عقد أمس الاول في بروكسيل اجتماع عاجل بين المفوضية الأوروبية ووزراء دول الاتحاد الأوروبي الذين يعنون بسلامة الأغذية. وخصص الاجتماع للبحث في ملف الفضيحة التي كشف عنها في الأيام الأخيرة في بريطانيا والتي تأكد من خلال وقائعها أن وجبات شبه جاهزة من لحم البقر المفروم سوقت مؤخرا في المحلات التجارية تحتوي على لحم الحصان بنسبة تصل أحيانا إلى ستين في المائة من مكونات هذه الوجبات التي تعرض على المستهلك كما لو كانت تحتوي على لحوم البقر لا غير. ويتضح من خلال التحقيقات الأولية التي أجريت حول هذه الفضيحة أن الوجبات المغشوشة وزعت أو صنعت في عدة بلدان أوروبية وأن الأطراف التي قد تكون مورطة في الغش في قضية الحال تنتمي إلى تسعة بلدان منها رومانيا وفرنسا والسويد وهولندا ولوكسومبورغ. وقد عمدت المحلات التجارية الكبرى في عدة بلدان أوروبية إلى سحب وجبات كثيرة شبه جاهزة مكونة أساسا من لحم البقر المفروم في انتظار الكشف عن التحقيقات التي تجرى حاليا حول الفضيحة الجديدة التي تعيد إلى ذاكرة المستهلكين في أوروبا فضائح أخرى سابقة من أهمها تلك التي كانت تتعلق بتسويق لحوم البقر المجنون والدجاج المحتوي على مادة الديوكسين وزيت الزيت المغشوش. وقد أكد مسؤولو عدة منظمات أهلية فرنسية تعنى بالدفاع عن المستهلك في تصريحات خاصة ل"الرياض" أن الفضيحة الجديدة تكشف عجز المؤسسات الوطنية والأوروبية التي تعنى بمراقبة سلامة الأغذية عن تطبيق القواعد التي وضعت منذ قرابة عقدين وأهمها ما يسمى قاعدة "التتبع". وترمي هذه القاعدة إلى مراقبة مسار المنتجات الغذائية عبر مختلف مراحله أي انطلاقا من عملية الإنتاج ومرورا بإعداد الأطعمة وحفظها ونقلها وتوزيعها ووصولا بها إلى سلة المستهلك. وكانت المفوضية الأوروبية قد توصلت مع دول الاتحاد الأوروبي إلى وضع علامة تؤكد أن هذا المنتج أو ذاك مصنوع في الاتحاد الأوروبي. وهذه العلامة تضمن بالتالي سلامة المنتج من الناحية الصحية. ولكن فضيحة لحوم البقر التي دس فيها لحم الحصان تثبت أن الاتحاد الأوروبي غير ملتزم بتنفيذ القواعد التي يضعها. واللافت في ردود فعل منظمات الدفاع عن المستهلك بشأن هذه الفضيحة أنها تستنكر عملية تقديم الفضيحة كما لو كانت تندرج في إطار الغش الذي يراد من ورائه الكسب غير المشروع والحال أن الجانب الصحي فيه هام جدا باعتبار أن أدوية ومنشطات تحقن في الحصان تشكل خطرا جسيما على الصحة البشرية ومنها مثلا مادة " الفينيلبوتازون". منظمات المستهلكين يقظة وما يقلق منظمات المستهلكين أيضا أن دول الاتحاد الأوروبي كانت قد كلفت أجهزة مستقلة بمراقبة سلامة الأغذية. ولكنها سمحت في ما بعد إلى المنتجين ومعدي الأغذية داخل الاتحاد الأوروبي بالإشراف على جزء هام من عملية المراقبة. وفي ذلك خطأ لأنه لا يمكن لطرف ينبغي أن يراقب عمله من أطراف مستقلة أن يتولى بنفسه عملية المراقبة لأن هذه المنهجية تفتح الباب أمام الغش. وينصح الناشطون في منظمات الدفاع عن المستهلك بمقاطعة أي منتج تحوم حوله شكوك لمدة طويلة في البلدان التي يصنع فيه هذا المنتج أو يصدر إليها. ومثل هذا السلوك من شأنه إلحاق خسائر مالية هامة بكل الأطراف المسئولة عن مسار المنتج من الضيعة إلى صحن المستهلك وحملها في نهاية المطاف على الحد من عمليات الغش.