ينتمون إلى العراق أصلاً أو ولاءً، ولا تهمهم إلا مصالحهم، ومصالح أسيادهم، وأحزابهم، لافتا إلى أن ذلك حصل من خلال لعبة الانتخابات الزائفة والضغوط، والوعود الكاذبة بالتغيير والإصلاح.
وتحدث عن هذا الموضوع الدكتور محمد الدوري ممثل العراق السابق في هيئة الأمم المتحدة أثناء قرار غزو العراق عام 2003 وقال ل"الرياض": يحق لي أن احلم مع كل الشعب العراقي بدولة آمنة يسود فيها السلام بعد عقد من التدخل الأجنبي والتشرذم الطائفي والاغتيالات وغياب الأمن وبعد أن تعرت كل القيادات التي رافقت المحتل في جريمته وتدميره والتي تسلمت السلطة منه بعد انسحابه عسكريا والتي ساهمت في تكريس طائفية مقيتة راح ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين على اختلاف مللهم ونحلهم. كم كان بودي أن أتحدث عن أمل يعيد للعراقيين على امتداد وطنهم الذي يعيش في ظلمة حالكة، ليس بسبب غياب الكهرباء، ولكن بسبب غياب الحياة الآمنة المستقرة وفي العودة إلى حياة طبيعية في دولة موحدة ومجتمع موحد وحيث لا مكان لوجود أجنبي محتل أيا كان لونه خاصة بعد أن تكشفت حقيقة أسباب ودوافع المؤامرة الكبرى التي دمرت العراق.
وقال الدوري ل"الرياض": لا يحتاج المرء إلى كثير من العناء للتعرف على حجم المأساة في العراق اليوم فالصور والأرقام بالرغم من كل التعتيم الإعلامي تتحدث عن نفسها رائحة المأساة باتت تزكم الأنوف ولجان حقوق الإنسان على امتداد العالم لم يعد بإمكانها السكوت على الجريمة المستمرة منذ ربع قرن تقريبا وخاصة بعد أن انفضح جزء من المستور فكيف إذا ما بان جبل الجليد كله آنذاك سوف تكون الفضيحة التي لم يعرف مثل هولها العالم على مر العصور وسيذكرها التاريخ كواحدة من أبشع حالات الظلم الإنساني في عالمنا الذي شهد لأول مرة جريمة اغتيال دولة وتشريد الملايين من شعبها مع سبق الإصرار.
علماء ومفكرون وخبراء ل «الرياض»: الطائفية عاثت في أرجاء العراق وأصبح ميداناً للمليشيات المتطرفة وخاضعاً للنفوذ الإيراني
وشاركنا في هذا الموضوع مدار البحث الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث وقال ل"الرياض": عشر سنوات مرت على الغزو الأمريكي للعراق والحرب التي انتهت باحتلال بلد عربي كبير اتسمت بعدة صفات غريبة، ووجه الغرابة أنها بدأت بكذبة وانتهت بمأساة، وهذه الكذبة بررت غزو واحتلال دولة مستقلة، وكانت ادعاءات امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل تمثل هذه الكذبة الكبيرة التي صنعتها وصدقتها إدارة الرئيس الأمريكي بوش الابن، وكان مسلسل الإعداد لهذه الحرب بدأ "برغبة" من القيادات الأمريكية اليمنية المتطرفة لتعزيز مواقفها الأيديولوجية وخدمة مصالحها الإستراتيجية في أمريكا وعلى المستويين الإقليمي والدولي، ولم يكن من السهل تحويل هذه "الرغبة" إلى حقيقة دون إيجاد مبررات تسمح بارتكاب جريمة عدوان يرفضها القانون الدولي، ومن هنا بدأ البحث عن مبررات يمكن استخدامها لارتكاب هذه الجريمة كغطاء للقرار الذي تم اتخاذه على أعلى مستويات القيادة الأمريكية بوجوب غزو العراق، ومن ثم تحولت "الرغبة" إلى "قرار" غير قابل للنقض.
وأضاف جاءت الفكرة في البداية عبر إمكانية اتهام العراق بالتآمر مع تنظيم القاعدة في تدبير اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001م، ورغم الجهود التي بذلتها الإدارة الأمريكية لصياغة هذه الكذبة إلا أنه لم يتمكن دعاة الحرب من قيادات اليمين الأمريكي المتطرف الحصول على أي دليل، صغر أم كبر، يمكن توظيفه لاتهام العراق بالتورط في هذه الاعتداءات الذي كان المبرر الأساسي لقرار الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001م، حيث أكدت الأدلة ثبوت قطيعة تامة وعداء مستحكم بين النظام العراقي السابق وقيادة تنظيم القاعدة، لذلك تم التخلي عن استخدام "كذبة التآمر مع القاعدة" لكونها لا تتضمن أي مصداقية.
وقال ابن صقر: توجهت عصابة اليمين الأمريكي المتطرف إلى استخدام تهمة "انتهاك حقوق الإنسان" كمبرر لشن عدوانها على العراق، ولكن جاء من يقول إن أكبر انتهاك موثق لحقوق الإنسان في العصر الحديث هو ممارسات السلطات الأمريكية في سجون غوانتنامو وغيرها من السجون الأمريكية السرية والعلنية، وإن محاولة تحويل هذا الاتهام إلى مبرر لشن الحرب على العراق قد ترتد آثارها سلبية على الإدارة الأمريكية، وتسلط الضوء على الممارسات الأمريكية غير القانونية وغير الأخلاقية في مجال حقوق الإنسان.
هنا ظهرت الفكرة الوحيدة المتبقية، وهي إحياء الادعاءات القديمة حول كون العراق لازال يمتلك ويطور أسلحة الدمار الشامل، وهي حجة يمكن تسويقها دون الحاجة لتقديم أدلة، لكون الطرف الآخر أي الحكومة العراقية لا تمتلك مصداقية أو قدرة على الإقناع لرد أو تفنيد هذه الادعاءات، لذلك بدأت الجهود تبذل في "مصانع الكذب الغربية" لتطوير وتسويق هذه الكذبة كمبرر أساسي لغزو واحتلال العراق، وفي هذا المضمار تمت الاستعانة بدعم فئات محددة من فصائل المعارضة العراقية في الخارج، ممن كانت مستعدة لبيع ضميرها ووطنها من أجل الكسب والمنافع الشخصية، وساهمت هذه الفئة بشكل فعال في ترويج آلية الكذب التي مهدت لجريمة احتلال البلاد وتدميرها.
بعد مرور عشر سنوات على احتلال العراق يمكن تقييم التجربة التي مرت بها هذه الدولة العربية بشكل منطقي بعيدا عن الاعتبارات العاطفية، فنجد أن المحتل الأمريكي قام بتفتيت وتفكيك كيان الدولة بشكل كامل، وحل مؤسساتها الأساسية، ولم يتمكن أو لم يرغب في إعادة تشكيلها بشكل صحيح أو فعال، وبعد رحيله عهد بالمهمة إلى مجموعة من الطائفيين والمنتفعين تاركا لهم الإرث الثقيل لإعادة بناء دولة وهم لا يرغبون في بنائها أصلا، وتقف مصالحهم الشخصية والطائفية وارتباطاتهم الخارجية ضد فكرة بناء دولة عصرية قوية، وكانت أخطر جريمة شارك بها المحتل وسار على طريقها عملائه هي مهمة قتل الشعور الوطني العراقي، وقتل الحس القومي العربي بأسلوب ممنهج، واستبداله بتعزيز الانتماءات الطائفية وإبراز الهوية الطائفية والعرقية بكونها القوة الأساسية في الدولة والمجتمع.
واختتم الدكتور عبدالعزيز بن صقر قوله: لم يقتصر الأمر على تبني الخط الطائفي، بل تجاوزه إلى إنشاء وترسيخ أسس التبعية للسياسة الإيرانية وخدمة مصالح طهران على حساب المصالح الوطنية العراقية، والمصالح العربية العليا، مما أثر بشكل سلبي على علاقات العراق مع محيطه العربي، وعزل الدولة عن تاريخها الطويل المشرف.
وتوجهت "الرياض" بالسؤال نفسه إلى الأستاذ الدكتور عبدالرزاق الدليمي وقال: لابد للعالم أن يقف وقفة متأنية ليراجع فيها نتائج ذلك الزلزال وما أسفر عنه وما ترتب عليه من أوضاع على الأطراف المعنية فيها ومنها تلك التي جاء بها المحتلون للتحكم في مقدراته من جهة وما انعكس على الولايات المتحدة ومن تحالف معها وآثار تلك الحرب العسكرية والاقتصادية والسياسية والنفسية التي لحقت بالدولة العظمى من خلال احتلالها لبلد كبير بحجم العراق على مدى عشر سنوات.
إن الحرب المدمرة في العراق بعد عشر سنوات وما خلفته من خراب ودمار من شأنها أن تدعو أكثر من أي وقت مضى إلى تأمل المشهد العراقي وتداعياته عسى أن يكون في هذه الذكرى ما يمكن أن يعيد الوعي الغائب ويحي الضمائر المخدرة ويخلص العقول المجمدة من عقدها وحقدها ويدعوهم إلى العمل على استعادة العراق العربي الحر المستقر بعد أن عاثت فيه الطائفية، وأصبح مرتعا وملاذا للمليشيات المتطرفة وأخواتها وأصبح خاضعا للنفوذ الإيراني.. فهل هذا ما أرادته الولايات المتحدة من احتلالها للعراق؟
وقال الدليمي: إن الحرية والديمقراطية الأمريكيتين، لا تأتيان عادة من جعجعة السلاح وقتل البشر وتدمير البلدان وانتهاك الحرمات وسلب الإرادة ونهب الثروات ولا يمكن أن تصنعا استقرارا، فالتورط في مستنقع العراق تحت شعار محاربة الإرهاب لم يكن في واقع الحال سوى محاولة لإعادة تشكيل هذه المنطقة لحساب الأحلام الصهيونية التي صاغها المحافظون الجدد كهدف حقيقي، فبعد مرور عشر سنوات على هذه الجريمة النكراء، التي تظهر تداعياتها في كل مرافق العراق ستستمر لعقود طويلة.
من جانبه استذكر الأستاذ الدكتور العالم النووي د. نعمان النعيمي التاريخ والأحلاف والسنين العشر العجاف، وما تعرض له العراق عبر التاريخ من محطات واحتلالات وتخريب، لكنه كان دائما في كل مرة قادراً على النهوض من جديد ومتابعة مسيرة حضارته وقوته وعنفوانه. وتابع: أتمنى أن يعود العراق إلى أهله بعد أن ارتمى في أحضان دولة عنصرية.
وبدوره، قال الدكتور عبدالستار محمد علي، خبير اقتصادي سابق: جاءت أمريكا إلى العراق بمخطط عنصري متحرك يشمل العالمين العربي والإسلامي، فكان العراق المحطة الأولى لأسباب محلية ودولية، ولأن شعب العراق ينتخي ويثور لنصرة الأمة العربية، ولتخلق منه نموذجاً للإجرام العنصري، حيث القتل الجماعي والتمثيل بالجثث من خلال قواتها العسكرية وشركاتها الأمنية، فدمرت البنية التحتية وسرقتها ونقلتها للخارج، وكذلك المؤسسات العسكرية والأمنية والآثار ولم يتبق سوى قطاع النفط ليكون الممول لمشروعها الإجرامي، وقامت بإتلاف مقاييس التحكم بالكميات المصدرة لتسهيل عملية السرقة، ونفذت تهديداتها عام 1990 على لسان وزير خارجيتها جيمس بيكر الموجهة إلى وزير خارجية العراق، بأن أمريكا ستعيد العراق إلى القرون الوسطى. وتابع: ما يجري في العراق هدفه تدمير العراق وتقسيمه إلى كيانات مفخخة تنفجر على نفسها وعلى الجيران، انتقاما من هذا الشعب البطل صاحب التاريخ والحضارة والثقافة والعلم، لتهيئة المناخ المناسب للسيطرة على الثروات من خلال انشغالهم بالحروب الداخلية، وهدفهم إفراغ العراق من أهله لخدمة أمريكا وإسرائيل وإيران. وأكد أن العراق لم يشهد أي حرب طائفية.
ومن جانبه، أكد الدكتور عماد الدين الجبوري، أن معطيات ونتائج السنوات العشر الماضية من الغزو الأمريكي للعراق، صارت واضحة وجلية لا نحتاج لسردها هنا. لكنها تبقى تتطلب سبر غورها للكشف عن خفايا وحقائق ما تزال مجهولة لنا وللكثير. إذ إن عدم اكتراث جورج بوش لاستحصال الموافقة الأممية، وضربه القوانين الدولية والأعراف الأخلاقية، ليشن عدوانه الفتاك في 2003. تستوجب التمعن في السبب أو الأسباب المتوارية خلف كذبة خطر أسلحة الدمار الشامل التي استغلها زمرة المحافظين الجُدد أسوأ استغلال، حيث دفع ثمنها البلدين العراقي خصوصاً والأمريكي عموماً، وحصد ثمارها الجانبان الإيراني والإسرائيلي. عندما اعترف بوش علناً في 2009 بأنه أخطأ استعمال عبارة "المهمة أنجزت" التي قالها من على حاملة الطائرات لنكولن في 1-5-2003. فقد كان دليلاً ساطعاً على وجود مقاومة وطنية مسلحة كسرت شوكت الجيش الأمريكي وألحقت فيه هزيمة ميدانية تكللت بالانسحاب الرسمي قبيل 31-12-2011. أما في الذكرى العاشرة لاحتلال العراق، فعندما نسمع أن بوش يمارس الآن هواية الرسم لدفع الضجر والسأم عن نفسه. فإنه اعتراف نفسي آخر على خطأ الغزو الذي أربكه سياسياً وسيلاحقه تاريخياً. وتابع: أن الانسحاب العسكري الرسمي الأمريكي نتج عنه احتلالاً إيرانياً عبر تسليم السلطة بيد الكتلة المصنوعة والمدعومة من قِبل الطغمة الصفوية الحاكمة في طهران. إذ إن قدوم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى بغداد في 3-3-2008، كان إيذاناً علنياً لقبضة الصفويين الجُدد على ربوع العراق. وكذلك زيارة رئيس مجلس مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني التي قام بها إلى بغداد في 2-3-2009. حيث أدعى أن أهداف زيارته تتمثل في التعبير عن استعداد تام في نقل خبرات إيران بمختلف المجالات وخاصة الاقتصادية والثقافية والصناعية والتجارية من أجل تطور وتنمية العراق. لكن نواياه الخبيثة انفضحت بابتلاع النظام الإٌيراني المسخ لجزيرة أم الرصاص العراقية في شط العرب في غضون زيارته المشؤومة. وأوضح انه على أي حال، ونحن نكتب عن الذكرى العاشرة لاحتلال العراق، ودخول القوات الأمريكية إلى بغداد في 9-4-2003. فإن الحُكم الطائفي الذي يقوده نوري المالكي منذ العام 2006 قد أوصل العراق إلى قاع التأخر والتخلف بمختلف المجالات والميادين. ناهيك بالكلام عن السجون والمعتقلات السرية والعلنية التي طالت مئات الآلاف من العراقيين.
وفي الختام، توجهنا بالسؤال إلى الأستاذ والباحث محمود بشاري الكعبي المتخصص بالشؤون الإيرانية في المنطقة، حيث قال إن غزو العراق كان خطأ تاريخياً وغير مبرر وغير مسوق قانوني، والمراد منه كان تحطيم البنية التحتية واستهداف العقل العراقي خدمة للمشروع الصفوي التوسعي على حساب الوطن العربي والأمة، وبالأخص منطقة الخليج العربي التي أصبحت الآن مهددة من قبل التوسع الإيراني، وقال هذا دليل بأن الأنظمة الحاكمة في قم وطهران لا تختلف في عدائها للمنطقة وكرهها للعرب والإنسان المسلم الحقيقي، ومهما تذرعوا باسم الإسلام والمحافظة عليه إلا أنهم لا يؤمنون حقيقة بهذا النهج ولكن مبدأهم الإمبراطورية الفارسية التوسعية، علما بأن الفرس هم قلة في الشعوب الإيرانية التي تنقسم إلى عدة قوميات ومذاهب.
الدكتور عبدالستار محمد علي
د. عماد الدين الجبوري
محمود بشاري الكعبي
د. عبدالعزيز بن عثمان بن صقر
د. نعمان النعيمي
د. عبدالرزاق الدليمي
الشيخ الدكتور حارث الضاري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.