الرياضة أصبحت حاضراً صناعة لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها سواءً حديثاً أو منذ فترة طويلة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه "دنيا الرياضة" عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم وضيفنا اليوم كاتب واكاديمي وامين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات الدكتور فايز الشهري. * بكالوريوس علوم أمنية وبكالوريوس إعلام وماجستير في مصادر المعلومات الصحفية ودكتوراه في الصحافة الالكترونية وأستاذ جامعي وكاتب صحفي وسط هذه السيرة الذاتية الرائعة ألا يمكن أن نكتشف زاوية رياضية في حياتك؟ - في جنبات كلية الملك فهد الأمنية كانت الرياضة ممارسة يومية مع طلابي ولكن كهواية في برنامجي اليومي ظلّت حصص الدراسة طوال حياتي أهمّ من حصة الرياضة واليوم أحاول على الأقل الا اخسر (الروح الرياضية) في مواجهة مشاحنات البيروقراطية ومن يستمتعون بها. * في حوارك مع موقع ملتقى الطلاب السعوديين في بريطانيا ذكرت انك عملت دراسة لظاهرة استخدام الانترنت بصورة خاطئة ولكنك وأدتها بعد أن ظهرت النتائج الأولية.. كارثية على حد قولك.. فهل امتدت دراستك تلك للمنتديات الرياضية؟ ثقافتنا حولت الرياضة من مهنة إلى أسلوب معيشة - بدون دراسة أو بحث يمكن القول -من خلال الملاحظة- أن المنتديات الالكترونية الرياضية المحسوبة على بعض الأندية تعد أكبر منتج ومصدّر لثقافة التعصب والروح غير رياضية. * وهل يمكن ان تعطينا وجهاً من تلك الأوجه الكارثية؟ - يكفي أن تتصفّح مواقع مشجعي الأندية الكبار بعد كل فوز أو خسارة ولك أن تستفتي الشيخ "قوقل" ليفتيك عن أكثر العبارات والكلمات الرياضية تكرارا باللغة العربية. * في ذات الحوار أكدت على أن المبتعث السعودي في الخارج المشبع بالطموح يواجه حين يعود ب "تسونامي" من المثبطات والاحباطات لماذا في نظرك يحدث ذلك؟ ومتى نرى مبتعثين رياضيين يعودون ليطوروا رياضتنا؟ - المبتعث العربي في بلاد الغرب يجد الوقت الكبير للبحث والتأمل وهذا ما يجعل (لماذا)، (وكيف) تكبر في رأسه؟ وحينما يعود محملا باالآمال تستقبله قبائل "اين" و"ماذا" و"من" واخواتها ليضيع مع بقية علامات الاستفهام في زحام الأسئلة؟ أما سؤالك عن المبتعثين الرياضيين فبكل اسف معظمهم يعودون للبحث عن المناصب لأن الرياضة في ثقافتنا الاجتماعية أسلوب معيشة أكثر منها مهنة. * تحدثت في أحد مقالاتك قبل أشهر عن الدوحة بإعجاب شديد فما الذي يمكن أن تضيفه بعد فوزها بتنظيم كاس العالم 2022م؟ اعجاب شديد.. مسألة فيها نظر.. لو قلت رؤية ايجابية واقعية قلت لك نعم.. (وبعدين) أنا كتبت ما كتبت قبل فوز الدوحة بتنظيم كأس العالم.. احسبها لي يا أخي فقد تحقق بعض ما قلت. * لماذا في رأيك دفنت تراشقات مسؤولي أندية كرة القدم الروح الرياضية؟ وهل ذلك يعني أن الروح الرياضية ماتت في نظرك؟ - سامحك الله "يا عبدالوهاب".. الروح الرياضية لم تمت.. اتدري لماذا لانها لم تولد بعد.. ونحن منذ أن كنّا صغارا ومعرفتنا ببعض الأندية لا تأتي الا من خلال تراشقات مسؤوليها وعباراتهم النارية لا من خلال الانجازات. * بعد العبارة الشهيرة "لا.. للمخدرات" لم نرَ تعاوناً بين اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والهيئات الرياضية لماذا؟ - التعاون موجود، اما النتائج فلا تختلف عن نتائجنا الرياضية في المحافل الدولية.. نحن لم نؤدي المهمة كما ينبغي والاندية الرياضية لم تعترف بعد أنها مقصرة في مسؤوليتها الاجتماعية. ما زلت العضو الوحيد في جمعية مكافحة كرة القدم * قلت ذات حوار أن الخصوصية السعودية تقف حاجزاً أمام تطور الرياضة كيف يحدث ذلك؟ - لا تنس يا عزيزي أن (الفن والرياضة) في الذهنية المحلية ما زالت تعد في باب الذنوب التي تستوجب التوبة. * في حوار سابق لك طرحت بنفسك سؤالاً عاماً اسمح لي أن أستعيره في الرياضة لتجيب عليه بنفسك أيضا وهو "هل الروح الغاضبة والناقدة في الوسط الرياضي سبباً أم نتيجة لما نحن عليه في كافة المستويات"؟ - بل أرى مصيبة التصنيف مشكلتنا الأبرز ولذلك تجد رياح التصنيف حين هبت هبوبها اجتاحت كل شيء وقد لاحظنا في الرياضة أنها كانت في حدود الملاعب ثم انتقلت الى المدرجات وبعدها الى الاعلام والمجتمع وقس على ذلك ولك أن ترى هنا تلازم السبب والنتيجة. * عطفاً على تجربتك في تأسيس وادارة بعض الصحف الالكترونية هل ترى الضوء في آخر النفق التي تسير فيه الصحف الرياضية الالكترونية التي ملأت جنبات الانترنت؟ - الصحافة الالكترونية هي عنوان العقد المقبل اما الصحافة الرياضية فهي لوحدها قصة.. في الصحافة الورقية كانت الصحافة الرياضية دائما خفيفة الروح متمردة على الرقابة ولهذا وجدنا الصحافة الرياضية على الانترنت أجرا واسرع من يد نشال لأخبار وأسرار ما وراء الكواليس. * إذا كان مؤشر تطور المجتمع في نظرك كما قلت في لقاء صحفي قديم هو أن تكون "صالة العائلة" في البيت أهم من "مجلس الرجال" و"المقلط" فما هو مؤشر تطور الرياضة؟ - ربما يكون من مؤشرات تطور الرياضة ان تكون أندية الحي والمدرسة والكلية هي من تخرّج المواهب الرياضية لا أن تترك المهمة للشوارع والأرصفة وملاعب الحواري في الأراضي الفضاء والحارات الشعبية. * كثيراً ما تستشهد بالأندية الاجتماعية في بريطانيا وأهميتها كرابطة اجتماعية وثقافية فلماذا لا نجد في الإحياء السعودية مثل تلك الأندية في ظل غياب الأنشطة الاجتماعية والثقافية عن الأندية الرياضية الرسمية؟ - لاتسألني فلن أكون محايدا هنا.. اتدري لماذا؟ لأني رئيس ومؤسس جمعية مكافحة كرة القدم منذ عام 1408ه.. وبالطبع لا زلت العضو الوحيد المنتسب لهذه الجمعية التي لم يعترف بها أحد.. يا سيدي لقد اختزلنا كل شيء في كرة القدم. * لكي نتلمس عناصر التشويق في الدوري السعودي لابد لنا أن نزحزح الدوري السعودي عن الأطر التي تعودنا على النظر إليه من خلالها هل توافقني على تلك المقولة ؟ وما هي من وجهة نظرك الأطر التي ساهمت في إيقاف تطور الكرة السعودية؟ - لا يمكن ان يتطور الدوري ولا الكرة السعودية الا بتغير المفهوم والرؤية.. الا تلاحظ أننا لا نتحدث ولا نحاسب الا على الكرة.. والدوري.. وفي سؤالك بعض جوانب الاشكالية أرايت كيف لم تسألني عن تطور الرياضة.. بل الدوري والكرة. * في أمريكا المتطورة علميا وثقافيا تعتمد الرياضة بأنواعها بشكل رئيسي على الجامعات بينما يعاني الرياضي الجامعي لدينا من شبح الحرمان والفصل لو حدث أن غاب عن بعض المحاضرات لمشاركته في بطولة ما ترى أين يكمن الفرق ؟ وما هي الطريقة الأصح بيننا وبينهم ؟ - يا رجل كم لاعب لدينا يخرج من الكلية او يعود اليها من ناديه.. لنكن واقعيين.. ولو كان لدينا رياضيون أكثر في الصفوف الجامعية لكانت رياضتنا السعودية بألف خير. النساء هن أكثر فئات المجتمع ممارسة للرياضة * هل يمكن أن تندرج النظرة القاصرة للرياضة تحت عنوان كتاب المفكر إبراهيم البليهي (وأد مقومات الإبداع)؟ - في العموم نعم.. ولكن النظرة القاصرة للرياضة ربما يكون من أسبابها أن بعض المحسوبين على المجال الرياضي وتحديدا كرة القدم ساهموا في تكريس مفاهيم وممارسات لم تجعلهم "قدوة صالحة" في مجتمع محافظ. * يقولون إن حرية الكتابة في المجال الرياضي أكبر منها في الشؤون الأخرى إلى أي مدى تقنعك هذه المقولة؟ - وهنا الاشكالية.. نعرف أن المجال الرياضي تمتع بأكبر قدر من الحرية .. فهل انعكس ذلك على التطوير والابداع ام انها كانت حرية التعصب والشتيمة * لماذا يطلق البعض مسمى الجلد المنفوخ على كرة القدم استخفافا بها ثم لا يلبث أن يطلق نيرانه في كل اتجاه بعد أي خسارة للمنتخب؟ - في مسألة فوز وخسارة المنتخب الموضوع يتجاوز الجلد المنفوخ ... هي مسألة وطن وكرامة.. ولذلك فان أي خسارة للمنتخب تعد اخفاقا وطنيا مؤثرا مثل أي اخفاق اقتصادي او سياسي يستحق النقد واطلاق النيران على حد تعبيرك. * أثبتت الأرقام والإحصائيات انخفاض الحوادث المرورية بدرجة كبيرة بعد تطبيق نظام ساهر هل تقترح نظاما مشابها لحل مشكلة التعصب الرياضي؟ - يا أخي بعض شبابنا ينطلقون ذهابا وايابا امام كاميرات "ساهر" وكأنهم في حفلة التقاط صور، اما التعصب الرياضي فهو مثل بعض اشكال التطرف "ضارب" في الجذور ولن تحله كل انظمة الحاسب الآلي المتطورة.. * بين مؤيدي الرياضة النسائية ورافضيها أين تقف ؟ - صدقني أن النساء اكثر فئات المجتمع ممارسة للرياضة.. الا ترى الفرق النسائية من جميع الأعمار وهي تذرع الأسواق والمجمعات التجارية صباح مساء ... بلا كلل ..أو ملل. يا عبدالوهاب يوجد في مدننا ثلاثة مجمعات تجارية مقابل كل امرأة. * أين اختبأ قلمك عن هموم الرياضة؟ - من دون صهيون بذتنا صهاينا * لو تلقيت دعوة لحضور نهائي كأس العالم هل ستحضر أو تجير التذكرة لشخص آخر ومن هو؟ - تلقيت الدعوة وحضرت مرة وكنت برفقة شخصية كريمة من بلادي (وبكل اهتمام) غلبني النوم في الفندق في المباراة النهائية ولم أعد سوى ببعض تذكارات أكرمني بها من حضروا المباراة النهائية * بوصلتك الرياضية إلى أين تتجه عالمياً؟ - كنت في شيفيلد البريطانية اتعاطف مع "مانشتر يونايتد" وارفع علمه فقط لأغيض مشجعي "شيفيلد ونزدي" الذين كانوا يجتمعون بشكل مستفز أمام "حانوت" قريب من منزلي. * بين القمر والشمس هل هناك ثمة مكان لميولك؟ - بين القمر والشمس هناك فضاء كبير من الأمنيات لوطني... منها أن تتسع ميادين رياضة الحوار وأن يكثر عدد المنتسبين لنادي "وطني اولا" بلا تصنيف او تخوين. * لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ - للصديق العزيز "تركي بن طلال" حيث الرياضة بمفهومها الصحيح وللزميلين العزيزين خالد الزيد ، والدكتور عبد الرحمن القحطاني لأنهما الوحيدين اللذين يضحكان ولا يستغربان سؤالي عن عبثية تواجد سبعين الف شخص لمشاهدة 22 لاعبا يتعاركون على "جلد منفوخ" على حد تعبيرك. * هل سبق وأن أقدمت على عمل وكانت النتيجة تسلل بلغة كرة القدم؟ - اذا رضي عني الزميلين بجريدة الرياض "محمد البهلال" "ومحمد المخلفي" قالوا بأن مقالاتي تمثل "رأس حربة" صفحة "تقنية المعلومات" واذا سخطوا قالوا بأن اهدافي كلها تسلل وغالبا لا يفك الاشتباك الا توجيه "الحكم" تركي السديري او تلطيف نائبه الدكتور عبدالمحسن الداوود. * شكل لنا منتخباً من الأكاديميين فربما واجهنا البرازيل في نهائي كأس العالم يوما ما؟ - ارشح معالي الدكتور عبدالله العثمان لاختيار (نخبة) التشكيلة (الوطنية) لتمتعه بصفتين مهمتين وهما: الرؤية والتحدي وسننافس بهذا المنتخب اعتى منتخبات العالم حتى في كرة القدم. * متى كانت آخر زيارة لك للملاعب السعودية؟ - في الموسم الماضي كنت في المنصة مدعوا وحضرت "مرغما" بالحاح وصحبة ابني "عبدالله" عاشق الهلال الملتزم و"عمر" الذي يعاقب الهلال في كل مرة يخسر مباراة بتشجيع خصمه ثم يعود هلاليا مع أول فوز قادم. * البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ - في وجه من يتفنن في نثر عراقيل البيروقراطية امام أي تطوير ويصنع من فشل ادارته أنظمة ادارية لتعطيل الآخرين. * ولمن توجه البطاقة الصفراء؟ - في وجه كل من يرى المنافسة تحديا لا محفزا له * إن قيض لك اقتحام المجال الرياضي ما الأمر الذي تحسب له ألف حساب؟ - الصحافة الرياضية ذات الألوان الرياضية العجيبة التي تسبق اللون الأخضر. * أي الألوان تراه يشكل الغالبية السائدة في منزلك ؟ - بيتي يستفيد كثيرا من صفاء الفضاء الأبيض وزرقة السماء الرائعة. * وهل ترى بأن الرياضة ثقافة وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ - كنت سأجاملك واقول نعم.. ولكن بأي وجه بعدها اقابل المثقف الشاعر "سعد الحميدين" بعد أن نقلت كفالتي الفكرية اليه. * لأي الأندية تدين الغلبة في منزلك؟ - لم يترك نادي معجبي "محمد" ذي الخمسة اشهر للرياضيين فرصة للتمتع بتشجيع انديتهم في المنزل. * العقل السليم في الجسم السليم عبارة نشأنا عليها رغم خطأها فكم من شخصية عبقرية شهيرة لا تملك جسداً سليما باختصار نريد منك ككاتب عبارة لجيل المستقبل؟ اقول بلا تردد ياشباب وطني (تتحقق الأهداف بالعلم والعمل.. لا بالتمني والأمل).