تكمن الذات بالنفس البشرية، وجوهرها الضمير وهو باطن الإنسان بشقيه العقلاني واللا عقلاني فبالذات يرتفع الإنسان إلى مرتبة العز والشرف، وبها قد يهوي الإنسان عن مكارم الأخلاق، قال الله تعالى: (فألهمها فجورها وتقواها) الشمس (الآية 8)، أي معصيتها وطاعتها بين طريقي الخير والشر. والذات شأنها عند الخالق تبارك وتعالى شأن عظيم حيث أقسم الله بها وشدد على ضرورة التعامل معها بإنسانية وعقلانية، قال تعالى (ونفس وما سواها) الشمس (الآية 7)، أي خلقها سوية مستقيمة على الفطرة القويمة فعلينا الحفاظ عليها واحترامها بحيث تكون الذات مثالية لها دور فعال في حياة الإنسان السوي. قال الله تعالى: ( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله الروم (الآية 30) والذات الإنسانية أمارة بالسوء ، قال الله تعالى : ( وما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم ) . يوسف ( الآية 53 )، فقد تسعى النفس إلى الإساءة لصاحبها ولغيره من خلال الحرص على إدراك اللذات لذاته وقد تمدح الإنسان بما ليس فيه وهذا يعني الغرور والأنانية تجاه الآخرين . إن حب الذات دون كبرياء أمر حميد لا ينازع فيه لوقايتها من المخاطر والأهواء والابتعاد عن سيء القول والعمل، وحب الآخرين كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " هذا نداء لصاحب الذات ، كن جلداً للخوض في غمار الحياة والمعرفة بشتى أنواعها والتي تقودك دائماً إلى حسن التعامل مع غيرك والعمل به، مثل اتباع العفو عمن ظلمك بالصفح الجميل والإحسان والمساعدة فيما يحتاجه الغير في شتى أمور الحياة متى استطعت إلى ذلك سبيلا، وعليك بالابتعاد عن سفاسف الأمور مثل الحسد والحقد والبغضاء فكل هذه الأمور أنانية محضة متأصلة في صنف من البشر والتي لها دورها السلبي البارز في المجتمع، ويجب علينا جميعاً التكاتف للقضاء على هذه الخصلة السيئة التي تسبب العداء بين الناس، كما يجب علينا أن نعتاد على أن ما نحبه لأنفسنا يجب أن نحبه لغيرنا. فالأنانية هي الفردية الشرسة، وحب التملك والغيرة الجنونية التي تدفع الإنسان إلى إرادة السيطرة، ويندرج من الأنانية أمور منها الاعتماد على الغير وإراحة النفس والصعود على أكتاف الناس بضمير ميت وبدون مبالاة كما أنها رغبة الاستحواذ على حاجاتهم وتريده فقط لنفسها وتحرمه على غيرها ومن الأنانية أيضاً عدم الشعور بالآخرين والتقليل من شأنهم دائماً، فالإنسان الأناني دائماً شخص مستقل قليل الصحبة يريد الأخذ فقط وغير قابل للبذل والعطاء ، ويصعب التعامل معه. وأخيراً عزيزي القارئ الكريم لا تكن ثقتك بنفسك متدنية حتى لا ينتابك الشعور بالنقص، ولا تكن عالية حتى لا تدخل في دائرة التكبر والتغطرس، بل اجعلها في أجمل حالاتها وهي الوسطية دائماً، فما أجمل أن تكون واثقاً من نفسك محباً لها، وفي الوقت نفسه محباً لغيرك، فطاعتك لذاتك والمضي خلف أهوائك والتعنت لن يجلب لك سوى العزلة والغربة، فلا تكن غريباً في مجتمعك وتخلص من أنانيتك حتى لا تقضي عليك عزلتك. والله من وراء القصد.. إضاءة : " الإنسان يكسب بذاته المثالية في الخير وود الخالق والمخلوق " * معهد الإدارة العامة بالرياض