الرياضة أصبحت صناعة في الوقت الحاضر، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة على الرياضيين، وهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها حديثاً أو منذ فترة. الوجه الرياضي الآخر لغير الرياضيين تقدمه "دنيا الرياضة" عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد. ضيفنا اليوم الأستاذ المساعد الدكتور أسامة بن عبدالرحمن النصار رئيس قسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة الملك سعود. الرياضة تجمع ولا تفرق والدليل نيلسون مانديلا * لماذا لا نسمع عن إقامة دورات إعلامية داخل مقرات الأندية تندرج ضمن أنشطة اللجان الثقافية، تكفل بزوغ جيل جديد يمتهن الإعلام على أسس ومفاهيم علمية؟. - يسعدنا أن نقوم بذلك فكل أعضاء هيئة التدريس وتحديداً بقسم الإعلام بجامعة الملك سعود شاركوا بمحاضرات في كافة الموضوعات التي يختصون فيها وفي العديد من الجهات وفي المجال الرياضي اقمنا ندوة حول الإعلام الرياضي بمشاركة زملائنا في القناة السعودية الرياضية وذلك من خلال برنامج المنصة وفي رحاب الجامعة والحمد لله هذا الجهد مازال يلقى تقدير واعجاب الكثيرين. * الإعلام الجديد انتشر سريعاً وبات مطلباً؛ برأيك لماذا؟. - لأنه لغة العصر وساهم بتعزيز دور المتلقي الذي من خلاله بات قادرا على المشاركة وإيصال صوته في ظل بيئة لم تعطه القدر الكافي للتعبير عن ما يريد. * نجاح الإعلام الجديد هل وراءه غياب الرقابة؟. الإعلام الرياضي مهم وحيوي والإعلام الجديد ينقصه التنظيم - أحد أهم أسباب نجاح هذا النوع من الإعلام هو قلة القيود التي قد تؤثر عليه ومنها الرقابة المباشرة، ولكن لا ننسى أن غياب التنظيم والوعي في الإعلام الجديد أيضاً أسهم الأضرار بالكثير في نفس الوقت. * كيف تقيم الإعلام الرياضي؟. - إعلام مهم وحيوي ومن أنجح أشكال الصحافة المتخصصة في المملكة ويتمتع بهامش طرح عالٍ وتخرج من خلاله زملاء مهنيون على مستوى مميز ويكفي أن من يترأس تحرير صحيفتكم وصحف أخرى هم ابناء الصحافة الرياضية، ولكن للأسف طرأ عليه مؤخرا بعض الشوائب مثل بعض مجالات الصحافة الأخرى بحكم المنافسة وكثرة الوسائل الإعلامية وتحديدا الفضائية والالكترونية وهذا الشيء أدى إلى تراجع في الجوانب المهنية وبروز ظاهرة التشجيع باسم ممارسة الصحافة الرياضية. قطر أكدت أن الرياضة أسرع وسيلة لإيصال أي رسالة * وهل طرحه يتماشى مع نظرتك للإعلام بالمفهوم العلمي؟. - الإعلام الرياضي طرح قضايا مهمة وساهم بتغيير أشياء كثيرة في المشهد الرياضي وأدى الأدوار التي يفترض أن تؤديها الصحافة إلى حد جيد، ولكن فيما يتعلق بأخلاقيات المهنة والمهنية للأسف ربما قل الاهتمام بها لدى البعض والدليل أن الجمهور قبل المختصين سئم من بعض الأطروحات والأعراف التي تحكم هذا النوع من الإعلام وبدأ يصنف هذا أو ذاك بأنه ينتمي إلى لون معين. لابد أن نعلم شيئا مهما وهو أن هناك جوانب تسويقية وعلمية أيضا تحكم الوسيلة الإعلامية في متابعة هذا النادي بشكل مكثف مقارنة بغيرة، ولكن هذا لا يعني أن تسقط المهنية في سبيل ذلك. ويجب هنا أيضا أن نفرق بين المحرر وكاتب الرأي والمسؤول حيث تقع المسؤولية الأكبر على المسؤول والمحرر الذي يفترض عليه الحياد التام في متابعته للمشهد الرياضي المحلي بينما كاتب الرأي هو مسؤول عن رأيه ويحكمها هنا سياسة الوسيلة الإعلامية والتي من وجهة نظري المسؤولة بالدرجة الأولى عن ضبط المهنية الصحفية والتي أيضا تحدد إذا كانت تريد طرح محللين ونقاد أم طرح مشجعين. * كثير هم من يصِفون الإعلام الرياضي بالمتعصب؛ أتوافق تلك النظرة؟. - بحكم بروز ظاهرة التشجيع في قلة من الوسائل الإعلامية، الإعلام الرياضي ربما أسهم إلى حد ما بالتعصب. ولكن يجب أن نعرف أن التعصب متواجد في ثقافتنا وفي جوانب مختلفة وليس في الرياضة فحسب. في انجلترا مثلاً يوجد تعصب بين مشجعي الأندية مثل مانشستر سيتي وجاره يوناتيد وبين ليدز يوناتيد وجاره شفيلد يوناتيد ولكن هذا التعصب يبقى بين المشجعين وليس في الإعلام رغم وجود عشرات الصحف والوسائل الأخرى في كل مدينة التي تراعي أدوارها وطرحها بشكل لا يثير التعصب إلى حد كبير. * برأيك متى يكون الإعلام الرياضي بيئة جاذبة؛ سيما وأن الأكاديميين في ذات التخصص مازالوا يرونه بالناقص؟ - لا أعتقد أن الإعلام الرياضي أصبح بيئة طاردة إلى هذا الحد، ولكن البيئة الهادئة والمتطورة تجتذب الإعلاميين الباحثين عن الإبداع. * دائماً ما ترمى التهم على الإعلام؛ في حالة تسجيل الإخفاق بالمشاركات الرياضية، هل هذا صحيح؟ - نؤمن بأن الإعلام بمقدوره التأثير، ولكن لدي إيمان أكبر بأن من يعرف قدراته ويوظفها بالشكل الصحيح ويعرف كذلك التعامل مع الإعلام ويقلل من تأثيراته السلبية إن وجدت لن يشرك الإعلام في إخفاقاته. * وعندما تحضر المشاركات الرياضية مجدداً يناشد المسؤول الإعلام بالوقفة معهم لرفع معنويات المشاركين؛ برأيك هل هذا تناقض من مسيرو الرياضة لدينا؟ - أكرر ما ذكرته سابقاً أن من يؤدي عمله بالشكل المطلوب سيجبر الإعلام على التفاعل معه بشكل ايجابي ولا يقاس على ذلك من يبحث عن الإثارة غير المستحبه. * أثبتت الأرقام والإحصائيات انخفاض الحوادث المرورية بدرجة كبيرة بعد تطبيق نظام "ساهر"، هل تقترح نظاماً مشابهاً لحل مشكلة التعصب الرياضي؟. - ساهر ساهم بانخفاض الحوادث ولم يمنعها، والحال ذاته ينطبق على التعصب الرياضي ولذلك من الصعب إيجاد حل جذري ولكن الأهم ألا يكون الإعلامي طرفاً أساسياً فيه. * في نظرك هل الرياضة تجمع أم تفرق؟ ولماذا؟. - أود أن استشهد بما قام فيه نيلسون مانديلا في التسعينات حينما استخدم الرياضة وبطولة العالم للركبي للتقريب بين "السود والبيض" في جنوب إفريقيا والتي حقق فيها المضيف لقب البطولة ونجح في ذلك، ولكن باختصار الرياضة وسيلة تقارب لمن يحترمها وعكس ذلك لمن يستهين بها. * وهل ترى أن الرياضة ثقافة وان كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟. - بلا شك ثقافة وهي تعكس سلوك من يمارسها ويتابعها. قبل أيام فريق برافورد سيتي لأول مرة يلعب نهائي كأس الاتحاد الانجليزي أمام سوانزي وخسر بالخمسة، ولكن لو شاهدت تشجيع أنصاره له وبعد هذه الخسارة الكبيرة لأيقنت أن هذا الاحترام وفكر التعامل مع الخسارة ما هو الا انعكاس لثقافة هذا المجتمع والمشجعين الذين يرون أن الرياضة تنافس شريف وصناعة وتسويق ولا يحتمل أكثر من ذلك. ولذلك أتمنى أن تحظى الرياضة بالاهتمام الذي تستحقه لأنها تعبر عن ثقافتنا وبإمكانها أن تساهم في تعزيز جوانب تربوية وسلوكية وخدمة للمجتمع. لا أبالغ إن قلت أن ملايين الناس عرفونا من خلال مشاركتنا بكأس العالم 94 وكونوا صورة ايجابية عن المملكة وعن أبنائها الذين لعبوا بتفاني ومستوى ملفت. * هل توافقني الرأي بأن أسرع وسيلة لإيصال أي رسالة كانت هي الرياضة دون غيرها وخاصة إذا كانت الرسالة موجهة للشباب؟ - الرياضة من أهم وسائل الترفيه وبجدارة ولذلك استخدامها لإيصال رسالة معينة بلاشك استخدام ذكي وفاعل ولاحظ كيف أن الشقيقة قطر تستخدم الرياضة للتسويق لها ولثقافتها ولثقافة المنطقة وتوجت ذلك بفوزها باستضافة أكبر وأهم حدث رياضي على مستوى العالم وهو كأس العالم 2022 الذي أتمنى لهم التوفيق في تنظيمه. * لماذا يطلق البعض مسمى الجلد المنفوخ على كرة القدم "استخفافا"ً بها ثم لا يلبث أن يطلق نيرانه في كل اتجاه بعد أي خسارة منتخب؟ - الرياضة ومنتخباتنا تعكس ثقافتنا وهي منتج حضاري يمثل حضارتنا فلا يجب الاستخفاف بها. * إلى متى ومنتخباتنا ترزح تحت "فكر إدارة الأزمات" ولماذا تحدث الأزمات أصلاً؟ - فكر ادارة الازمات يلازمنا بشكل دائم وفي كل شئ وليس في الرياضة فحسب، نجاح الرياضة تحتاج الى بيئة تتوفر فيها آليات النجاح ادارياً ومالياً وفنياً. * لو قيض لك أن تعمل في حقل الرياضة من أي أبوابها ستدخل؟ - أحب مجالي الاكاديمي والإعلامي وأن قدر لي أن أعمل في الرياضة أود ألا يبتعد كثيرا عن مجال اهتمامي. * لو تلقيت دعوة لحضور نهائي كأس العالم، هل ستحضر أم ستجير التذكرة لشخص آخر ومن هو؟. - سأجير التذكرة لمسؤول دائما ما يشكك بأهمية الرياضة وسوف اشتري تذكرة أخرى لي لأن الرياضة جزء مهم في حياتي. * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب؟. - آخر ملعب زرته هو ملاعب التدريب لفريق مانشستر سيتي وكنت أبحث فيها عن ياسر القحطاني لأداء مهمتي الصحفية عام 2008. * البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟. - لكل من جاء الى الاعلام الرياضي بهدف التشجيع. * ولمن توجه البطاقة الصفراء؟. - لكل من يتنازل من الزملاء الاعلاميين بشكل واضح عن المهنية ويبرر ذلك بأن هذا أو ذاك سبق وأن تنازل عنها. * ومن يستحق الميدالية الذهبية في نظرك؟. - الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله -. * لو عيناك مدرباً "وطلبنا منك تشكيل منتخب رياضي يتمثل فيه ابرز الشخصيات الأكاديمية" فمن ستختار لتمثيل هذا المنتخب؟. - رفيق دربي واخي في دراسة الماجستير والدكتوراه وحارس مرمى الهلال والمنتخب السابق الدكتور تركي العواد حارس مرمى - خط الدفاع الزملاء الدكاتره فهد الطياش عبداللطيف العوفي علي العنزي وعثمان العربي- وخط الوسط الزملاء عايض الحربي ورجاء الله السلمي والدكتور عبدالملك الشلهوب والدكتور معجب العدواني- وخط الهجوم الدكتور عبدالرحمن الخريجي والدكتور عبداللة الطويرقي. * بصراحة أي "الألوان" تراه سائداً في منزلك؟. - الأبيض. * ولأي من الأندية تدين الغلبة فيه؟. - مارست كرة القدم في الحواري وكرة السلة بنادي الشباب ولكن الغلبة تدين لأندية أخرى ومنها نادي الأرسنال الإنجليزي.