الرياضة أصبحت حاضراً صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة على الرياضيين، هناك آخرون ليسوا بالوسط الرياضي وأصحاب مسئوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها حديثاً أو منذ فترة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه "دنيا الرياضة" عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد. وضيفنا اليوم هو مدير جامعة الملك خالد بأبها الدكتور عبدالرحمن بن حمد الداود. التعصب مثل «سوسة النخل».. والحد من الظواهر والتقليعات الغربية مسؤولية الجميع * الظواهر والتقليعات الغربية التي بدأت تكثر في مجتمعناً وتحديداً بين اللاعبين السعوديين هل تدخل دراستها ضمن نطاق عملكم؟. - الجامعات لها دور كبير في تعليم الشباب وتثقيفهم وتوجيههم ورفع مستوى المهارات لديهم وتنمية تفكيرهم نحو الابداع والتميز، فمن خلال عماداتها المتخصصة ووحداتها المختلفة مثل عمادة شؤون الطلاب والمركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم المستمر، ومراكز الموهبة والابداع وغيرها، تسعى وباستمرار الى توجيه الشباب نحو ما ينفعهم خدمة لدينهم ووطنهم وولاة أمرهم. ولا يمكن ان تقتصر توعية وتوجيه الشباب على جهة معينة فالاستاذ في محاضرته والمسؤول من خلال عمله والوحدة في برامجها وانشطتها وخططها ينبغي لهم جميعها أن يضعوا الشباب نصب أعينهم بتوجيههم وتحذيرهم من الظواهر والتقليعات الغربية الدخيلة على ديننا وعاداتنا وتقاليدنا كمسلمين، والأخطر من ذلك ما يتعلق بالأمن الفكري الذي أصبح من اهم المجالات التي ينبغي الاهتمام بها في برامجنا ومناشطنا، ومن الأقسام التي تعنى بشكل رئيس بمثل هذه الدراسات التي لها دور كبير في حل كثير من المشاكل التي تواجه شبابنا وشاباتنا على وجه التحديد قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية وأقسام التربية. * وبصفتك مسؤولا في إحدى أكبر الجامعات السعودية كيف تقيم إقبال الشباب السعودي على الرياضة؟ - الشباب السعودي اصبح واعيا ومدركا لكثير من الأمور التي تواجهه في حياته، وارتفع مستوى الثقافة لديهم خاصة فيما يتصل بالرياضة، لكثرة البرامج الاذاعية والتلفزيونية وما ينشر في الوسائل المقروءة وما تحتويه من حوارات ومجالس للنقاش والتداول وطرح وجهات نظر مختلفة ومتباينة، خاصة من المهتمين والممارسين، والمتابعين. كل ذلك جعل الشاب السعودي يهتم بالرياضة واصبحت تشكل جزءا كبيرا من اهتماماته وهواياته، إلا أن ذلك مع الأسف انحصر في لعبة واحدة هي كرة القدم، مع أهمية باقي الألعاب الأخرى التي لا تقل فائدة واهمية، لما لها من مردودات صحية ونفسية تعود عليه كفرد في المجتمع ولما لها من أهمية في فائدتها على بلده وسمعته في المحافل الاقليمية والدولية. * وهل ترى في ذلك ظاهرة صحية أم لا؟ - أرى في ذلك ظاهرة صحية من حيث الرياضة ليست فقط للترفيه والصحة بل أن تكون إذا حسن استخدامها وسيلة تثقيف لبث كثير من الرسائل الارشادية والتوعوية للشباب، التي يمكن ان يكون لها اثر ايجابي في حياتهم وعلى مجتمعهم. * وهل يمكن للجامعات أن تضع برامج تساهم في تطوير الرياضة؟ - الجامعات في مختلف دول العالم تقوم بدور هام في مجال تطوير الرياضة سواء بالابحاث والدراسات او الاهتمام بها من خلال تشكيل اللجان والفرق المختلفة، والجامعات السعودية ليست ببعيدة عنها فقد اهتمت بالمجال الرياضي وبالالعاب المختلفة من خلال المناشط والبرامج التي تخطط لها وتعمل عليها عمادات شؤون الطلاب. * في أمريكا المتطورة علمياً وثقافياً تعتمد الرياضة بأنواعها بشكل رئيسي على الجامعات بينما يعاني الرياضي الجامعي لدينا من شبح الحرمان والفصل لو حدث أن غاب عن بعض المحاضرات لمشاركته في بطولة ما.. ترى أين يكمن الفرق؟ وما الطريقة الأصح بيننا وبينهم؟ - هي تتوقف على الثقافة، والقناعة بأهمية الرياضة وممارستها والاهتمام بها من جميع الاطراف سواء من المسؤول او عضو هيئة التدريس او الممارس لها وهو الطالب المعني بها هنا. ولكن ما اعرفه ان هناك توجيها ساميا كريما يسمح للمشاركين من الطلاب او الموظفين بالتغيب واحتساب ذلك غياب بعذر. * أين الرياضة الجامعية من المشهد الرياضي؟ - الرياضة الجامعية حاضرة دائما ولا أدل على ذلك ما انشيء مؤخرا من اتحاد رياضي يعنى بالرياضة الجامعية تحت اسم (الاتحاد الرياضي للجامعات السعودية). * هل يمكن أن تتبنى جامعتكم كرسياً بحثياً للرياضة؟ - الجامعة ترحب بإنشاء أي كرسي يتفق مع خططها ويحقق تطلعاتها تجاه خدمة اهدافها التي بلا شك تنعكس ايجابا في خدمة الوطن وتنميته ما يحقق تطلعات قادتنا وشعب هذا الوطن الغالي. وليس هناك ما يمنع من ان تتبنى الجامعة كرسيا بحثيا في مجال الرياضة. * في نظرك هل تحتاج رياضتنا إلى تقنية النانو أو أخرى شبيهة حتى تعود منتخباتنا لتحقيق الانجازات؟ - قد لا نحتاج الى دقة النانو كثر ما نحتاج الى عقول واعية تفكر بدقة عالية بعيدا عن التعصب والشخصنة. فلو ان كل منتم للمجال الرياضي يفكر في وطنه ورفعته وسمعته، لجعل كل خطوة وتصرف يقدم عليه في صالح منتخبات بلاده، ومن ثم سنعكس ذلك على نجاحات كبيرة لا يمكن ان نتوقعها. * ولماذا لا يكون هناك اتحاد للرياضة الجامعية؟ - ذكرت لك سابقا أن هناك اتحادا رياضيا للجامعات باسم (الاتحاد الرياضي للجامعات السعودية) يرأس مجلس إدارته معالي وزير التعليم العالي الاستاذ الدكتور خالد بن محمد العنقري، وينوب عنه معالي نائب وزير التعليم العالي الاستاذ الدكتور احمد بن محمد السيف، ويضم في عضويته مجموعة من مديري الجامعات وامين مجلس التعليم العالي ووكلاء وزارة التعليم العالي. * ألا ترى أن على اللاعبين السعوديين وبخاصة الدوليين منهم مهمة إبراز عظمة الإسلام من خلال أفكار جديدة تعتمد على دراسات مقننة يمدون بها، وبالتالي يكسبونها زملاءهم اللاعبين المحترفين الأجانب وحتى جماهيرهم وربما من يواجهون من الفرق الأجنبية سواء مع منتخباتهم أو حتى مع أنديتهم؟ - اللاعب السعودي ولله الحمد يتمتع بثقافة اسلامية عالية لكونه يعيش على ارض هذا الوطن الغالي الذي يحتضن الحرمين الشريفين ويضم عددا كبيرا من العلماء والمشايخ القادرين على نشر تعاليم الاسلام بوسطية واعتدال، وقد سمعنا عن كثير من القصص التي ادت الى دخول كثير من اللاعبين الاجانب في الاسلام لما يشاهدونه من تصرفات وافعال حسنة من أقرانهم المسلمين قبل ان يسمعوا عن سماحة هذا الدين العظيم. ولا شك ان على اللاعب السعودي لكونه ينتمي لهذا الوطن الغالي ولكونه قبل كل شيء مسلما يجب عليه ان يبلغ تعاليم الدين الاسلامي وسماحته وأن يعكس في أفعاله وتصرفاته ما يمليه عليه دينه، وسمعة وطنه. * وهل ترى أن الرياضة ثقافة، وان كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ - نعم الرياضة ثقافة بشرط ألا تنحصر في لعبة واحدة مثل كرة القدم، فيمكن أن نُفعل الرياضة بشتى انواعها ونوظفها في رفع مستوى الثقافة لدى النشء، فمثلا ممكن نشر سماحة هذا الدين العظيم من خلال الرياضة، ويمكن نشر ثقافتنا وقيمنا ومعاملاتنا المنبثقة من سماحة ديننا من خلال الرياضة، ويمكن أن ندعو غير المسلمين لاعتناق الإسلام من خلال الرياضة، فباختصار الرياضة وسيلة وليست غاية يمكن الاستفادة منها في أمور كثيرة. * في نظرك هل الرياضة تجمع أم تفرق؟ ولماذا؟. - طبعا تجمع ولا تفرق، ولكن بشرط أن يكون لدينا فكر واع ومدرك لا بعاد الانتماء والتشجيع بعيدا عن التعصب غير المنطقي، الذي قد يقوده الى ان يخسر اقرب الناس اليه، وهذا للاسف موجود كما نسمع من قصص مأساوية تحدث في كثير من المجتمعات لكن ارى ان تلك التصرفات هي في محيط ضيق وحالات شاذة، يجب علينا الا نعطيها اكبر مما تستحق، واتمنى من الوسط الرياضي وخاصة الاعلاميين ان يدرك ويعي أن الكلمة التي يكتبها او ينطقها او ردت الفعل التي تصدر منه ليست ملكه بل وصلت لمن تلقاها من صغير او كبير بخيرها وشرها. * كيف تقرأ الرسائل السامية التي تقدمها الجماهير والأندية من خلال اللوحات في المدرجات أو الإعلانات على قمصان اللاعبين وغيره؟. - اقرؤها بأن لدينا وعي ومؤشر لثقافة عالية يتمتع بها الجمهور السعودي، وهذا مبشر بخير حيث ان انعكاس ذلك ليس على الجمهور الحاضر او اللاعبين في الملعب بل تتعدى آثاره الايجابية إلى من يجلسون خلف ملايين الشاشات في منازلهم وغيرها، ويمكن ان ننظر الى انها رسالة سامية لمن هم خارج هذا الوطن الغالي، تعكس رقي المواطن والشاب السعودي على وجه التحديد. * أيهما أقرب لطبيعة عملكم في المركز خط الهجوم في كرة القدم أم خط الدفاع؟. - لا هذا ولا ذاك، أرى وأنا بعيد عن فنيات وخطط كرة القدم أن موقعنا في الوسط. * هل توافقني الرأي بأن أسرع وسيلة لإيصال أي رسالة كانت هي الرياضة من دون غيرها وخاصة إذا كانت الرسالة موجهة للشباب؟. - من فنون الاتصال ان تبحث عن الوسيلة التي تختصر عليك الوقت، وفي الوقت ذاته التي تحقق من خلالها التأثير، فلو نظرنا الى الوسيلة الأهم لدى شبابنا في الوقت الحاضر لوجدنا الرياضة من أهم الوسائل، ودليل ذلك ما نسمعه ونقرؤه أن هناك ملايين الريالات تنفق في هذا المجال من قبل القطاع الخاص، ونعرف جميعا ان أي قطاع خاص لا يمكن ان يصرف ريالا واحدا الا ويعرف انه سيجني منه اكثر من ريال. * لماذا يطلق بعضهم اسم الجلد المنفوخ على كرة القدم "استخفافا"ً بها ثم لا يلبث أن يطلق نيرانه في كل اتجاه بعد أي خسارة منتخب؟. - لا اتصور ان شخصا يفكر بعقل ومنطقية ان يقول ذلك، الا انها قد تصدر من اناس قلة بعيدين كل البعد عن مجالات الرياضة، وثقافتهم قد تصل الى اقل من صفر في ذلك. ويمكن ان نلتمس له العذر عندما يغضب لخسارة منتخب وطنه لأن منطلقه في ذلك محبته وانتمائة لهذا الوطن الغالي. * أثبتت الأرقام والإحصائيات انخفاض الحوادث المرورية بدرجة كبيرة بعد تطبيق نظام "ساهر" هل تقترح نظاما (مشابها) لحل مشكلة التعصب الرياضي؟. - التعصب الرياضي أراه مثل سوسة النخل التي تفتك وتنخر في ذلك الجذع وتتلفه مع متانته وقوته، فمهما وصلنا الى تقدم في المجال الرياضي ولدينا تعصب اعمى سوف نخسر شيئا كثيرا، ونفقد جهودا بشرية ومادية لا حصر لها. * إلى متى ومنتخباتنا ترزح تحت "فكر إدارة الأزمات" ولماذا تحدث الأزمات أصلاً؟. - فكر ادارة الازمات علم ندرسه طلابنا في تخصص الادارة، وينبغي على كل اداري كبير او صغير ان يعرف ما المقصود بادارة الازمات ومتى يطبق هذا الاسلوب ولكن المهم ألا تكون مواقفنا دائما تدار بفكر ادارة الازمات فهذا يدل على وجود خلل يجب ان يقييم ويقوم بالتصحيح والتطوير. * لو تلقيت دعوة لحضور نهائي كأس العالم، هل ستحضر أم ستجير التذكرة لشخص آخر ومن هو؟. - أكون صريحا معك ليس من اهتمامي حضور مباراة في الملاعب الرياضية، ولكن بلا شك ساجعلها حافزا لاحد ابنائي عندما يحقق أمرا مميزا في حياته يتميز به عن اخوانه. * البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟. - كل متعصب. * ولمن توجه البطاقة الصفراء؟. - لمن يحرض على التعصب. * ومن يستحق الميدالية الذهبية في نظرك؟ - من يحترم آراء الاخرين. * لو قيض لك أن تعمل في حقل الرياضة من أي أبوابها ستدخل؟. - من باب الادارة والتخطيط. * بصراحة أي "الألوان" تراه سائداً في منزلك؟. - البني * ولأي من الأندية تدين الغلبة فيه؟. - لا اعلم!